للعام الثاني.. "المثمر" يعود لمساعدة 10 آلاف فلاح للنفاذ إلى أسرار التربة

المصطفى أزوكاح

"سولونا نجاوبوكم".. صيغة تعكس أسلوب برنامج "المثمر"، الرامي إلى مساعدة المزارعين على استعمال الأسمدة التي توافق طبيعية  تربة أراضيهم.الإجابة عبر قناة "يوتوب" على تساؤلات المزارعين، لا تقتصر على نوعية الأسمدة، بل تشمل طبيعة الأدوية التي يفترض استعمالها من أجل مواجهة الأمراض الزاحفة على المزروعات.

عندما أطلق المجمع الشريف للفوسفاط، بمناسبة الموسم الفلاحي الجديد، النسخة الثانية من قافلته بجمعة اسحيم بإقليم آسفي في الأيام الأخيرة، خصص فضاء، حيث يمكن للمزارعين نقل تساؤلاتهم وهواجسهم لخبير حول المشاكل التي يصادفونها في تعاطيهم اليومي مع الأرض، مع التربة وما يواقفها من أسمدة، والأمراض وكيفية التصدي لها.. كي يجيب الخبير بضرورة التعاطي بشكل علمي مع الأرض عبر الأسمدة التي توافق مكوناتها والتصدي للأمراض عبر الأدوية المقاومة واحترام الدورة الزراعية..

عودة القافلة

حدث ذلك على هامش عودة قافلة " المثمر"، التي أطلقها المجمع الشريف للفوسفاط في العالم الماضي، للحلول بعدد من مناطق المغرب، كي تقنع المزارعين بفضائل تغيير عاداتهم في مجال استعمال الأسمدة، حيث ينتظر أن تصل في الموسم الحالي إلى 28 اقليما، ما يعني 180 موقعا. هكذا ستنطلق القافلة من آسفي كي تصل إلى اثنين الغربية، وواد زم، والفقيه بنصالح، وسيدي قاسم، وسوق الأربعاء، والقصر الكبير، وتاونات، ووزان وصفرو.

في مرحلتها الأولى هذا العام، حلت القافلة بإقليم آسفي، حيث تستهدف المزارعين الذين يتعاطون لزراعة الحبوب والقطاني، قبل أن تنتقل إلى مناطق أخرى، حيث ستستهدف المزارعين الذي يتعاطون لزراعة الخضر والفواكه والأشجار المثمرة، غير أنه خلافا للعام الماضي، ستنفتح على سلاسل جديدة، مثل النخيل والصبار..

تتوجه آلية مثمر إلى المزارعين الصغار والمتوسطين، الذي يعتبرون أكثر احتياجا للإرشاد حول الأسمدة التي توافق أراضيهم، هكذا تسعى القافلة في العام الحالي، كما في العام الماضي، إلى استهداف 10 آلاف مزارع سيستفيدون من تحليل التربة بالمختبرات المتنقلة ومختربات جامعة محمد السادس متعددة التخصصات بابن جرير.

لن تعبر القافلة الأقاليم التي تحل بها وتقطع الصلات معها، حيث سيتكفل اثنين من المهندسين المعتمدين من قبل المجمع الشريف للفوسفاط، في كل إقليم، بإرشاد وتتبع عمل المزارعين، على اعتبار أن البرنامج المشخص، يرتكز على التواصل المباشر مع الفلاح بغية الفهم الجيد لاحتياجاته وخلق رابط دائم للقرب.

النفاذ إلى أسرار التربة

بجمعة سحيم، حل مزارعو الحبوب في الأيام الأخيرة، بموقع " المثمر"، من أجل التعرف على نتائج تحليلات تربة أراضيهم، بعد أن كان مهندسو "المثمر"  قد أخذوا عينة من التربة بأراضيهم في غشت الماضي.

وفي قاعة خصصت لاستقبال المزارعين، يتولى تقنيون توضيح ماجاء في التحليلات الخاصة بكل مزارع، حيث يجري التركيز على مستويات البوتاس و الآزوت والأملاح، حسب نوعية الزراعة التي يمارسها المزارع.

عندما يتوصل المزارع بنتائج التحليلات ويتلقى التوضيحات حول تركيبة الأسمدة التي توافق طبيعة أرضه، يفترض فيه، إن شاء ذلك، أن يتوجه إلى موزع الأسمدة، الذي يتوفر على آلة تسمى "Smart Blunder"، أي الوحدة الذكية لإنتاج السماد الممزوج.

