قال جون مارك بيرتون، مدير المعهد الفرنسي بالمغرب، إن تظاهرة "ليلة الفلاسفة"، التي ينظمها هذا الأخير بالرباط والدار البيضاء منذ 2014، تهدف إلى جعل الشباب المغربي متحررا ويفكر بعقل ناقد، وذلك من خلال منحه أدوات النقاش، وجعله قادرا على التعبير عن آرائه، وإقناع الآخرين بها.
بيرتون تحدث، كذلك، في حوار حصري مع "تيلكيل عربي"، على هامش النسخة الرابعة من التظاهرة المذكورة في الرباط، عن علاقة "ليلة الفلاسفة" بتلميع الصورة الثقافية لفرنسا، وعن تقييمه لواقع الفلسفة في المغرب، ورأيه في اعتداء تلاميذ مغاربة، مؤخرا، على أساتذتهم.
سؤال: أولا، حدثنا عن تاريخ هذه التظاهرة؟
جواب: نظمنا، لأول مرة، ليلة الفلاسفة في الرباط والدار البيضاء سنة 2014، ولم نكن نعلم، حينها، إذا كان الجمهور سيأتي إلى التظاهرة أم لا، لكن أصابتنا الدهشة، بحيث حضر إلى النسخة الأولى من التظاهرة في الرباط 5000 شاب وشابة؛ وهم طلبة وتلاميذ من الثانويات. وبالتالي، أحسسنا، في السنة الموالية، أننا مجبرون على تنظيم النسخة الثانية من التظاهرة، لأن هناك أشخاص كثيرون ينتظروننا، ولهذا السبب لا زال المعهد الفرنسي بالمغرب ينظم التظاهرة إلى غاية الآن.
وكل سنة تتحسن جودة التظاهرة، ونوسع لائحة الفلاسفة المدعوين إلى التظاهرة، بحيث لدينا فلاسفة فرنسيين، ومغاربة طبعا، وكذلك ألمان، وبرازيليون، وروس، وجزائريون. ونقترح، داخل ندوات التظاهرة، حوارات، ولقاءات بين فلاسفة وفنانين، وبين شباب يأتون لطرح أسئلة، حضروها مسبقا، على فلاسفة. إذن كل سنة تكون التظاهرة غنية ومهمة أكثر من سابقاتها.
سؤال: وما هي أهداف المعهد الفرنسي في المغرب من خلق هذه التظاهرة؟
جواب: لأننا لاحظنا أن الفلسفة في المغرب أعيدت هيكلتها من قبل الملك محمد السادس، ولأن هناك شيء جديد في الثانويات، والجامعات، ونحن أردنا أن نرافق هذه الحركة الخاصة بالعودة إلى الفلسفة، باعتبارها مهمة بالنسبة لشباب المغرب، لكي تكون لديهم أدوات للنقاش، ومن أجل التعبير عن آرائهم، وإقناع الآخرين بها، لأن الفلسفة تعبر، قبل كل شيء، عن العقل الناقد، من خلال إخضاع كل شيء للمنطق، والنقاش، والنقد، وبالتالي فهذه فلسفة محررة، وهذا هو الغرض الذي ننظم، إلى جانب المكتبة الوطنية للمملكة المغربية في الرباط، هذه التظاهرة.
سؤال: التقينا شبابا في التظاهرة، يقولون إن هذه الأخيرة خالية من الفلسفة. فما هو تعليقك على هذا الأمر؟
جواب: التظاهرة ليس فيها شيء آخر غير الفلسفة، حيث هناك 20 فيلسوفا فيها، يقومون بتطوير التفكير الفلسفي أمام الشباب، إضافة إلى أن خطابهم راق وليس سهل الفهم، بحيث يتطلب نضجا من أجل فهمه، وبالتالي فهي، حقا، لحظة فلسفية. وأنا صدمت بمستوى نضج الشباب المغربي على مستوى النقاش.
سؤال: ما هو تقييمك لواقع الفلسفة في المغرب؟
جواب: أنا لدي مشكل، وهو أنني لا أقرأ باللغة العربية، وبالتالي فالنصوص الفلسفية المصاغة والمكتوبة بهذه الأخيرة غير متاحة بالنسبة إلي، وبالتالي فأنا محدود إلى حد ما على هذا المستوى.
وبالنسبة للإنتاج الفلسفي باللغة الفرنسية، فأنا أجده مهما، بحيث ألتقي بفلاسفة، وسوسيولوجيين، ومؤرخين، ينتمون إلى مستوى عال، ويهتمون بالموروث الخاص بالتقاليد العربية الإسلامية، إلى جانب اهتمامهم، كذلك، بالموروث الفلسفي الأوروبي.
سؤال: هذه التظاهرة موجهة إلى المغاربة عموما، وإلى الشباب المغربي بشكل خاص. هؤلاء شهدنا، مؤخرا، اعتداء بعضهم، بشكل عنيف، على أساتذة يدرسونهم. فما هو تعليقك على هذا الأمر؟
جواب: يجب علينا، دائما، أن نتأسف على استعمال العنف، خاصة عندما يرتكب من قبل شباب، ويجب إدانة الأشخاص الذين يستعملون العنف، خاصة عندما يرتكب في حق أساتذة، الذين يلعبون دورا نبيلا، يتجلى في كونهم ينقلون المعرفة، ويعرفون الشباب على العالم، وبالتالي تلاميذ على أساتذة أمر محزن جدا.
سؤال: وما هي، في نظرك، الأسباب الكامنة وراء هذه الحوادث؟
جواب: ربما الأمر راجع إلى التربية.
سؤال: ما هو الاختلاف بين تظاهرة "ليلة الفلاسفة" في الرباط والدار البيضاء، على مستوى طبيعة الجمهور الحاضر؟
جواب: فيما يخص الجمهور الذي يأتي إلى التظاهرة في الرباط والدار البيضاء، فهو يتسم بالتنوع في مدينة الرباط، بحيث يأتي شباب، إلى جانب هذه الأخيرة، من القنيطرة والخميسات، إضافة إلى تلاميذ من ثانويات فرنسية ومغربية، وهذا ما يجعلني أعتبر أن جمهور التظاهرة في العاصمة متنوع، مقارنة مع جمهورها في الدار البيضاء، لكن، رغم هذا الاختلاف، يظل الجمهور في المدينتين رائعا، والتظاهرة ناجحة في المدينتين.
سؤال: تعمل فرنسا، بشكل مستمر، على تلميع صورتها الثقافية، عمن خلال تنظيمها، عبر مؤسسات تابعة لها، مثل هذه الأنشطة. فهل تدخل "ليلة الفلاسفة" في هذا السياق؟
جواب: التظاهرة هدفها خلق لقاءات بين فلاسفة مغاربة وفرنسيين، وجمع الثقافة الفرنسية بنظيرتها المغربية، ومن أجل، أيضا، خلق علاقات وليالي خاصة بالحوار، على مستويات الثقافة، والفن، والفكر، الخاصة بالبلدين.
سؤال: وليس من أجل تلميع الصورة الثقافية لدولة فرنسا؟
جواب: الفرنسيون يعملون على تطوير بلادهم، وجعلها تتقدم. وعندما يكونون في الخارج، فهم يطمحون إلى إعطاء صورة جيدة حول فرنسا، كما يطمح المغاربة إلى ترسيخ صورة جيدة حول المغرب عندما يكونون في البلدان الأجنبية.