تفاصيل وكواليس رحلة وأمسية تأهل "الوداد" لنهائي عصبة الأبطال

أحمد مدياني

الساعة تشير إلى قرابة الخامسة إلا ربع بتوقيت مدينة بريتوريا العاصمة الإدارية لجنوب إفريقيا. عيون المغاربة من جماهير الوداد الرياضي ودكة الاحتياط والمسؤولين في الفريق تراقب عقارب الساعة أكثر من ما تتابع المواجهة مع فريق ماميلودي صان داونز على أرضية ملعب "لوكاس موريبي".

أقل من 8 دقائق باحتساب الوقت بدل الضائع، لإطلاق حكم المباراة لصافرة نهاية رحلة شاقة، وإعلان تأهل "الحمر" لنهائي عصبة أبطال إفريقيا. كانت الـ90 دقيقة أطول من الأيام الأربعة التي قضتها بعثة الفريق بأقصى رقعة في القارة السمراء جنوباً، استعدادا لتأمين نتيجة الذهاب سواء بالتعادل السلبي أو تسجيل هدف سيفرض على "الخصم الأصفر" البحث عن ثلاثة أهداف ليوقف مسيرة الوداد بحثا عن نجمة إفريقية ثالثة.

تأمين نتيجة الذهاب

انتهى اللقاء كما رسمت لذلك كتيبة الوداد الرياضي. خطوط متماسكة في الدفاع بدءً من أول عناصر خط الهجوم، الكرتي وجبران والسعيدي قاموا بأدوار دفاعية أكثر من هجومية باستثناء المرتدات وبعض الهجمات المنسقة التي شكلت خطراً على مرمى صان داونز، خاصة الفرصة التي أضاعها المهاجم بابا توندي في الشوط الثاني. خط الدفاع بدوره قام بتشطيب كل الكرات التي شكلت خطرا على عرين الحارس أحمد رضى التاكناوتي.

مدرب الوداد الرياضي، وفي حديث لـ"تيل كيل عربي"، عقب نهاية المباراة، قال إن "اللاعبين قاموا بتطبيق الخطة التكتيكية التي رسمت بنسبة تفوق الـ90 في المائة، وكان لكل واحد منهم دور حاسم طيلة دقائق المباراة".

أيمن الحسوني الذي دخل بديلا في الشوط الثاني، وصف المباراة، لـ"تيل كيل عربي"، بأنها لم تكن سهلة، وقام اللاعبون بمجهود كبير للحفاظ على نتيجة مباراة الذهاب أو تسجيل هدف لجعل مهمة الخصم صعبة.

وكان أمام البنزرتي مسؤولية الاختيار ما بين بدر كادرين الذي لعب جل مباريات العصبة خلال النسخ الماضية، واللاعب العملود الوافد الجديد على الفريق الأحمر، ليستقر قرار البنزرتي على العملود، وقال عن الأخير، في حديثه لـ"تيل كيل عربي"، "أرفض تقييم أداء اللاعبين على حساب زملائهم في الفريق، قد تحول الظروف اختيار أي لاعب، لكن العملود قدم مباراة كبيرة، تنقصه الخبرة لكن هذا العامل لم يؤثر على أدائه، وأتأسف أنه لم يستطع اكمال الدقائق العشرة الأخيرة من زمن المباراة، وهذا راجع بالأساس إلى بعده عن التنافسية".

اللاعب بديع أووك، شدد على أن "لاعبي الوداد هم من تحكموا في أطوار المباراة، وكان مفروضا عليه، رفقة إسماعيل الحداد تأدية أدوارهم الإيجابية والعودة دائما إلى لمساندة الدفاع"، اعتبر ابن سوس أن "اللاعبين قاموا بمهمتهم على أكمل وجه".

الرحلة.. أول خصم

قطع المسافة من المغرب نحو جنوب إفريقيا كان الخصم الأول لكتيبة الوداد قبل مباراة السبت لحسم التأهل.

حسب البرنامج الأول الذي تم وضعه من طرف المكتب المسير للفريق، كانت البعثة الودادية ستطير إلى جوهانسبروغ يوم الأربعاء فاتح ماي الجاري، رحلة محطتها الأولى العاصمة القطرية الدوحة ثم التوجه في رحلة أخرى نحو عاصمة بلاد نيلسون مانديلا، وكان الخيار الأول سيضيع على اللاعبين فرصة أخذ قسط من الراحة قبل بدأ برنامج التداريب استعداداً لمباراة نصف النهائي.

