رغم تأكيد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، على دور التكنولوجيات الحديثة والتربية المالية في توسيع مجال تعبئة الادخار، إلا أنه يركز على المبادرات التي يمكن أن تتخذها المؤسسات المالية والسلطات الحكومية من أجل تجاوز الوضعية الحالية المتسمة بضعف الادخار بالمغرب.
وركز الجواهري، في مداخلية بمناسبة الندوة التي تنظمها صندوق الإيداع والتدبير، اليوم الثلاثاء، على دور التكنولوجيات الحديثة في توسع مجال المنتجات والخدمات والرفع من جودتها وتقليص كلفتها، مشددا على تسهيل الإدماج المالي، كي يشمل الفئات الأكثر هشاشة في النسيج الإنتاجي والشرائح الاجتماعي الفقيرة.
واعتبر والي بنك المغرب في الندوة التي نظمت حول "التربية المالية في زمنة الرقمنة: رافعة لإنعاش الادخار"، أن البيانات المتوفرة حول الادخار، تشير إلى أن هناك تحديا كبيرا مطروحا على هذا المستوى، حيث أن الادخار الذي يحوم حول 14 في المائة من الدخل الخام، يعتبر جد ضعيف بدون تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج.
ويحيل والي بنك المغرب على بيانات البحث الذي أنجزته البنك الدولي في 2017، والذي يخلص إلى أن ادخار الساكنة التي توجد في سن النشاط بالمغرب أقل ارتفاعا بمرتين مقارنة بالبلدان ذات الدخل المتوسط والضعيف، مشددا على أن هذا الادخار سيكون متدنيا أكثر في حالة التركيز على المؤسسات المالية فقط.
وذهب إلى أن هذه الوضعية لا يبدو أنها تتحسن، حسب ما يتجلى من تطور الودائع البنكية، حيث أن ودائع الأسر تعرف تباطؤا مثيرا للانشغال خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح أن نمو وتيرة الودائع الفورية يعرف تباطؤ كبيرا، بينما تسجل الودائع لأجل انخفاضا بـ10 في المائة منذ 2015.
وكان بحث المندوبية السامية للتخطيط حول مؤشر ثقة الأسر الصادر في أكتوبر المنصرم، خلص إلى أن 17,8 في المائة فقط من الأسر تبدو متفائلة حول إمكانية إنجاز ادخار في الاثني عشرة شهرا المقبلة.
وأكد الجواهري على أن أسباب ضعف الادخار تستحق التحليل، غير أنه يشير إلى أن وضعية الودائع يمكن تفسيرها، بالاستناد إلى بيانات المندوبية السامية للتخطيط لعام 2014 حول أنشطة القطاع غير المهيكل.
ويشير إلى أن سيادة القطاع غير المهيكل يفضي إلى شيوع التعامل بـ"الكاش"، سواء على مستوى الأداء أو الادخار، ما يترجم بضعف الادخار عبر القنوات المالية الرسمية.
ويعتقد الجواهري أنه من أجل معالجة الوضعية الحالية، التي يمكن أن تؤثر على تمويل الاقتصاد، يفترض التوجه نحو زيادة إمكانيات الادخار على المديين المتوسط والطويل عبر تسريع النمو، وتحسين الشغل والإنتاجية.
ويوضح أن ذلك يقتضي، واقعيا، إطلاق دورة حميدة للنمو، الكفيل بتوفير الدخول وإتاحة إمكانية للاخار، الذي يعتبر ضروريا للنمو، معتبرا أن الهدف هو من بين التحديات الكبرى للاقتصاد الوطني.
ويتصور أن المدخل الثاني لتعبئة الادخار، يتمثل على المدى القصير، في استغلال الإمكانيات المتوفرة على ذلك المستوى، حيث يفترض في السلطات العمومية والنظام البنكي والمؤسسات المالية، العمل على توسيع وتنويع فرص ومنتجات الادخار، بالموازاة مع توسيع الولوج للخدمات المالية لعدد أكبر من الأسر.
وأكد على أن هناك العديد من التحديات التي يفترض رفعها، مثل تلك المرتبطة بدور البورصة في تعبئة الادخار وترجمة الجهود بسرعة بطريقة ملموسة على مستوى المبادرات التي يتخذها النظام المالي.
ويذهب إلى أنه رغم الجهود التي بذلتها السلطات العمومية على مستوى تشجيع بعض المنتجات مثل الادخار من أجل السكن أو التربية أو التقاعد، فإن هناك جهودا أخرى يفترض أن تنصب على الإطار القانون للادخار من أجل جعلها أكثر تحفيزا.
وشدد على أنه ضمن السياق الصعب الحالي، لا يجب أن يكون تطوير الادخار انشغالا ثانويا في أجندات السياسات العمومية والمؤسسات المالية، معتبرا أن ذلك يجب أن يكون شرطا لازما من أجل تعبئة الموارد الضرورية لتمويل الاقتصاد، ومكوناته المقصاة الممثلة في المقاولات الصغرى والمقاولين الشباب.