طغى التفكير في قطاع العقارات، عندما جرى الحديث عن مستقبل التحفيزات الجبائية، خلال المناظرة الوطنية للجبائية التي عقدت مؤخرا بالصخيرات، غير أن حديث وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون عن مقاربة جديدة، أطلق العنان للتوقعات حول الكيفية التي سيجري التعاطي بها مع تلك التحفيزات عندما يتعلق الأمر بقطاع العقار، علما أن بنشعبون طرح فكرة الاستعاضة عن التحفيزات الجبائية بالمخصصات المباشرة من الميزاينة.
السكن الاجتماعي أولا
ويشير تقرير النفقات الجبائية إلى أن قطاع العقار استفاد من 20 في المائة من التحفيزات الجبائية، حيث وصلت إلى 5,75 مليار درهم من أصل 29,27 مليار درهم من مجمل التحفيزات الجبائية.
وتتعلق النفقات الجبائية، بشكل رئيسي، بالنفقات الجبائية الخاصة بالضريبة عل القيمة المضافة بحصة 2,73 مليار درهم وبالنفقات الخاصة بالضريبة على الدخل بمبلغ 2,04 مليار درهم.
ويؤكد التقرير على أن النفقات التي توجه للتشجيع على اقتناء السكن تمثل حوالي 19 في المائة من مجمل النفقات الجبائية، حيث وصلت في العام الماضي إلى 5,49 مليار درهم.
ويذهب الخبير الجبائي محمد الرهج إلى أن العقار هو أول مستفيد من التحفيزات الجبائية، ما يستدعي تحليل تأثيراتها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، مشيرا إلى أن المغرب لم يستطع معالجة مشكلة السكن الاجتماعي، رغم التحفيزات التي استفاد منها القطاع، فإما أنها حولت عن أهدافها أو أنها كانت غير فعالة.
هجرة نحو العقار
وقد كان رئيس اللجنة العلمية للمناظرة محمد برادة أكثر وضوحا عند الحديث عن مستقبل التحفيزات، حيث أكد على ضرورة إعادة النظر في المقاربة الحالية، عبر ربط منح التحفيزات بالقطاعات المنتجة التي توفر فرص العمل.
ويأتي رأي برادة، بعد الملاحظة التي رددها كثيرا قبل المناظرة، حيث شدد على أن التحفيزات التي منحت لقطاع العقارات، شجعت فاعلين في قطاع الصناعة على التحول إلى الاستثمار في العقار بحثا عن هوامش أرباح أكبر. برادة يشدد على التوجه نحو تشجيع الصناعة الأكثر توفيرا لفرص العمل.
وينتظر أن يتضمن مشروع القانون الإطار الجبائي طرق تقييم الامتيازات الجبائية قبل سنها وبعده، حيث يراد التأكد من وجاهة الامتيازات الجديدة قبل وضعها، وقياس التأثيرات السوسيو اقتصادية بالنسبة للتحفيزات الموجودة سلفا من أجل تقرير الاحتفاظ بها أو إلغائها.
يتصور خبراء أنه يجب تحديد أهداف واضحة للتحفيزات الجبائي، فإذا قررت الدولة منح امتيازات لقطاع العقار من أجل بناء مساكن للطبقة المتوسطة، فإنه يجب أن يربط ذلك بخفض الأسعار مع الحفاظ على الجودة، وإلا تسحب التحفيزات.
مقاربة جديدة مأمولة
ويتصور يوسف بمنصور، الرئيس السابق للفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، أنه لا يمكن المساس بالدعم الذي توفره الدولة للأسر من أجل اقتناء السكن، عبر تحمل الضريبة على القيمة المضافة، على اعتبار أن الدولة تتحمل حوالي 40 ألف درهم.
وهو يرى أنه يمكن توجيه الدعم الذي يستفيد منه المنعشون العقاريون لتحقيق هدف دعم الطبقات الوسطى من أجل اقتناء السكن، ودعم الفئات الفقيرة الراغبة في اقتناء السكن المنخفض التكلفة.
ويعتقد أمين النجار، عضو رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، الذي ساهم في دراسة حول قطاع العقار لفائدة هذه الهئية التابعة لحزب الاستقلال، أنه لا يجب إلغاء التحفيزات الجبائية التي يستفيد منها السكن الاجتماعي، بل يفترض تبني مقاربة جديدة.
ويتصور أنه يفترض تبني مقاربة جهوية من أجل تعيين الحاجيات الحقيقية على مستوى السكن الاجتماعي، وتحديد تلك التي يفترض أن تجذب المنعشين العقاريين كي يستثمروا فيها. ويعتقد أن النظام الجبائي الحالي الذي يتضمن تحفيزات، يجب الحفاظ عليه في هذه الحالة فقط.
ويعتبر أن الاستفادة من ذلك النظام، يجب أن يكون محدودا في الزمن، ومرتبطا بتحقيق أهداف في مجال التشغيل، ومشروطا باللجوء لشركات البناء المحلية، واستعمال مواد بناء محلية.
وتوصي الرابطة بدعم الأسر الراغبة في شراء السكن الاجتماعي، عبر مساعدة مباشرة، تتيح للأسر تقديم تسبيقات، مع إعفاء فوائد قروض السكن الاجتماعي من الضريبة على القيمة المضافة.
ولا يقتصر اهتمام رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين على السكن الاجتماعي، بل تدعو إلى اتخاذ تدابير خاصة بالسكن لفائدة الطبقة المتوسطة، بما يساعد اقتراح مشاريع على مستثمرين، في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، بشروط تفضيلية ودفتر تحملات دقيقة، بهدف التأثير على السعر النهائي.
وتؤكد الرابطة على ضرورة الحفاظ على التدابير الجبائية التي يخص بها منتوج السكن المنخفض التكلفة، والمحدد سعره في 140 ألف درهم، والموجه لفائدة الأسر الفقيرة، مع تحديد أهداف إنتاج ذلك الصنف من السكنن على المستوى الجهوي.
فوائد تجنيها الدولة
يدافع الخبير في قطاع العقار إدريس الفينا عن فكرة مواصلة العمل بالتحفيزات الجبائية، بل إنه يؤكد على أنه "يفترض تصور تحفيزات جديدة غير متوفرة للقطاع اليوم، مع التخلي عن ضرائب فرضت في الأعوام الأخيرة، ما ساهم في الوضعية الحالية التي يعاني منها قطاع العقارات، الذي يصل الضغط الجبائي فيه إلى 37 في المائة".
ويعتبر أنه لايجب التركيز فقط على كلفة التحفيزات الجبائية، فهو يرى أن ما تبذله الدولة، عبر التحفيزات، يجري تعويضه، بشكل كبير، عبر الأرباح الاقتصادية التي يتم جنيها، فهو يؤكد على أن القطاع الخاص حل محل الدولة في توفير السكن الاجتماعي.
ويشير إلى أن القطاع كان أحد أهم محركات النمو الاقتصادي، بما يبذله المنعشون العقاريون من استثمارات كبيرة في حدود 160 مليار درهم، ثم إنه مثل حوالي 33 في المائة من القروض البنكية. ويتصور أنه خلافا لما يعتقد، يخضع قطاع العقار لضغط جبائي كبير، يصل إلى 37 في المائة.