تتجه أنظار العالم يوم غد (الأربعاء)، إلى إمارة أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة، حيث سيتم افتتاح متحف ''اللوفر-أبو ظبي''، بحضور إيمانويل ماكرون، رئيس جمهورية فرنسا، والملك محمد السادس الذي حل اليوم (الثلاثاء) بأبو ظبي، مرفوقا بالأمير مولاي إسماعيل، وفؤاد عالي الهمة، وياسر الزناكي، وعبد اللطيف المنوني، مستشارو الملك، وناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ومحمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، والمهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، إلى جانب عدد من الشخصيات السامية المدنية والعسكرية.
المتحف، الذي أنشئ في موقع يقع بين الرمال والبحر، في جزيرة ''السعديات في أبو ظبي''، مساحته 9200 متر مربع من المعارض الفنية، تمت استعارة اسمه من متحف ''اللوفر'' الفرنسي، الذي يعد أكبر صالة عرض للفن على مستوى العالم، مقابل 400 مليون أورو، ستتيح للمتحف الإماراتي استغلال الاسم لمدة 30 عاما، وذلك بعد توقيع اتفاق دولي بين الحكومتين الفرنسية والإماراتية سنة 2007.
المتحف، الذي يتكون من 4000 عمود أساس فولاذي، ويضم أكثر من 600 عمل فني، حظي بمبلغ ناهز 965 مليون أورو من الحكومة الإماراتية، على شكل صندوق هبات، 400 مليون منها خصصت، كما سبق الذكر، لاستعارة اسم متحف ''اللوفر الفرنسي، و190 لاستعارة الأعمال الفنية لمدة 10 سنوات، و165 للمساعدة التقنية على إنشاء مركب يمتد على مساحة 24 ألف متر مربع، و13 لبرمجة معارض وصالونات لمدة 15 سنة.
وتتراوح الأعمال في قاعات عرض المتحف، بين آثار من عصور ما قبل التاريخ وإبداعات فنانين معاصرين، والتي تبلغ، في مجموعها، ما يفوق 600 قطعة، تنتمي إلى المجموعة الفنية للمتحف، إلى جانب عدد من القطع المميزة المستعارة من أبرز المتاحف في فرنسا، بحيث ستعرض في المتحف أعمال فنية شهيرة، ستغادر مواقعها التقليدية في فرنسا، لتحل ضيفة على المتحف الإماراتي خلال العقود الثلاثة القادمة، من بينها الرسم الذاتي لفان غوخ الذي سيستعار من متحف أورساي ليعرض في اللوفر- أبو ظبي، ولوحة ''بونابارت عابرا جبال الألب'' التي ستغادر قصر فرساي في باريس إلى أبو ظبي، إلى جانب لوحة ليوناردو دا فينشي ''حداد جميل''، وسواهم من أعمال فنية شهيرة أخرى.
خلال الأيام الأربعة الأولى من افتتاح المتحف، سيشهد اللوفر- أبو ظبي برنامج احتفال يشمل ورشات عمل، وجولات إرشادية، وحفلات موسيقية، وعروض عالمية، والكثير من المفاجآت، حسب الموقع الرسمي للمتحف. وسيخصص الافتتاح لرؤساء الدول، وبعدها سيزوره رجال الأعمال والسياسيين، وذلك خلال اليومين الأولين.
سيكون لزوار اللوفر-أبو ظبي، الذي يبلغ قطر قبته 180 مترا، موعد مع أعمال فنية ذات أهمية تاريخية وثقافية ومجتمعية، نُفِّذت ما بين العصور القديمة ووقتنا الحالي، تسرد قاعات العرض فيه حكاية الإنسانية، عبر اثني عشر فصلا مثيرا، يركز كل واحد منها على مواضيع وأفكار مشتركة، لتسليط الضوء على حلقات وصل بين الأمم البشرية، التي تشكلت عبر مر الزمن.
في سياق معارض المتحف، سيقدم هذا الأخير لزواره أربعة معارض فنية مؤقتة كل سنة. ويتعاون ثلاثة عشر شريكا من شركاء المتاحف في فرنسا، من أجل تقديم أكثر المعارض تميزا، بشكل حصري، لزوار متحف اللوفر- أبو ظبي، وذلك في إطار التعاون بين حكومتي إمارة أبو ظبي وفرنسا.
وَتُكَمِّل هذه المعارض المؤقتة الحكايات التي تقوم بسردها المجموعة الفنية للمتحف، والمتوزعة عبر قاعات عرضه، إذ ستعمل على إبراز أوجه التشابه والإلهام بين الحضارات، والثقافات، والأحداث المشتركة، التي أثرت على نموها عبر التاريخ.
المتحف، الذي شارك في تشييده 5000 عاملا، قال عنه بيتر أرمسترونغ، مدير مشروع مشارك في البناء، إن تشييده تطلب كميات هائلة من مواد البناء، لأنهم، في الواقع، كانوا يبنون جزيرة. من جهته، أبرز عامر خربوش، مدير مشروع مشارك، أيضا، في البناء، أن متحف اللوفر- أبو ظبي هو الأكبر والأكثر تعقيدا.
واعتبر شهاب طه، مدير الإنشاءات في المشروع، المتحف فريدا من نوعه، في حين قال عنه سعادة محمد خليفة المبارك، رئيس مجلس إدارة هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة، إنه واحد من أكبر الإنجازات على مدار العشرين سنة المقبلة، وأنه يبرهن للإماراتيين وللعالم أجمع أن الإمارات بإمكانها تشييد شيء بهذا المستوى والحجم.
اللوفر- أبو ظبي لم يَنْسَ الأطفال، بحيث يشمل متحفا مخصصا لهم، يهدف إلى تعليمهم وإشباع فضولهم حول كل ما هو غامض، وإلى إلهامهم ورعاية براعمهم الإبداعية وتنميتها، من خلال جعلهم يتعرفون على تجارب فنية جديدة، وأساليب لم يكونوا يعرفونها من قبل.
ويوجد متحف الأطفال في قلب المعلمة الإماراتية، ويشغل طابقين، وسيستضيف معارضا مؤقتة، وَأوراش عمل تفاعلية باللغتين العربية والإنجليزية. وتم تصميمه لاستقبال أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 6 و12 سنة. ويمثل هذا المتحف، المخصص للجيل الناشئ، جسرا يربط بين جميع تفرعات برامج متحف اللوفر- أبو ظبي. كما يعمل على تزويد صغار السن من زواره بكل ما يقدمه من مفاهيمه المتشعبة في تاريخ الإنسانية العالمي.
اللوفر- أبو ظبي لم يَنْسَ الطلبة الإماراتيين، إذ سيقدم برنامجا يسمَّى ''برنامج الطلبة السفراء''، يهدف إلى مَدِّ جسور التواصل مع الطلاب الجامعيين من مختلف المجالات والخلفيات التعليمية في أبو ظبي، من خلال جعلهم يستفيدون من مجموعة واسعة من الفعاليات، وورش العمل، والدورات التدريبية. كما يسعى البرنامج إلى زرع حس مميز من الانتماء في الطلبة وتطويرهم مهنيا، ويسعى، من جهة أخرى، إلى المساهمة في نشر قيم ومبادئ متحف اللوفر- أبو ظبي في وسط شريحة جديدة من الجمهور.