قال الحسين يوعابد، مسؤول التواصل بالمديرية الوطنية للأرصاد الجوية، إن سبب توالي الفيضانات يعود إلى عدم الاستقرار في المناخ خاصة بالمناطق الجبلية، مشيرا إلى أنه ناجم عن حدوث عدة ظواهر مناخية في وقت متقارب.
وأضاف يوعابد في تصريح "لتيل كيل عربي"، إن عدم الاستقرار في المناطق الجبلية سواء في الأطلس الكبير والمتوسط ، وبعض مناطق الأطلس الصغير نهاية غشت وبداية شتنبر، يعود إلى الانتقال السريع من طقس حار ميز الأسابيع الأخيرة من شهر غشت المنصرم، خاصة في المناطق الداخلية، مع وجود كتل هواية في الأجواء العليا.
وأشار إلى أن تلك الكتل الهوائية تزامنت مع سحب مدارية صعدت من الجنوب، وتحديدا من موريتانيا، لتصل إلى مرتفعات الأطلس والجنوب الشرقي، وهو ما أدى إلى تساقط زخات رعدية قوية بالشكل الذي رأينا خلال هذه المدة، وتوزعت بين مرتفعات الاطلس والجنوب الشرقي وبعض مناطق الريف.
وفيما يتعلق بكيفية تواصل المديرية، خاصة في ما يتعلق بالنشرات الإنذارية، قال يوعابد، إن عمل مديرية الارصاد الجوية يدخل في إطار الرصد والتوقع، وأن هناك عدة نشرات إنذارية يتم ارسالها الى عدة شركاء مؤسساتيين، كالجهات والعمالات والوقاية المدنية، إضافة إلى توزيعها عبر وسائل الإعلام.
وكشف يوعابد على أن مديرية الأرصاد الجوية تتوفر على موقع خاص بنظام اليقظة الرصدية، وبإمكان كل المواطنين زيارته: http://vigilance.marocmeteo.ma/.
ولقي ما مجموعه 36 شخصا حتفهم جراء سيول متفرقة ضربت، في الصيف، مناطق الجنوب والجنوب الشرقي (تارودانت والراشيدية)، وتسببت الأمطار الرعدية التي تهاطلت مع بداية شهر شتنبر، في فيضانات وسيول جارفة، وأدت إلى انجرافات في التربة، كما تسببت في خسائر مادية جسيمة في مناطق عديدة، خاصة في المرتفعات الجبلية لسلسلة الأطلس.
وكان المجلس الأعلى للحسابات أصدر في 2016، تقريرا حول الكوارث الطبيعية بالمغرب، كشف بأن عدد الكوارث الكبرى التي عرفها المغرب ما بين 1960 و2014 بلغت 96 كارثة، أصابت أكثر من 300 مدينة، وأن عدد الكوارث الكبرى تضاعف بـ22 مرة تقريبا ما بين 2000 و2014.
وحصر المجلس الأعلى للحسابات خمسة معيقات تحول دون تدبير أمثل لخطر الفيضانات: أولها غياب لتحديد كامل للملك عمومي المائي، وهذا مرتبط بالمسطرة، وقد نتج عن هذا الوضع تنامي البنايات في مجاري مياه الأودية وبالتالي احتلال أراض في المناطق المعرفة للفيضانات.
وتفيد أرقام لوزارة الداخلية تعود لسنة 2009 أن هناك ما يناهز 84.631 بناء بني فوق الملك العمومي المائي، خصوصا قرب مجاري المياه، بساكنة قدرت بحوالي 405 آلاف شخص، يمثلون أكثر من 1.5 في المائة من سكان المغرب.
ويتمثل المعيق الثاني في اعتماد قياسات وأحجام غير ملائمة للمنشآت الخاصة للعبور، إذ كثيراً ما يتم تحديدها في الفترة التي وقعت فيها الفيضانات، مقارنة مع حجم المياه المتدفقة ونوعية الطرق المعنية من حيث التصنيف وحركية المرور.
وقد كشفت الفيضانات التي عرفتها المناطق الجنوبية في 2014 عن عدم ملاءمة عدد من القناطر وبعض المنشآت الفنية المقامة على طول المحاور الطرقية التي تتقاطع مع مجاري المياه، إذ تبين أنها تشكل حواجز لتدفق المياه ولا تسمح بمرور السيول القوية؛ وهو ما يرفع مستوى المياه في المناطق الموجودة في أعلى المنشآت.
المعيق الثالث يتجلى في ضُعف التنسيق بين مختلف الجهات المعنية، وهي الوزارة المكلفة بالتجهيز والوزارة المكلفة بالماء، عبر وكالات الأحواض المائية، خلال مراحل تصميم منشآت العبور، ويتوجب أن تحين عملية التشاور بينها ويتم الأخذ بعين الاعتبار البيانات الهيدرولوجية والمخاطر المتعلقة بالفيضانات، وكذا تحديد فترة رجوع السيول لاعتمادها في كل مشروع مزمع تطويره في المستقبل.
ويتجلى المعيق الرابع في النقص في صيانة مجاري المياه والتخطيط المائي، فهذا الأمر يواجه عدداً من المشاكل أبرزها الطرح العشوائي للنفايات ووجود غطاء نباتي غير ملائم على ضفاف ومجاري الأنهار، ومع مرور الزمن تصبح مجاري المياه سبباً في عرقلة مرور المياه على مستوى المنشآت الخاصة بالتصريف، مما ينتج عنه تجاوز لجنبات المجاري وبالتالي وقوع الفيضانات، حسب تقرير المجلس.
المعيق الخامس والأخير يتمثل في توحل السدود، إذ تشير الأرقام إلى أن المغرب يتوفر إلى غاية 2014 على ما يناهز 140 سداً كبيراً وما يزيد عن 200 سد صغير جميعها قيد الاستغلال؛ لكنها تُعاني من عملية التوحل التي تعتبر ظاهرة في معظم جهات المغرب، ويقدر حجم المياه التي يتم فقدانها كل سنة بـ75 مليون متر مكعب.
التقرير كشف بأن هناك 390 موقعا مهددا بالفيضانات في المغرب، منها 50 تكتسي أولوية، وقد أعد لهذا الغرض مخطط وطني لمحاربة الفيضانات قبل عشرين عاما، لكن لم تخصص له ما يكفي من الاعتمادات المالية، وكنتيجة لذلك تمت معالجة 74 موقعا مهددا، أي ما يعادل 19 في المائة من الأهداف المسطرة.
وكان هذا المخطط يتطلب 25 مليار درهم على مدى 15 سنة، لكن الحكومات المتعاقبة خصصت له ما بين 2003 و2014 حوالي 7.1 مليارات درهم، أي ما يعادل 28 في المائة من الميزانية المتوقعة، ما جعله عاجزاً عن التنفيذ على أرض الواقع.