كشف مصدر مطلع من مؤسسة درعة تافيلالت للخبراء والباحثين، أن المؤسسة استطاعت تجاوز منعها من إقامة نشاط يتعلق بإعداد التلاميذ المنحدرين من جهة درعة تافيلالت الحاصلين على نقط عالية في امتحانات البكالوريا من أجل اجتياز مباريات الولوج للمعاهد العليا.
وأوضح المصدر، أن المؤسسة تجاوزت المشكل الذي ظل يؤرقها منذ يوم الاثنين الماضي، بعدما فوجئت بالتراجع عن وضع مؤسسة تعليمية بالرباط رهن إشارتها.
وبحسب المعطيات، التي توفرت لـ"تيل كيل عربي" فإن المؤسسة ستقيم نشاطها في منتزه سياحي خاص ببوزنيقة ابتداء من اليوم الخميس.
أصل الحكاية
بدأت فصول القضية، حينما تناقل عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي خبر قيام ولاية جهة درعة تافيلالت بتوقيف 12 حافلة للنقل المدرسي، كانت تقل أزيد من 200 تلميذة وتلميذ من متفوقي الجهة الحاصلين على شهادة البكالوريا نحو مدينة الرباط من أجل الاستفادة من برنامج مكثف لاجتياز امتحانات المعاهد العليا تشرف عليه مؤسسة درعة تافيلالت للخبراء والباحثين التي تجمعها اتفاقية شراكة مع مجلس الجهة، الذي يترأسه الحبيب الشوباني، القيادي في حزب العدالة والتنمية.
وبحسب مصطفى الرافي، مهندس، وأمين المال لمؤسسة درعة تافيلالت، فإن المؤسسة التي تضم أكثر من ألفي خبير وباحث، من داخل المغرب وخارجه، قررت هذه السنة تنظيم النسخة الثانية من برنامج المرافقة التربوية لفائدة الطلبة التلاميذ المتفوقين من جهة درعة تافيلالت.
ولأجل هذا الغرض قامت المؤسسة بفتح باب التسجيل في وجه التلميذات والتلاميذ المتميزين من أبناء الجهة من أجل المشاركة في برنامج المواكبة التربوية، مشيرا إلى أن المؤسسة اشترطت على المشاركين في البرنامج الحصول على نقط عالية، فضلا عن أداء آبائهم أو أمهاتهم لمبلغ مالي قدره 3 آلاف درهم مقابل تكلف المؤسسة بالمواكبة النفسية والتنشيط التربوي والنقل من مراكز أقاليم الجهة إلى مركز التكوين، ومن المركز إلى مختلف مراكز المباريات الوطنية، فضلا عن التغذية والتأمين طيلة مدة التكوين.
وبحسب الرافي، فإن مؤسسة درعة تافيلالت أعفت حوالي 35 تلميذا وتلميذة من أداء مصاريف التكوين، نظرا لأن الوضعية الاجتماعية لأولياء أمورهم لا تسمح بذلك.
بداية الأزمة
يؤكد مصطفى الرافي، أن كل الإجراءات التنظيمية تم اتخادها من أجل إنجاح تنظيم النسخة الثانية من برنامج المواكبة التربوية لأبناء الجهة، خاصة بعد النجاح الكبير الذي عرفته الدورة الأولى، التي تم تنظيمها العام الماضي بمراكش، والتي استفاد منها 70 تلميذا وتلميذة، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن المؤسسة قامت بالتواصل مع جهة درعة تافيلالت التي قررت وضع حافلات النقل المدرسي رهن إشارتها من أجل نقل تلاميذ الجهة إلى الرباط، كما تم التواصل مع وزارة التربية الوطنية التي وافقت على وضع ثانوية الليمون رهن إشارتهم.
ويشير الرافي إلى أن برنامج الدورة كان يفترض أن ينطلق يوم الاثنين فاتح يوليوز، إلا أن السلطات قامت بمنع حافلات النقل المدرسي التي تقل التلاميذ من مواصلة طريقها نحو الرباط، معللة قرارها بعدم توفرها على تراخيص الذهاب إلى الرباط، مضيفا أن السلطات لم تطلب منهم العام الماضي الإدلاء بأي تراخيص، رغم استغلالهم لحافلات النقل المدرسي.
وإذا كان منع حافلات النقل المدرسي من التوجه نحو الرباط لعدم توفرها على ترخيص من السلطات قد يكون متفهما، بحسب الرافي، فإن غير المفهوم هو أن يتم منع التلميذات والتلاميذ من السفر، بعد ذلك، على متن حافلات النقل العمومي وسيارات الأجرة كمواطنين عاديين.
وأشار الرافي، إلى أن السلطات قامت بمنع التلاميذ من السفر عبر حافلات النقل العمومي وسيارات الأجرة في البداية، قبل أن يتم السماح لهم بالسفر.
عراقيل الرباط
بعد وصول تلاميذ جهة درعة تافيلالت إلى مدينة الرباط، وتوجههم رفقة عدد من المؤطرين إلى ثانوية الليمون، التي كان يفترض أن يقيموا فيها طيلة أيام التكوين فوجئوا بإغلاق أبوابها في وجوههم.
