سوار إلكتروني وأشغال للصالح العام.. عقوبات بديلة لتقليص الاكتظاظ في السجون والاعتقال الاحتياطي

عبد الرحيم سموكني

أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتماد عقوبات بديلة من شأنها أن تخفف من الاكتظاظ في السجون، مقترحا مجموعة من التدابير في هذا الباب، كالسوار الإلكتروني لتقييد حركة المدان في نطاق جغرافي معين، والحكم بالقيام بأشغال للصالح العام.

وحملت مذكرة المجلس تعريفا للعقوبات البديلة وقالت إنها بديلة للعقوبة الحبسية القصيرة المدة، خاصة وأن أغلب العقوبات السالبة للحرية هي عقوبات قصيرة المدة لا تتجاوز بضعة أشهر، وأن العقوبات التي تقل مدتها عن ستة أشهر يصعب خلال تنفيذها تطبيق أي برنامج إصلاحي جدي. مثلا تدريب السجين على تعلم مهنة معينة أو تعليمه.

وتقول المحامية في هيئة الرباط ورئيسة شبكة "إنجاد" ضد عنف النوع، فتيحة اشتاتو، في تصريح لـ"تيلكيل عربي" إن اعتماد عقوبات بديلة في قضايا جنحية كان مطلبا قديما، خاصة وأن من شأنه أن يقلل الاكتظاظ في السجون، خاصة وأن بعض العقوبات القصيرة المدة، تؤدي إلى مفاقمة الإشكال، إذ يتحول السجن في بعض الأحيان إلى مكان لتطوير القدرات الإجرامية لبعض المدانين، لذا فإن العقوبات البديلة من شأنها أن تكون حلا جيدا أمام هذه الإشكالية".

وتضيف اشتاتو أنه بالنسبة للجرائم المتعلقة بالعنف مثلا، لا يجب فقط أن تقتصر على العقوبة، وإنما أن تشمل أيضا المتابعة النفسية، خاصة في الحالات التي يكون فيها تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية سببا في العنف.

وترى مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان المتعلقة بالعقوبات البديلة، أن العقوبات قصيرة المدة لا تحقق الهدف من العقوبة الذي هو مبدئيا إصلاح السجين وإعادة إدماجه في المجتمع، وعلاوة على ذلك فإن اللجوء المبالغ فيه من طرف القضاة إلى الاعتقال الاحتياطي يترتب عنه أن هناك شريحة واسعة من السجناء توجد في وضعية انتظار لكي تتم محاكمتها، وكثيرا ما تتم تبرئة جزء منها على الأقل.

وتوافق اشتاتو الرأي القائل بأن من شأن تبني العقوبات البديلة العقوبات البديلة تقليص اكتظاظ السجون، وأن من جملة الوسائل التي تساهم في إصلاح الجناة من زاويتين: الأولى هي تجنيبهم مساوئ العقوبة الحبسية والثانية تتمثل في قيامها في حد ذاتها بدور إصلاحي.

وتبنى المشروع ثلاثة أصناف من العقوبات البديلة: العمل من أجل المنفعة العامة، الغرامة اليومية وتقييد بعض الحقوق.

وحدد المشروع القائمة الحصرية للجرائم التي لا يمكن اللجوء فيها إلى العقوبات البديلة وهي: الاختلاس والغذر والرشوة واستغلال النفوذ والإثراء غير المشروع، والاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية والاتجار في الأعضاء البشرية وتهريب المهاجرين والاستغلال الجنسي للقاصرين.

تذهب اشتاتو بعيدا في قضية العقوبات البديلة وتقول إن على المشرع أن يعود إلى تطبيق الأشغال الشاقة، خاصة في الجرائم المقترنة بالعنف، وتؤكد أن من الأحسن أن يلزم المدانون في مثل هذه الجرائم بأداء أعمال تخدم الصالح العام، كالفلاحة وشق الطرق في المناطق النائية والفقيرة، وذلك بالموازاة مع قضائهم فترة عقوبتهم السجنية، وتضيف "لا يعقل أن ينعم السجين بحياة جيدة داخل الزنزانة هي أفضل مما يعيشه في الخارج، كما يجب أن يجري تخصيص متابعة لضحايا العنف، لان العنف يولد العنف، لا يجب أن تقتصر مقاربة العدالة على الجاني، بل يجب أن نهتم أيضا بالضحية".