يقول عبد الجليل الفريحي الذي جاء للاقتراع في الانتخابات النيابية في مركز يقع بوسط العاصمة التونسية، بلا حماس "جئت للاقتراع لا أكثر ولا أقل"، منتقدا نخبة سياسية "أغرقت" البلاد.
سارع الفريحي السبعيني إلى مسح أثار الحبر الانتخابي عن إصبعه. وقال "هناك قرف. بعد سنوات عديدة من الانتظار من أجل التغيير يعتري اليأس جميع التونسيين بمختلف الأعمار".
يتقاسم عديد الناخبين الانطباع الحاصل عند الفريحي ولا يخفون رفضهم للأحزاب "القديمة" التي حكمت البلاد منذ ثورة 2011 ويتهمونها بالفشل، وامتعاضهم منها.
وفي مشهد مخالف لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي عام 2011، خرج العديد من الناخبين من مراكز الاقتراع وشرعوا في إزالة الحبر الانتخابي عن أصابعهم، بدون أن يتفاخروا به كما فعلوا قبل ثماني سنوات.
ويضيف الرجل المسن "لا شيء يثير الإعجاب في هذه البلاد. وصلنا الى درجة أننا لا نستطيع شراء سمك السردين" الذي كان ثمنه يبلغ في 2011 حوالي دينار ونصف الدينار وارتفع ليصبح أغلى بثلاث مرات منذ ذلك الحين.
ويقاطع أحد المراقبين لعملية الاقتراع حديث الفريحي لكي لا يشوش على بقية الناخبين الذين بدؤوا في التعبير عن سخطهم من الطبقة السياسية الحاكمة.
أما محمد الدعداع (60 عاما) فقد أدلى بصوته لأنه "من واجبي أن انتخب لكن دون أمل في أن يكون هناك تغير إيجابي في البلاد". وأضاف "لا أثق في أي شخص ولا في الأحزاب".
وتتنافس أكثر من 15 ألف قائمة على 217 مقعدا في البرلمان الذي فاز فيه كل من حزب "نداء تونس" و"النهضة" في انتخابات 2014 وحكما البلاد وفقا لتوافق سياسي.
ولم تتمكن البلاد خلال الخمس سنوات الفائتة من تجاوز الصعوبات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية ما زاد في درجة الاحتقان لدى التونسيين.
بدا الإقبال ضعيفا صباح الأحد حسب وكالة فرانس برس وهو ما أكده محمد القفصي رئيس مركز اقتراع بالعاصمة تونس حيث بقيت قاعات دون ناخبين مع انطلاق التصويت. وقال إن "توافد الناخبين متواضع وغالبيتهم بأعمار تتجاوز 45 عاما وسط غياب للشباب ومشاركة ضعيفة للمرأة".
ويقول علي الرقيقي من مرصد "مراقبون" لفرانس برس، إن الناخبين "لا ثقة لهم في الأحزاب القديمة ولا يعرفون جيدا الجديدة منها وبذلك ليسوا متحمسين لهذه الانتخابات".
بالرغم من ذلك تتشبث ربح حمدي الستينية "ببصيص أمل لتغيير الوضع في البلاد مع ظهور وجوه جديدة"، وتأمل في "تحسن الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالأخص لأن التونسيين لم يعود باستطاعتهم تحمل حالة البؤس".
تتقدم ربح حمدي الصفوف كعادتها. وتقول "أريد الأمن والاستقرار، ولتنتهي الانتخابات وننتقل للبناء".
وتنظم تونس إثر التشريعية الدورة الرئاسية الثانية الأحد المقبل. وقد ترشح لها أستاذ القانون الدستوري الذي يتبني أفكارا محافظة قيس سعيد، ورجل الأعمال الموقوف بتهم غسل أموال وتهرب ضريبي نبيل القروي.
وتقول فاطمة (55 عاما) ساخرة "لا يمكن أن نتصور سيناريو جديد أكثر تعقيدا لتونس (...) ننتظر بفارغ الصبر الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل". وتضيف وهي تهز بكتفيها معبرة عن عدم الاهتمام "سيكون هناك وجوه جديدة، وبعد".
يجيبها رجل سبعيني رافضا الاستسلام لآرائها "بالرغم من ذلك يجب أن نأتي للانتخابات".