عاد الملك محمد السادس للدعوة للنهوض بالعالم القروي، عبر خلق أنشطة مدرة للدخل ومحدثة للشغل، وتسريع وتيرة الولوج للخدمات الاجتماعية الأساسية، ودعم التمدرس، ومحاربة الفقر والهشاشة، حيث يتجلى أن النهوض بالعالم القروي يمثل أحد أهداف البرنامج التنموي الذي سيكلف الملك لجنة من أجل بلورته.
وذكر الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، أمس الثلاثاء، ببرنامج الحد من الفوارق بالعالم القروي، الذي خصص له، قبل ثلاثة أعوام، 50 مليار درهم، في الفترة الفاصلة بين 2016 و2022، داعيا في الوقت نفسه إلى استثمار الإمكانية المتوفرة في العام القروي، وفي مقدمتها الأراضي الفلاحية السلالية.
وستتم تغذية ذلك المبلغ عبر مساهمة المجالس الجهوية بنسبة 40 في المائة، وصندوق التنمية القروية والمناطق القروية بنسبة 21 في المائة، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بنسبة 4 في المائة، والقطاعات الوزارية المعنية بنسبة 26 في المائة، والمكتب الوطني للماء والكهرباء بنسبة 5 في المائة.
وسيسخر ذلك المبلغ للمشاريع المندرجة ضمن برنامج محاربة الفوارق في العالم القروي، حيث يتوزع بين شق الطرق بـ36 مليار درهم، والماء بـ5,6 مليار درهم، والتربية بـ5,1 مليار درهم، وكهربة العالم القروي بـ1,9 مليار درهم، و الصحة بـ1,4 مليار درهم.
ويستهدف البرنامج 12 مليون شخص، يتواجدون بـ1253 جماعة قروية توجد في تراب 37 إقليم، حيث يراد تقليص العجز المسجل على مستوى البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية.
وسبق للملك أن دعا، في العام الماضي، إلى إدماج قضايا التشغيل وتقليص الفوارق ومحاربة الفقر والهجرة القروية ضمن أولويات استراتيجية التنمية القروية، في نفس الوقت الذي عبر عن التطلع إلى خلق طبقة وسطى في العالم القروي وتشجيع الشباب وفتح مليون هكتار من أراضي الجموع أمام الاستثمار.
ويؤكد تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على ضرورة إدراك أن التنمية القروية، تتحظى الأبعاد المرتبطة بالزراعة، ملاحظا أن الزراعة التي تساهم بحوالي 15 في المائة في الناتج الداخلي الخام، ساهمت في تثبيت الساكنة القروية في مناطقها، إلا أن ذلك لا يؤشر على تنميتها.
وسجل التقرير أن العالم القروي يضم 40 في المائة من الساكنة، ناهيك عن أولئك الذين يقطنون بضواحي المدن والذي يحافظون على صلات مع العالم القروي، الذي يعيش به 79,4 في المائة من فقراء المملكة.
وذهب إلى أن التنمية، لم تأخذ بعين الاعتبار التطور الديمغرافي في العالم القروي، الذي تراجعت ساكنته من 49 في المائة في 2004 إلى 40 في المائة في 2014.
ولاحظ التقرير أن العالم القروي لا يستفيد من التنمية، رغم كونه يوفر للمملكة 65 في المائة من الحبوب، و96 في المائة من الحليب، و98 في المائة من اللحوم الحمراء، و100 في المائة من الدواجن، و48 في المائة من السكر.
واعتبر أنه في الوقت الذي يستفيد 76 في المائة من ساكنة المدن من التأمين الصحي الإجباري، لا يتعدى ذلك المعدل 23 في المائة في القرى.
وترأس رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، في الأسبوع الأخير من يوليوز الماضي، أشغال الدورة الثانية للجنة الوزارية الدائمة لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية، حيث أكد على أنه رغم وجود مؤشرات إيجابية فما زالت هناك فوارق قائمة وانتظارات كبيرة.
وذهب العثماني، خلال ذلك الاجتماع، إلى أن برنامج تقليص الفوارق في العام القروي "حقق عددا من الأهداف الجيدة، من بينها صيانة وتزفيت 4900 كيلومتر من الطرق القروية، مما يعني فك العزلة عن آلاف القرى بمختلف الجهات، وهو ما يعادل 41% من أهداف البرنامج وهذا شيء مهم"، مؤكدا أن العمل سيتواصل بالنسبة للقرى والدواوير المبرمجة في السنة الجارية والسنة المقبلة، وفق ما هو مسطر.
ودعا لمضاعفة الجهود لتدارك الخصاص ومعالجة العجز الذي مايزال يعاني منه المجال القروي والجبلي، من خلال رفع وتيرة إنجاز البنيات التحتية لتعزيز ولوج هذه المناطق إلى المرافق العمومية الحيوية وفك العزلة عن الكثير من منها وتحسين المستوى المعيشي لساكنتها.
وشدد على تفعيل أكبر لآلية الحكامة المركزية المتمثلة في اللجنة الوزارية الدائمة لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية، مع العمل على أن تحيط في أشغالها بكافة البرامج ذات الصلة ضمانا للالتقائية فيما بينها
وأكد على ضرورة إعداد تقارير عن آثار البرامج والمشاريع المنجزة على وضع الساكنة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وتحيين الاستراتيجية المعتمدة على ضوء ما تحقق.