وقع الكاتب حسن أوريد، مساء الخميس 09 نونبر ، روايته الجديدة "ربيع قرطبة"، وذلك بفضاء مكتبة الألفية بالرباط.
وقال حسن أوريد في لقاء مفتوح حول روايته، حضره عدد من المثقفين والمهتمين "إن رواية "ربيع قرطبة" تحكي قصة الخليفة الحكم بن عبد الرحمان، الذي تولى الحكم في فترة عصيبة بعد أبيه "عبد الرحمان الناصر لدين الله"، وهي الفترة التي عرفت صراعا بين السنة والشيعة، وتميزت بضعف الخلافة الإسلامية التي استولى عليها البويهيون.
واعتبر حسن أوريد أن أحداث رواية قرطبة التي تحكي عن وضع الأندلس خلال فترة حكم الخليفة الحكم بن عبد الرحمان تتطابق مع ما يعيشه العالم العربي اليوم.
وقال أوريد إن ما يعيشه العالم العربي والإسلامي اليوم من تهلهل يكاد يكون صورة طبق الأصل لما عاشته الأندلس خلال تلك المرحلة التاريخية مع بعض التغييرات البسيطة، مشيرا إلى احتدام الصراع الديني في تلك الفترة وظهور "حركات عدمية" كالقرامطة التي تقابل داعش في العصر الحالي.
الرواية، التي تقع في 159 صفحة، لجأ فيها حسن أوريد إلى شخصية الخليفة الحكم بن عبد الرحمان ليلج خبايا القصور وصراعات البلاط، التي لا تختلف عن العصر الحاضر.
ويبدأ الخليفة رحلة البوح لكاتبه"زيري" عن أسرار القصر والحكم وهو ممدد على فراش الموت، وهي اللحظة التي حاول فيها أن يخلع ثوب الخلافة ويعيش حياته كإنسان بسيط، دون أن يستطيع ذلك.
ويقول الخليفة في رواية "ربيع قرطبة":"كان أول درس لي في هذا اللقب الذي كنت أحمله، ولي العهد، ولهذه الأمانة التي سأتقلدها، خليفة المسلمين أن أعيش حياتين، وأدبر أمرين متضاربين في نفسي، وأتعايش مع هذا التمزق طوال عمري، وعشته طوال عمري، حتى هذه اللحظة التي لا أريد أن أحاط فيها إلا بمن أحب، خادمي الوفي الفتى جودر، وصاحب الخدمة فائق، وطبيبي شرحبيل، وأنت أيها الكاتب، أنت يا زيري".
الرواية تعالج أيضا علاقة السلطان بحاشيته، التي تتميز بحسب الكاتب بالخداع والنفاق وتغليب المصلحة الذاتية، إذ يقول على لسان الخليفة "كل من يتولى شؤون العباد يعرف كذب الحاشية ونفاقها، ومع ذلك فهو محتاج إليها وإلى نفاقها، محتاج إلى هذه البطانة التي تشيع فيه الدفء. يتوزع كل من يتولى أمور العباد، بين شعور الحاجة إلى هؤلاء، والازدراء لهم".
تجربة "المثقف" حاضرة بقوة في الرواية من خلال شخصية "باشكوال" الفتى القوطي صاحب الذكاء الخارق، الذي كان يدرس إلى جانب الخليفة .
تفوق "باشكوال" الدراسي على أقرانه وثقافته الواسعة، ورؤيته المختلفة لتدبير المجتمع ستجلب له متاعب عديدة بفعل الدسائس التي ستحاك ضده من قبل المحيطين بالخليفة، مقابل تعاظم دور جعفر الذي لم يكن يهمه شيء سوى استرضاء الخليفة.
وفي الرواية نقرأ "أشخاص كثيرون من حاشية الخليفة عبد الرحمان الناصر، أقاموا مجدهم بالتشهير بباشكوال، وآخرون بلغوا مبلغ السؤدد بمقربتي لما توليت أمر المسلمين بالثلب فيه والنيل منه كلهم كانوا يزعمون خدمتي والدفاع عن مصلحتي ومصلحة المسلمين، ولذلك حاولوا أن لا يتولى باشكوال المسؤولية، أو حين يتولاها أن يفسدوا عليه الأمر، بلغوا المراتب العليا بفضل باشكوال بتسويد صحيفته والكذب عليه".
السارد لم يفته أن يتطرق إلى قضية التسامح الديني في مجتمع الأندلس تحت الحكم الإسلامي، حيث كان قصر الخليفة يضم أشخاصا من مختلف الديانات مسلمين ويهود ومسيحيين دون أن يكره أحد على اعتناق غير دينه.
وتنضاف الرواية الجديدة إلى عدد من أعمال حسن أوريد الذي درس مع الملك محمد السادس وعرف دواليب القصر، الذي كان ناطقا رسميا باسمه. وتأتي "ربيع قرطبة" لتجد مكانا لها إلى جانب الموريسكي وسيرة حمار، والأجمة ورواء مكة.