وبحسب الرافي، فإن إغلاق مؤسسة الليمون لأبوابها في وجه التلاميذ لم يكن منتظرا، إذ أن الوزارة وافقت شفهيا على احتضانها لهذا البرنامج، كما قام "مسؤول الجمعية" بتفقدها من أجل التأكد من جاهزيتها لاستقبال التلاميذ القادمين من كل أنحاء جهة درعة تافيلالت.
وقد دفع منع التلاميذ من الإقامة في مؤسسة الليمون مسؤولي مؤسسة درعة تافيلالت إلى البحث عن مكان خاص من أجل توفير المبيت للمشاركين، حيث تم اللجوء إلى إقامة "بيت المعرفة"، وهي إقامة موجودة في مدينة العرفان من أجل توفير المبيت للتلاميذ.
ويكشف مصطفى الرافي، أن إدارة "بيت المعرفة" وافقت على توفير المبيت لـ220 تلميذا مقابل مبلغ مالي يتم دفعه عن طريق شيك، إلا أن الإدارة تراجعت عن وعدها، ورفضت استقبال الفوج الثاني من التلاميذ، حيث اكتفت باستقبال 50 تلميذا فقط، فيما تكفلت ولاية الرباط بتوزيع باقي التلاميذ على فنادق المدينة.
من جهة أخرى، نقل "تيل كيل عربي" هذه المعطيات إلى سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية إلا أنه نفى علمه بالموضوع أساسا، فيما تحدثت مصادر أخرى عن تدخل رئيس الحكومة شخصيا من أجل ايجاد مكان لإيواء التلاميذ.
ترخيص مكتوب ثم منع
إذا كانت مؤسسة درعة تافيلالت للخبراء والباحثين لم تحصل على ترخيص كتابي لتنظيم نشاطها في مؤسسة الليمون، واكتفت وزارة التربية الوطنية بمنحها موافقة شفوية، بحسب مصطفى الرافي، فإن الأمر يختلف تماما بالنسبة لمؤسسة القائد الآخر للتميز، التي تتخذ من قلعة مكونة مقرا لها.
وبحسب لحسن آيت موح، رئيس مؤسسة القائد الآخر للتميز دأبت على تأطير التلاميذ المقبلين على اجتياز امتحانات المعاهد العليا منذ 6 سنوات، ولم يسبق أن ووجهت بأية عراقيل.
ويشير آيت موح أن الجمعية حددت مبلغ مساهمة التلاميذ هذه السنة بمبلغ مالي قدره 2500 درهما مقابل التكفل بكل ما يلزم بخصوص التأطير والمواكبة، وتوفير النقل للمدن التي تحتضن المباريات.
ويؤكد لحسن آيت موح أن الجمعية حصرت هذه السنة عدد المستفيدين من التكوين في 270 من التلاميذ المتفوقين، حصلت على ترخيص مكتوب من أجل إقامة نشاطها في مؤسسة عمر الخيام بالرباط، قبل أن يتم اخبارهم بيوم واحد قبل قدومهم إلى الرباط بعدم إمكانية استغلال المؤسسة المذكورة.
وأضاف آيت موح أن مسؤولي وزارة التربية الوطنية أخبروهم أن مؤسسة عمر الخيام تعرف بعض الأشغال، مما يتعذر معه احتضانها لنشاط الجمعية، رغم أن الجامعة وافقت على تأطير 30 تلميذا من الرباط بطلب من الأكاديمية .
وتابع "طلبنا منهم تمكيننا من مؤسسة تعليمية أخرى، لكنهم أخبرونا بتعذر ذلك دون توضيح الأسباب".
تهمة "العدالة والتنمية" حقيقة أم وهم؟
منذ تأسيس مؤسسة درعة تافيلالت للخبراء والباحثين سنة 2016 بأرفود لم تسلم من اتهامها بالتبعية لحزب العدالة والتنمية، خاصة بعدما سارع الحبيب الشوباني، رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت والقيادي في حزب العدالة والتنمية إلى احتضانها ومنحها الدعم اللازم.
ردا على هذا الاتهام، اعتبر مصطفى الرافي، وهو فضلا عن مهامه داخل الجمعية، عضو بالمجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية، أن المؤسسة غايتها بحثية ولا تتبع لأي تيار سياسي، كما أن رئيسها لا ينتمي لأي حزب.
ومن خلال الاطلاع على أسماء أعضاء المكتب المسير للمؤسسة يتضح أنه يضم إلى جانب مصطفى الرافي، عضو المجلس الوطني للحركة الشعبية والشيخ ماء العينين لغضف محمد، وهو أحد المنتمين لحزب الاستقلال، أما باقي الأعضاء فهم مجموعة من الخبراء غير المعروفين على الساحة السياسية.
من جهة أخرى، أوضح عبد الله صغيري، نائب رئيس جهة درعة تافيلالت في اتصال مع "تيل كيل عربي" أن المؤسسة لا علاقة لها بحزب العدالة والتنمية، مشيرا إلى أن مكتبها المسير لا يضم أي عضو من أعضاء العدالة والتنمية، كما أن أغلب أعضائها تعرف عليهم خلال انعقاد مؤتمرها بأرفود سنة 2016.