وحسب المسؤولين عن تنظيم رحلة الوداد إلى بريتوريا، تم التواصل يوم الاثنين 29 أبريل الماضي مع مسؤول في خطوط الجوية القطرية كان مكلفا برحلة الوداد، هذا الأخير كان حينها بمدينة إسطنبول التركية، وطلب منه تغيير برنامج الرحلة كاملاً ليربح الوداد يوم مقام بجنوب إفريقيا، أي السفر يوم الثلاثاء 30 أبريل الماضي، عوض الأربعاء فاتح ماي. طلب استجابت له إدارة الخطوط الجوية القطرية بعد مفاوضات طويلة معهم.

ولتفادي المشاكل التي قد تطرأ خلال مقام الوداد في جنوب إفريقيا، وصل مسؤولون من الفريق بالإضافة إلى مسؤول آخر عن تنظيم الرحلة إلى بريتوريا يوم الاثنين 29 أبريل الماضي، وذلك للوقوف على شروط الإقامة في الفندق وتأمين حالفة تقل اللاعبين طيلة أيام مقام الفريق، وأيضاً الوقوف على كل كبيرة وصغيرة تهم الأكل الذي سوف يقدم للعناصر الودادية والطاقم التقني والإداري، هذا الجانب تواصل بشأنه رئيس الفريق سعيد الناصري مع طباخ مطعم الفندق، وتم الاتفاق على تقديم وجبات غذائية حسب الطلب وتحت المراقبة المباشرة للمسؤولين المرافقين للنادي.

يوم حسم التأهل

"قدم اللاعبون مباراة كبيرة أمام فريق أعتبره اليوم من أحسن الفريق بل أفضلها في القارة الإفريقية" كان هذا تقييم فوزي البنزرتي للأداء الذي قدمه لاعبو الوداد أمام خصومهم لتأمين نتيجة الذهاب.

وقبل ذلك، كان يوم السبت 4 ماي الجاري، موعداً مع ضغط من نوع خاص، وهو حمى الانتخابات البرلمانية في جنوب إفريقيا. المدينة حيث واجه الوداد خصمه، تعيش كما باقي المدن أجواء السباق الانتخابي، إذ أن البلاد ستشهد الأسبوع القادم تنظيم انتخابات تجديد البرلمان. أجواء انعكست على لقاء نصف النهائي، بالنظر إلى العلاقة التي تربط رئيس فريق ماميلودي صان داونز باتريس موتسيبي، بقيادات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا.

وعرفت المباراة طيلة أطوارها رفع شعارات لصالح حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، كانت بتحفيز من مكبرات الصوت في فترات متفرقة من المواجهة، حين يتعلق الأمر بشعار انتخابي.

كما قرر المسؤولون في نادي ماميلودي صن داونز، تنظيم حفل كبير انطلق الساعة الواحدة بالتوقيت المحلي، حفل لم يتوقف رغم صعود الفريقين للقيام بآخر حصة تدريبية قبل المواجهة.

السباق الانتخابي كان حاضراً على طول جنبات الطرق المؤدية إلى الملعب. أمام أبواب منازل أحياء تظهر أنها هامشية بالنظر إلى المنازل الراقية في الجانب الآخر من مدينة بريتوريا، رجال ونساء يحتسون مختلف أنواع الجعة والكحول، السواد الأعظم منهم يرتدون القمصان الصفراء لخصم الوداد، رابطوا قبل المباراة وبعدها منتشين، لم تتغير ملامحهم وطريقة تواصلهم وتفاعلهم التي يسيطر عليها فرط الحماس، كما عاين "تيل كيل عربي" ذلك، رغم الاقصاء للمرة الثالثة من السباق نحو الفوز باللقب القاري على يد الوداد الرياضي.

لتنطلق المباراة بحماس زائد من طرف كل من حضر إلى الملعب، حتى أن عدداً من المسؤولين توجهوا إلى جماهير الوداد التي حجت إلى الملعب من مختلف الدول خاصة الأوروبية منها، وأشاروا إلى أن نتجية فريقهم أمام الأهلي المصري خلال دور ربع النهائي سوف تكون "القدر المحتوم الذي سوف يدك أسوار القلعة الحمراء".

