تنعقد اليوم (الاثنين 30 أكتوبر) في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الجلسة الثانية من محاكمة المتهمين بقتل عبد اللطيف مرداس، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري، رميا بالرصاص، وهي المحاكمة التي سمحت برفع سرية التحقيق، فظهرت تفاصيل جديدة، بينهاالطريقة التي كانت تتواصل بها زوجته المتهمة مع هشام المشتراي، المتهم الرئيسي، وهي تتلقى العزاء من مسؤولين كبار، وخروج مبلغ 60 ألف درهم من الخزنة الحديدية للضحية نحو جيب "قاتله".
رغم أن "فيلا" عبد اللطيف مرداس بحي كاليفورنيا ومحيطها، كانت تعرف حركة كثيفة لرجال الشرطة، وتوافد سياسيين ووزراء وشخصيات كبيرة لتقديم العزاء إلى زوجته وفاء بنصامدي، في وفاته رميا بالرصاص، إلا أن علاقتها، التي يفيد التحقيق أنها تربطها، بهشام المشتراي، نائب رئيس مقاطعة سباتة المتهم بقتل الضحية، ليلة 7 مارس الماضي، لم تنقطع.
وحدث ذلك بأن استطاع المتهمان المعتقلان الآن بسجن عكاشة، الإبقاء على التواصل بينهما بعد وقوع الجريمة، التي شارك في التحقيق فيها أكثر الأجهزة الأمنية بالمغرب كفاءة: المكتب المركزي للأبحاث القضائية، والفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
وبلغ الأمر، في أحد الأيام، إلى درجة قيام الزوجة، التي كانت ترتدي اللباس الأبيض للحداد، وفق وثائق ملف القضية، بأخذ مبلغ ستة ملايين سنتيم من الخزنة الحديدية لزوجها القتيل، وإرساله إلى المتهم بتنفيذ عملية القتل.
وقامت الزوجة بتلك الخطوة، رغم أن فتح الخزنة الحديدية للضحية، تم ضمن إجراءات التحقيق وجمع الأدلة في مسرح الجريمة ومحيطه، إذ حل المحققون في بيت الضحية، بعد ثلاثة أيام على وقوع الجريمة، وقاموا، بحضور زوجة الضحية، وشقيقه، بفتح "الكوفر-فور"، التي وجدوا فيها 20 مليون سنتيم.
وتفيد معطيات البحث التمهيدي لدى الشرطة القضائية، ومعطيات التحقيق التفصيلي لدى قاضي التحقيق، أن أرملة الضحية سلمت المبلغ إلى امرأة تدعى رقية شهبون، التي توجد بدورها في سجن عكاشة على خلفية قضية مقتل البرلماني.
وتلك المرأة هي نفسها "الشوافة"، التي كانت وراء تعرف زوجة البرلماني، على المستشار الجماعي، في بداية دجنبر 2016، وخلال الأيام التي تلت تنفيذ الجريمة، لازمت زبونتها وصديقتها خلال كل فترات تلقي العزاء، وكانت على يمينها، ترتدي غطاء رأس أحمر، حتى حينما كانت الأرملة تدلي بتصريحات صحافية، حول ملابسات مقتل زوجها، وفرضيات "العداوة السياسية".
وكان ذلك المبلغ موضوع ورطة للمتهمين في كافة مراحل التحقيق، هو الذي أثير لأول مرة على لسان الزوجة، بقولها إن صديقتها العرافة، التي لازمتها بعد الحادث، أخبرتها لما علمت بموضوع فتح الخزنة أن هشام المشتراي يطلب منها مده بــ60 ألف درهم، مصاريف لتمكين ابن شقيقته، حمزة مقبول.
وحمزة، هو المتهم الرابع في القضية، إذ يفترض أنه كان سائق سيارة "داصيا" التي نفذت منها عملية إطلاق الرصاص، من الهروب إلى تركيا، فلم تتردد الزوجة في الاستجابة لطلب خاله المتعلق بالمبلغ المالي.
ولم تنف العرافة، أمام الشرطة القضائية، حقيقة خروج المبلغ من بيت الضحية وتسلمه من قبل المتهم، الذي أخذه منها، ونفحها بـ1000 درهم منه، لكنها حاولت خلال التحقيق التفصيلي أمام قاضي التحقيق، تأكيد رواية أخرى، مفادها أن الزوجة سلمتها المبلغ وطلبت منها إيصاله إلى تاجر مجوهرات.
أما الزوجة فحاولت إقناع قاضي التحقيق برواية ثانية، مفادها أن المبلغ سلف لهشام المشتراي من أجل تمويل دراسة ابن شقيقته بتركيا، لكن إقرارها بالمبلغ، ومعرفتها أن وجهته هو حمزة مقبول الذي فر إلى تركيا وتعلم أنه شارك في عملية قتل زوجها، كان دليلا ضدها في إضافة جنحة المشاركة في مساعدة مجرم على الفرار إلى التهم الموجهة إليها.
ويبقى المثير في قضية المبلغ المالي، أنه يحتمل أن يكون انتهى في جيب المتهم الرئيسي هشام المشتراي، وليس حمزة مقبول، إذ طيلة مراحل البحث مع حمزة مقبول، الذي قال أمام قاضي التحقيق إنه مصر على قول الحقيقة كلها لإراحة ضميره، تبين أن تمويل سفره إلى تركيا تم بالعائد المالي لهاتفين.
ذلك أنه بعدما اختفى الشاب في منطقة الواليدية، أرسل له خاله هشام المشتراي، 1050 درهما عن طريق إحدى خالاته، ولما علم بأن "خنجر"، شقيق فتاة كانت على علاقة بالضحية عبد اللطيف مرداس، تمت تبرءته في النهاية بعدما كان مشتبها فيه من أجل قتل الضحية، اتصل حمزة بخاله هشام المشتراي، وعبر له عن رغبته في الفرار إلى تركيا.
ولم يتأخر المتهم الرئيسي هشام المشتراي، في تلبية رغبة ابن شقيقته، لكن ليس بمبلغ 60 ألف درهم الذي خرج من خزنة الضحية مرداس، بل اكتفى بأن أرسل له هاتفين ذكيين من نوع "سامسونغ إس6"، واحد أزرق اللون، والثاني ذهبي، وطلب منه بيعهما.
ومكن عائد بيع الهاتفين ابن شقيقة مطلق الرصاص من الحصول على مبلغ 6700 درهم، استثمر 3800 درهم منها في اقتناء تذكرة ذهاب وإياب إلى تركيا عبر شركة الخطوط الجوية "العربية".
وتبعا لذلك، غادر الشاب، المزداد في 1995، مطار محمد الخامس، إلى أن تم اعتقاله، مفيدا أنه طيلة إقامته بتركيا، كان يتلقى اتصالات توصيه بتبرئة خاله، لكن والدته أصرت على العكس.
ولما سلم حمزة إلى المغرب، قال لقاضي التحقيق إنه سيقول الحقيقة كلها لإراحة ضميره، هو الذي قال له خاله، أول مرة إن إطلاق الرصاص، هو فقط من أجل إخافة أحد الأشخاص وليس قتل عبد اللطيف مرداس.