حان وقت الشرح والتوضيح بعد رفض التوقيع على اتفاق الحوار الاجتماعي. هذا ما سعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي تعتبر أنه كان يمكن الوصول إلى اتفاق مع وزارة الداخلية، منتقدة في نفس الوقت رئيس الحكومة الذي تعتبر أنه تنكر لدين في ذمة الحكومة منذ السادس والعشرين من أبريل 2011.
الحوار مع "أم الوزارات"
عندما سئل عبدالقادر الزاير، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، اليوم الثلاثاء خلال عقده لندوة صحفية بالدارالبيضاء بمقر النقابة المركزي، حول خلفيات قبول الحوار مع وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، عوض التفاوض في إطار الحوار الاجتماعي المركزي، مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، لم يتردد في التذكير بوزن وزارة الداخلية في الدولة، موحيا بأن مبادرتها لقيادة الحوار الاجتماعي لم تكن قرارا ذاتيا.
وذكر بأنه سبق لوزير الداخلية الأسبق، إدريس البصري، عندما كان عضوا في حكومي عبد اللطيف الفيلالي، أن تولى قيادة الحوار الاجتماعي في 1996، مشيرا إلى أن الحوار الثلاثي الأطراف تأسس مع البصري.
وذهب الزاير، الذي خلف نوبير الأموي على رأس الكونفدرالية منذ نوببر الماضي، إلى أنه عندما يصل الاحتقان الاجتماعي إلى مرحلة متقدمة تتدخل الدولة من أجل «فك الجرة»، هذا ما يبرر دخول الداخلية على خط الحوار الاجتماعي، قائلا "الداخلية هي الداخلية.. إنها أم الوزارات".
وأكد على أن التفاوض مع وزارة الداخلية، في إطار الحوار الاجتماعي، جاء بطلب من الوزارة، مشيرا إلى أنه بعد أربع جلسات معها، تم تطوير العرض الخاص بالزيادة في الأجور الذي حدد في 400 و500 درهم في الوظيفة العمومية والزيادة في الحد الأدنى للأجور.
ويعتقد الزاير أنه كان يمكن الوصول مع وزير الداخلية إلى حل حول ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011، الذي كان حاسما في رفض الكونفدرالية التوقيع على اتفاق 25 أبريل الجاري، غير أنه يؤكد على أن مرض وزير الداخلية وانتقاله إلى باريس، ورفض رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، الوفاء بما سبق الاتفاق عليه، لم يوفر الشروط للالتزام باتفاق 26 أبريل، وهو أمر كان ممكنا لو بقي الاتفاق بيد الداخلية.
"تنكر" العثماني لدين 26 أبريل
وأنحى الزاير باللائمة على العثماني، حيث اعتبر أنه لم يرد الوفاء بدين في ذمة الحكومة، في إشارة إلى رفض تضمين الالتزام بتطبيق ما تبقى من اتفاق 26 أبريل في اتفاق الحوار الاجتماعي الجديد.
وأشار محمد العلمي الهوير، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إلى أن المركزية تحفظت على التأكيد على مسألة التشاور في الاتفاق عوض التشديد على الحوار من أجل الوصول إلى توافق حول قضايا ذات طبيعة اجتماعية، من قبيل القانون التنظيمي حول الإضراب والتشريعات الاجتماعية، خاصة ما يتصل بقانون الشغل، الذي يريد الاتحاد العام لمقاولات المغرب "مراجعته من أجل ضخ مرونة أكثر في سوق الشغل، ما سيتسبب في تكريس الهشاشة".
وعندما سئل الزاير حول على ماراج حول عدم قبول نقابات لعرض سبق أن قدمه رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران حول الزيادة في الأجور، وتضييع ثلاثة أعوام بسبب ذلك لاعتبارات سياسية تستهدف العدالة والتنمية، وصف الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ما قدمه بنكيران بالمناورة و"التجرجير"، وهو ذات النهج الذي سار عليه العثماني في تصوره.
وأكد على أنه سواء في العرض الذي قدمه بنكيران أو ما قدمه العثماني، حضرت الاعتبارات الانتخابية، مشددا على أن تلبية المطالب بهذه الطريقة ينم عن رغبة في التلاعب.
وأوضح محمد العلمي الهوير أن بنكيران كان قد حصر الزيادة في 300 درهم لفائدة فئة من الموظفين، دون الزيادة في الحد الأدنى للأجور، مشيرا إلى أن بنكيران كان يعتقد بأن أجور الطبقة الوسطى عالية، وبالتالي لا حاجة لتحسين دخلها.
الخبز ليس هدفا
لا تريد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قطع شعرة معاوية في علاقتها مع الحكومة، فالزاير يؤكد على أن المركزية ستواصل الحوار والدفاع عن وجهة نظرها عبر الحوار الاجتماعي.
ويشير إلى أن الكونفدرالية الديمقراطية لا تهدف فقط إلى تحقيق مطالب مادية، فهو يسعى إلى أخذ مسافة إلى التأكيد على أن المركزية "ليست خبزية"، في إشارة إلى الاتحاد المغربي للشغل، الذي اختار الدفاع عن المطالب المادية فقط منذ 1963.
وتجلى من حديث الزاير أن التنسيق مع النقابات الأخرى لم يعد ممكنا، وهو التنسيق الذي انفرط عقده بعد الموقف من التصويت على إصلاح التقاعد الذي طرحته حكومة عبد الإله بنكيران.
وينفي الزاير عن النقابات صفة الضعف، مادامت المندوبية السامية للتخطيط، تشير في آخر تقرير لها حول التشغيل، إلى أن 95,7 في المائة من الأجراء النشيطين لا ينتمون لنقابات، مؤكدا على أن الحكومة هي التي تتسبب في إضعاف النقابات عبر محاربة العمل النقابي، مضيفا أن هذا ما يبرر رفع شعار "التنظيم والنضال" بمناسبة الاحتفال بعيد العمال هذا العام من قبل الكونفدرالية.