عادت إلى واجهة الأحداث بالولايات المتحدة الأمريكية، منذ مساء أمس (الثلاثاء)، قضية استعمال هيلاري كلينتون، كاتبة الدولة في الخارجية خلال عهد باراك أوباما، بريدا إلكترونيا غير محمي في المراسلات، والتي تسرب بعض منها، ومن بين ما فيها تفاوضها حول الحصول على هبة مالية من المغرب. وزير العدل الأمريكي، أعلن قرب تعيين مدع عام خاص للتحقيق في القضية، ما يعني اقتراب تحقق رغبة دونالد ترامب في اقتياد صديقة المغرب، ومنافسته السابقة، إلى المحاكمة، هي التي اعترفت أن تسرب "الإمايلات" كان وراء خسارتها الانتخابات.
أكد جيف سيشنز، وزير العدل الأمريكي، أمس (الثلاثاء)، أنه سيتخذ في القريب العاجل، قرارا بتعيين مدع خاص للتحقيق مع هيلاري كلينتون، المرشحة الديموقراطية منافسة الرئيس دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية، في قضيتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بمواصلة استعمالها خادما (سيرفور) شخصي وخاص في القيام بمراسلات رسمية، بعد تعيينها كاتبة للدولة في الخارجية، خارقة بذلك قواعد الأمن والسرية المتعلقة بالمراسلات الرسمية، والثانية تخص صفقة بيع شركة "أورانيوم" أمريكية إلى روسيا.
وفيما اعتبر المراقبون أن قرار وزير العدل، يعكس سعيا من الحزب الجمهوري الحاكم إلى شن هجوم مضاد ردا على التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات، وما إذا كانت حملة ترامب تواطأت مع روسيا للتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية، جاءت توضيحات وزير العدل، تفاعلا مع تسرب وثيقة له، فيها أنه ينظر في إمكانية تعيين مدع خاص للتحقيق مع مؤسسة كلينتون، وهي منظمة غير حكومية أمريكية أسسها بيل كلينتون، الرئيس الأمريكي سابقا، وزوج هيلاري كلينتون، بسبب علاقتها المفترضة مع شركات ضالعة في صفقة بيع شركة "أورانيوم" أمريكية لشركة حكومية روسية.
وبينما كشفت الرسالة ذاتها، أن التحقيق سيشمل أيضا استخدام هيلاري كلينتون خادما خاصا في مراسلات رسمية، بينها رسائل يجب أن تحاط بالسرية التامة، عندما كانت وزيرة للخارجية، الشيء الذي أدى إلى اختراقها، وتسريب 10 آلاف منها من قبل موقع "ويكيليكس"، في 2016، قال وزير العدل الأمريكي، الذي يستاء منه الرئيس ترامب لتأخره في التحقيق، أمام الكونغريس، إن "التحقيق سيجري، وسيتم دون تأثير سياسي، وبالشكل الصحيح والسليم".
المغرب في رسائل كلينتون
لا يظهر بعد إلى أي مدى سيسير التحقيق مع مؤسسة كلينتون، وفي رسائل هيلاري المسربة، لكن الجدير بالذكر، أن اسم المغرب مذكور فيها، واعترفت المرشحة الديمقراطية السابقة، أن المعلومات المتعلقة بمراسلاتها حول الهبة المالية المغربية لفائدة مؤسسة كلينتون، كانت من بين أسباب هزيمتها في الانتخابات الرئاسية، التي واجهت فيها الملياردير دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري.
وفي هذا الصدد قالت هيلاري كلينتون، مطلع ماي الماضي، في حفل استضافتها فيه مؤسسة "المرأة من أجل المرأة"، بنيويورك، "كنت في الطريق إلى الانتصار في الانتخابات الرئاسية، إلى أن تسربت رسالة جيم كومي، في 28 أكتوبر، إذ قام ويكيليكس بإحداث شك في أذهان الناس الذين يتحركون من أجلي، ما جعلهم يتخوفون"، مضيفة "لو تم الاقتراع قبل تاريخ 27 أكتوبر، لكنت رئيسة الولايات المتحدة الأمريكية"، مؤكدة أن روسيا هي التي حركت "ويكيليكس" ضدها لفائدة دونالد ترامب.
الرسائل المتعلقة بالهبة المالية المغربية، والتي تمت بين بعض أعضاء فريق المرشحة الرئاسية في 18 يناير 2015، تسربت تحديدا في 20 أكتوبر 2016، وفيها أن هيلاري كلينتون، التي كانت مديرة لمؤسسة كلينتون في 2015، دخلت في تفاهم مع المغرب، من أجل الحصول على 12 مليون دولار لفائدة المؤسسة العائلية، مقابلا لتنظيم مؤتمر "مبادرة كلينتون العالمية" في مراكش، وحضورها الشخصي في فعالياته، وهو الحدث الذي تم فعلا في المدينة الحمراء بين 5 ماي 2015 و7 منه، بـ"بالموري غولف بالاص".
ولم تتردد كلينتون، في القول خلال مختلف مشاركاتها في حفلات وندوات بعد خسارتها الانتخابات، في القول إنها كانت في الطريق إلى الرئاسة، إلى حدود الأيام العشرة الأخيرة من الحملة الانتخابية، إذ قام الروسيون بقرصنة مراسلات فريق حملتها الانتخابية، ومساعديها الرئيسيين، فسربوا إلى "ويكيليكس" 10 آلاف رسالة إلكترونية، بينها تلك المتعلقة بتفاصيل الهبة المالية المغربية.
هيلاري تتهم قراصنة روسيون
ومنذ اليوم الأول لوقوع التسريب، توجهت اصابه الاتهام إلى دونالد ترامب، وتواطؤ روسيا معه للفوز، سيما أن تسريبات "ويكيليكس"، بدت رد فعل على قيام "واشنطون بوسط"، بنشر "فيديو" يخص دونالد ترامب، ويعود إلى 2015، ويظهر فيه ترامب في وضع مخل مع عدد من النساء، وبمجرد مرور نصف ساعة، لقي فيها "الفيديو"، اهتماما كبيرا، تسربت رسائل "كلينتون"، لتتوجه الأنظار إليها.
وليست هيلاري كلينتون، والمعسكر الديمقراطي، وحدهما المعنيان بالتحقيقات القضائية، إذ هناك بحث قضائي آخر، يخص معسكر دونالد ترامب، عن المعسكر الجمهوري، ويتعلق بتدخل روسي مفترض في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، من المعنيين به، وزير العدل نفسه، جيف سيشنز، الذي رفض أمام الكونغريس، اتهامات موجهة له بشأن تصريحات حول طبيعة اتصالاته مع عدد من المسؤولين الروس أثناء حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، واجتماع شارك فيه المرشح الرئاسي آنذاك دونالد ترمب، ومساعدوه، ونوقش فيه ربط علاقات مع روسيا.