تستوعب الآلة الموصولة بحاسوبين، نتائج التحليلات والتركيبة المقترحة على المزارع، بعد ذلك يتم تحديد حجم اإنتاج الحبوب المستهدف في الهكتار الواحد، ويجرى حصر المكونات من الآزوت والفوسفور والبوتاس. تلك مواد أولية لإنتاج السماد، التي تضاف إليها مواد تكميلية.

ويحصل المزارعون بعد تحديد التركيبة على أكياس الأسمدة الممزوجة التي توافق خصائص التربة التي كشفت عنها التحليلات، التي قامت بها المختبرات المتنقلة التي يتوفر عليها المجمع الشريف للفوسفاط.

تلك التحليلات مكملة وتوفر بيانات دقيقة بعد تلك التي تكشف عنها خريطة خصوبة التربة التي وضعها المعهد الوطني للبحث الزراعي، وهي خريطة تهدف إلى تحديد وضعية الخصوبة، مع اختيار أسمدة توافق كل جهة وكل زراعة.

ويراد من هذه الخريطة الوطنية للخصوبة، التي تغطي 8,7 مليون هكتار، تعزيز خصوبة الأراضي، والرفع من إنتاجيتها، علما أن تلك الخريطة موضوعة رهن إشارة العموم.

زرع مباشر.. ومنصات

وستمضي القافلة في تطبيق تقنية المنصات التطبيقية، التي تقوم على حلول المهندسين الزراعيين باستغلالية الفلاح، حيث يتولون أخذ عينة من تربة أرضه وتحليلها واختيار الأسمدة التي توافقه، التي تستعمل في قطعة من أرضه، مع تتبع استعمال المدخلات والمياه، كي يقاس، بعد ذلك، مستوى المردودية المحقق، بالمقابل يقوم الفلاح بزراعة جزء من أرضه بالطرق التي اعتاد عليها، حيث يتم عبرالعمليتين، الوقوف على الفارق في الإنتاج.

وظهر في العام الماضي أن المنصات التطبيقية كان لها تأثير إيجابي على مستوى مردودية زراعات الحبوب والقطاني، رغم ضعف التساقطات المطرية في الموسم الفلاحي ، فقد أوضح حسن رفيق، منسق مبادرة "المثمر" بالمجمع الشريف للفوسفاط،  أن ارتفاع المردودية تراوح بين 30 و100 في المائة.

وينتظر أن تضاعف عدد المنصات التطبيقية في العام الحالي، كي تصل إلى 4000 منصة، بعدما كانت في حدود ألفين في الموسم الأخير، في الوقت نفسه، الذي يرتقب أن يتم إخضاع 10000 هكتار للزرع المباشر، عبر توفير حوالي 30 آلية للزرع المباشر، الذي يقوم على وضع البذور في الأرض بدون حرث، ما يساعد على التقليل من ضياع المواد العضوية والكيماوية التي تتغذي بها النباتات.

تواصل عبر المواسم.. وتطبيق

لن يقتصر تدخل " المثمر" على توضيح التركيبات التي توافق التربة أو المنصات التطبيقية أو الزرع المباشر، فقد ارتأى المسؤولون عن القافلة ابتكار صيغة جديدة تتمثل في " المثمر الأسواق والمواسم"، حيث سيحل مهندسون بالأسواق والمواسم، من أجل التواصل مع المزارعين قبل إطلاق أي دورة للزراعات، عبر تحديد احتياجاتهم ودعمهم في اختيار المدخلات، ومواكبتهم بهدف رفع المردودية.

المزارعون موعودون بتطبيق يحمل على الهاتف الذكي للمزارعين. فبعد شهر سيكون بإمكان التطبيق مساعدتهم على تحديد نوعية الأسمدة التي توافق تربتهم، وسيتاح للمزارعين الإطلاع على حالة الطقس، وستفتح أمامهم إمكانية الاطلاع على أسعار المنتجات في الأسواق الدولية.. ذلك تطبيق سيوضع، حسب حسن رفيق، رهن إشار جميع الفلاحين المغاربة، الذين يطرحون تساؤلات أكثر حول الأمطار في الموسم المقبل، بعد الصعوبات التي واجهوها في الموسم الماضي.