تأهل وعين على البطولة الوطنية

ما إن صفر حكم المباراة نهاية المواجهة، وأعلن الوداد الرياضي متأهلا لنهائي العصبة، حتى انخرط اللاعبون في الاحتفال مع الجماهير الودادية التي حضرت المباراة، كلهم نزعوا أقمصتم التي خاضوا بها المباراة ومنحوها لأعضاء "وينرز" الحاضرين بجنوب إفريقية لمساندة فريقهم.

الأجواء داخل غرفة تبديل الملابس كانت حماسية. عدد من اللاعبين ودون "واجب التحفظ" انخرطوا في ترديد شعارات فصيل "وينرز"، وبعد ذلك بدأ التساؤل عن مصير نتيجة الترجي وتبي مازنبي، للتعرف على قوة خصم الوداد خلال مباراة النهائي، نتيجة أخرى كان يتقاسم مستجداتها لاعبو الوداد، وهي المواجهة التي جمعت في نفس اليوم بين فريق سريع واد زم والغريم الرجاء الرياضي، خاصة وأن الأخير اقترب من تقسام الصدارة ولو مؤقتا مع الوداد بالنظر إلى المقابلات المؤجلة للفريق الأحمر.

لاعبو الوداد رددوا أنهم مستعدون لحسم لقب البطولة، وتعليق نجمة ثانية فوق قميص الفريق، وظهر ذلك خلال ترديدهم لشعار "وا البطولة وحنا جايين".

مدرب الحراس التونسي كريم السباعي، اعتبر أن اللاعبين كانوا في الموعد، وقاموا بمباراة كبيرة. وأضاف، في تصريح لـ"تيل كيل عربي"، أن "محاولات الضغط على الوداد خدمته". كيف؟  يجيب المتحدث ذاته: "المحطة كانت صعيبة خاصة وأن الوداد مقبل على حسم لقب البطولة". وزاد أن "ضغط الأمتار الأخيرة للبطولة الوطنية لا يمكن تجاهله".

بديع أووك، وفي تصرح لـ"تيل كيل عربي"، قال إن الوداد طوى، مباشرة بعد نهاية لقاء صفحة نصف نهائي العصبة، وكل تفكيرهم منصب اليوم على المواجهة التي سوف تجمعهم بنادي الجيش الملكي يوم الخميس القادم".

وأضاف أووك أن الوداد تنتظره ست نقط فقط لحسم لقب البطولة.

معاناة جماهير الوداد

تعرضت جماهير الوداد التي حجت إلى  "لوكاس موريبي"،  للمضايقات من طرف بعض الجماهير المحسوبة على صان داونز، كما فرضت عليهم اللجنة المنظمة للمباراة تغيير مكان جلوسهم مرتين.

الأولى بسبب اجتياج جماهير النادي الجنوب إفريقي للمنطقة المخصصة لجماهير الوداد، وفي المرة الثانية بسبب محاولة المنظمين فرض الشروط التي يجب أن يتم بها تشجيع الفريق، كما هدد المنظنون الجماهير الودادية باخراجهم من الملعب في أكثر من مناسبة.

تدخل طاقم أمني تابع للسفارة المغربية حاول في أكثر من مرة تهدئة الأجوار، كما تدخل المكتب المسير للوداد لدى رئيس الفريق الخصم لإيجاد حل لما تعرضت له الجماهير من الدقائق الأولى لأطوار المباراة، وذلك ما تم في مناسبيتن، أمام اصرار المنتمين لـ"وينرز" على إتمام مهمة التشجيع بنفس الطريقة وعلى أساس قواعد الألتراس.

نهاية اليوم اختلفت بعد التأهيل، وتحولت المعاناة إلى فرح بالتأهل اقتسمته الجماهير مع اللاعبين بالفندق حيث تقيم بعثة الوداد. كما وجد اللاعبون في انتظارهم كعكة حفلة التأهل والتي جلبها إلى الفندق المسؤولن الدبلوماسيون في السفارة المغربية.

وسوف يغادر فريق الوداد جنوب إفريقيا مساء اليوم  الأحد نحو المغرب، وذلك عبر العاصمة القطرية الدوحة.