تحويل بقايا الفوسفاط إلى ورق مشروع ممكن التحقق في تصور غونتر باولي، الاقتصادي ورجل الأعمال البلجيكي، الذي تمكن من بلورة مفهوم "الاقتصاد الأزرق"، ولا يكف عن الدعوة إلى الدفاع عن "براديغم" اقتصادي قائم على على الإنتاج دون تلويث البئية.
يجوب غوتنر باولي، الذي كان رئيسا سابقا لـ"إيكوفر" العالم منذ سنوات، من أجل الإقناع برؤيته التي تقوم على تحويل الحلم بصناعة مستدامة و"صفر نقايات" ومراعاة البعد الإيكولوجي إلى واقع، فهو الذي بلور مفهوم "الاقتصاد الأزرق"، الذي يوجد في قلب مؤسسة "ZERI" التي أحدثها، والتي تعني "صفر انبعاثات للبحث والمبادرات".
ويشتغل باولي في إطار شبكة تضم حوالي 3000 باحث منشغلين بالاقتصاد الأزرق، وهي الشبكة التي يواكبها 1000 رجل أعمال، يؤكد باولي أنهم لا يسعون إلى الربح، بل يسكنهم هاجس الحفاظ على البيئة.
يقول باولي الذي يلقب بــ"ستيف جوبز"، مخترع " آبل"، و"المعلم الروحي" للتنمية، و"تشي غيفارا البيئة"، إنه يتوصل يوميا بفكرة جديدة من الشبكة، ويؤكد على أنه إذا ما بدا له صاحب الفكرة متحمسا لها ينخرط في تجسيدها.
يوكد على أنه يدافع عن فكرة تقوم على أخذ المبادرة على الأرض، مؤكدا على أنه لم يعد يميل أكثر للمؤتمرات التي تصدر توصيات حول حماية البيئة كي تجد صعوبات في التجسيد.
لا يتوقف عن السفر، فنادرا ما يحل ببلده بلجيكا، حيث يعتبر مقيما باليابان، ويتردد كثيرا على كولومبيا وجنوب إفريقيا، ويحتفى به كثيرا بالصين، حيث تدرس تعاليمه ذات الصلة في 750 ألف مدرسة للتعليم الأولي، وهو يؤكد أن الصين تسعى إلى زرع قيم المقاولة في الأطفال، بما يعتبر بالنسبة لهم حلما، يراه الكبار مجرد استيهامات.
عندما حل اليوم الاثنين ضيفا على الدورة الخامسة لمؤتمر "سامفوس"، الذي ينظم بتعاون بين المجمع الشريف للفوسفاط وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات، الذي يفتح النقاش هذا العام حول التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والاقتصادي الدائري، تحدث عن الاقتصاد الدائري وطرق الإنتاج الحامية للبيئة، وعن فوائد تحويل بقايا الفوسفاط إلى ورق.
وأشار باولي إلى أنه يمكن للمغرب التوفر على مصانع لإنتاج الورق انطلاقا من بقايا الفوسفاط، موضحا أنه إذا كان باطن في المغرب يختزن حوالي 100 عام من احتياطي الفوسفاط، فإنه يمكن أن يواكب ذلك بصناعة الورق بالاعتماد على تلك البقايا.
وأكد، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن إنتاج الورق بالاعتماد على بقايا الفوسفاط أوالمعادن، شرع فيه في الصين، مؤكدا على أن المستثمرين في ذلك البلد بمكن أن يوظفوا البقايا التي تتاح في المغرب من أجل إنتاج الفوسفاط في بلدهم، كما يمكنهم إنجاز استثمارات مماثلة في المغرب.
وأضاف أنه يمكن للمغرب أن يصبح، باستعمال بقايا ذلك المعدن، أحد أكبر منتجي الفوسفاط في العالم، ما سيتيح توفير حوالي 50 و100 ألف فرصة عمل ورقم معاملات يتراوح بين 10 و15 مليار دولار.
وأكد على أن التوجه نحو استعمال بقايا الفوسفاط أو المعادن من أجل إنتاج الورق في ظل ارتفاع الطلب العالمي على الورق، وهو لم يعد ممكنا الاستجابة له في ظل اجتثات الأشجار الذي يواكبه
وشدد على أن المجمع الشريف للفوسفاط مهتم بهذا المشروع، حيث يجري الحديث عن إحداث منصة من أجل تطوير هذه الصناعة.
وذهب إلى أن إنتاج الورق بالاعتماد على بقايا الفوسفاط، له مردودية كبيرة، بسبب انخفاض التكلفة، معتبرا أن المغرب يمكنه في ظرف عقد أو عقدين أن يصبح منتجا لحوالي 50 مليون طن من الورق، ما سيرفع إلى مصاف المنتجين الكبار في العالم.
وقوبلت مداخلة غونتر باولي بالكثير من الاهتمام، من طرف المشاركين في "سامفومس"، الذي ينظم هذا العام حول "التكنولوجيا المبتكرة المحدثة للقطيعة والخلخلة من أجل صناعة فوسفاطية مستدامة"، الذي يحضره حوالي 900 مشارك يمثلون المنظومة الصناعية العالمية للفوسفاط، من فاعليين صناعيين ومصنعي ومزودي التجهيزات والآليات ومصممي التكنولوجيا ومعاهد ومؤسسات بحثية.