لم تنعكس التدابير التي اتخذها مخطط المغرب الأخضر، على التشغيل، رغم مراهنته على توفير مليون ونصف مليون فرصة عمل في أفق 2020.
وتأتي أهمية التشغيل في القطاع الزراعي، من كونه يمثل 38 في المائة من مجمل فرص العمل في المغرب و74 في المائة من فرص العمل في العالم القروي.
وقد انكبت مديرية الدراسات والتوقعات الاقتصادية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، على وضع حصيلة لتطبيق المخطط الأخضر، الذي يسترشد به المغرب، منذ 2008، حيث ركزت على النواقص التي تخترق التطبيق، إذ تجلى أنه رغم زيادة الإنتاج، تراجع التشغيل في القطاع الزراعي.
وتأتي خلاصات الدراسة غير موافقة لما سبق لوزارة الفلاحة والصيد البحري، التي أكدت أن المخطط أحدث 48 مليون يوم عمل إضافي، أي ما بين 250 و300 ألف فرصة عمل.
وتبين من ملاحظات الدراسة، أن الزراعة فقدت فرص عمل بين 2010 و2016، حيث تراجعت بنسبة 0,38 في المائة سنويا، بينما ارتفعت في بلدان مثل مصر بنسبة 1,51 في المائة، وتركيا بنسبة 1,25 في المائة، والمكسيك بنسبة 0,18 في المائة.
وتربط المديرية، تراجع فرص العمل بالكثافة الرأسمالية في الزراعة، التي ارتفعت بنسبة 3,9 في المائة بين 2008 و2014، وهو ما يؤكده مراقبون، الذين يشددون على أن الإمعان في المكننة يفضي إلى فقدان فرص عمل في الزراعة، التي يفترض أن توظف في أنشطة أخرى.
في السياق ذاته، كان نجيب أقصبي، الاقتصادي المغربي، قد أكد على أنه "لا يمكن تحقيق هدف رفع الإنتاجية، والتعبير عن الرغبة في خلق مليون ونصف مليون فرصة عمل في القطاع الزراعي في أفق 2020، لأن المؤكد أن تحقيق الهدف الأول، عبر دعم الممكننة والتقنيات، سيفضي إلى الحد من ارتفاع عدد مناصب الشغل".
ويحيل في حوار سابق مع "تيل كيل عربي"، على بيانات المندوبية السامية للتخطيط، حيث يلاحظ أن الفلاحة خلقت مناصب شغل صافية، وصلت في المتوسط السنوي إلى 26 ألف بين 2000 و2007، مقابل فقدان 12 ألف فرصة عمل صافية بين 2008 و2018، هكذا يستفاد من بيانات المندوبية السامية للتخطيط، حسب أقصبي، فقدان 131 ألف فرصة عمل صافية، عوض الاتجاه نحو خلق 1,5 مليون فرصة عمل.
ولم تهتم دراسة مديرية الدراسات والتوقعات المالية، فقط بالتشغيل، بل سعت إلى الإحاطة بجميع الجوانب المرتبطة بالمخطط الأخضر، الذي سينتهي العمل، بنسخته الأولى، في 2020.
فقد لاحظت أن المخطط ساهم، عبر الاستثمارات العمومية والخاصة، في تدعيم وزن السلاسل الفلاحية، ذات الإنتاجية والقيمة المضافة المرتفعة، مثل الأشجار المثمرة وتربية المواشي والدواجن، وإرساء دعائم نوع من الاستقلالية تجاه الظروف المناخية.
غير أن الدراسة تعتبر أنه مع اقتراب نهاية العمل بالنسخة الأولى من المخطط الأخضر، تطرح تساؤلات حول تدعيم المكتسبات المسجلة من قبل القطاع الزراعي، والتعاطي مع التحديات الهيكلية الداخلية والخارجية، التي التي يواجهها القطاع.
وتتحدث، في معرض تطرقها للتحديات عن الاندماج القطاعي، خاصة على مستوى الصناعة الغذائية، والتعبئة والاستعمال الأمثل للموارد المائية، وتدعيم تنافسية المنتجات الغذائية في السوق الدولية، وتموقعها في أسواق ذات إمكانيات كبيرة، وتدعيم البعد الإدماجي للفلاحة، عبر إدراجها ضمن منطق نسقي على الصعيد القروي.
وتعرض الدراسة للدعم الذي استفاد منه القطاع الزراعي، عبر المخطط الأخضر بين 2008 و2017، وهو الدعم الذي جاء عبر مخصصات من الدولة وتحفيزات لفائدة السلاسل ذات الإنتاجية والقيمة المضافة المرتفعة.
وقد استفاد القطاع من استثمار عمومي في حدود 43 مليار درهم، ناهيك عن الدعم والمساعدات العمومية التي استفاد منها الاستثمار الخاص. ذلك الدعم يفترض في تصور واضعي الدراسة أن يخضع مستقبلا لآليات دقيقة للتتبع والتقييم، من أجل الوقوف على فعاليتها، بما يساعد على إدخال التعديلات التي تفرض نفسها.
ولاحظت الدراسة أن استثمارات المخطط الأخضر، استفادت منها، بشكل خاص، سلسلة الزيتون بزائد 7,4 في المائة، والحوامض بزائد 6,3 في المائة، واللحوم الحمراء بزائد 4,8 في المائة. وأفضى ارتفاع الإنتاج إلى زيادة الصادرات، فقد ارتفعت صادرات الفواكه الطرية أو الجافة بنسبة 13,5 في المائة، والخضر الطرية والمجمدة بنسبة 8,5 في المائة، والطماطم الطرية بنسبة 5,6 في المائة.
غير أن الدراسة تسجل أنه رغم ارتفاع صادرات المنتجات الغذائية الخامة والمحولة بنسبة 8,2 في المائة بين 2008 و2018، إلا أن معدل تغطيتها للواردات من المنتجات الغذائية، يظل ضعيفا، حيث بقي في حدود 52 في المائة، علما أن العجز التجاري للمنتجات الغذائية تراجع بنسبة 47,1 في المائة.