تأمل السعودية أن تجني مليارات الدولارات مقابل بيع نسبة ضئيلة من أسهم "أرامكو" في السوق المحلية، في وقت تعد المملكة اقتصادها لما بعد النفط، الذي تم الكشف عن كثير من المعطيات عنه بعد أن ظلت طي الكتمان.
تم الإعلان أن قيمة الشركة بين 1,6 و1,71 تريليون دولار وهو أقل من عتبة تريليوني دولار التي كان يسعى إليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
بيع البيوت من أجل عيون "أرامكو"
أطلقت الشركة حملة إعلانية بواسطة لافتات ترويجية ورسائل في مراكز التسوق وأجهزة الصراف الآلي في جميع أنحاء المملكة.
ويبدو أن الاكتتاب العام يعتمد على الطلب المحلي، وقد سعت السعودية إلى تخفيف قيود الإقراض للمواطنين العاديين لشراء حصة في أكثر الشركات ربحية في العالم.
يقول مسؤولون تنفيذيون محليون إن بعض السعوديين يفكرون في بيع منازلهم أو اقتراض أموال لشراء أسهم في الاكتتاب العام.
ووصف العديد من المواطنين عملية شراء أسهم في "أرامكو" بالواجب وطني، وأضفى بعض رجال الدين موافقة عليها، قائلين إن الإسلام يسمح بها.
كما أفادت تقارير محلية أن الحكومة تمارس ضغوطا على العائلات الثرية والمؤسسات التجارية السعودية للاستثمار.
111 مليار دولار من الأرباح
حددت "أرامكو" قيمتها بين 1,6 و1,71 تريليون دولار، قبيل بدء تداول أسهمها في السوق المحلية.
وأعلنت المجموعة النفطية العملاقة أن ها ستبيع 1,5 بالمائة من أسهمها بناء على نطاق سعري للسهم الواحد بين 8 و8,5 دولارا، ما يعني أن قيمة الاكتتاب ستتراوح بين 24 مليار دولار و25,6 مليار دولار.
وبدأت، اليوم الأحد، فترة الاكتتاب التي يتقدم فيها المشترون بعروض لشراء الأسهم، على أن تستمر حتى الرابع من دجنبر المقبل للمستثمرين من فئة الشركات والمؤسسات، بينما تنتهي فترة اكتتاب الأفراد في 28 نونبر الحالي.
وستحدد الشركة التي تضخ نحو 10 بالمائة من النفط العالمي يوميا، في الخامس من دجنبر السعر النهائي للسهم الواحد، على أن يبدأ التداول الفعلي في السوق المالية المحلية بعد ذلك بأيام.
وقد حققت الشركة العملاقة أرباحا صافية بلغت 111 مليار دولار العام الماضي، لتتفوق على أكبر خمس شركات نفطية عالمية، وبلغت عائداتها 356 مليار دولار.
52 عاما من البترول
سيذهب الجزء الأكبر من الأموال التي يتم جمعها إلى صندوق الاستثمارات العامة الحكومي، وهو الأداة الاستثمارية الرئيسية للمملكة.
ويسعى الصندوق إلى جمع مليارات الدولارات لتمويل تحول المملكة من دولة نفطية إلى اقتصاد يرتكز على التكنولوجيا.
وسبق أن اتخذت السعودية خطوات جذرية لتعزيز صندوق الاستثمارات الخاص بها لتمويل مجموعة من الاستثمارات الكبيرة غير النفطية - من شركات التكنولوجيا إلى منطقة نيوم الضخمة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار وسيتم بناؤها في شمال غرب المملكة.
لطالما أحاطت "أرامكو" حساباتها بالسرية، ولكن كان عليها رفع الغطاء عن عملياتها المالية في نشرة الإصدار الخاصة بالاكتتاب العام والتي أدرجت المخاطر ونقاط القوة التي يجب على المستثمرين أخذها في الاعتبار.
وفي ظل المواجهة بين المملكة وإيران، وقيادة تحالف عسكري غارق في حرب في اليمن المجاور، لاحظت "أرامكو" أن الاضطرابات السياسية والاجتماعية في المنطقة قد تؤثر على عملياتها.
وقالت نشرة الإصدار إن الحكومة السعودية تحد د الحد الأقصى لمستوى إنتاج المملكة من النفط الخام- وهو ما يقول محللون إنه قد يخلق توترا بين مصالح الشركة والسلطات.
من الناحية الإيجابية، تقدر "أرامكو" احتياطات النفط المثبتة السعودية بـ227 مليار برميل، واحتياطات الهيدروكربون بـ257 مليار برميل وهو ما يكفي لمدة 52 عاما.
كما أن تكاليف إنتاج النفط تعتبر بين الأقل في العالم بسبب الطبيعة الفريدة للتكوينات الجيولوجية للمملكة. في عام 2018، كانت التكلفة 2,8 دولار فقط للبرميل.
خطر خفض الطلب العالمي
أعطت أرامكو في نشرة الإصدار الخاصة بالاكتتاب العام، أهمية خاصة للتغير المناخي ولتأثيراته على عمل الشركة، على خلفية المطالب بخفض انبعاثات الكربون والانتقال إلى وسائل الطاقة المتجددة والبديلة.
وتابعت في نشرة الإصدار "قد تؤدي المخاوف المتعلقة بتغير المناخ (...) إلى خفض الطلب العالمي على المواد الهيدروكربونية واللجوء إلى استخدام الوقود الأحفوري الأقل كثافة لانبعاث الكربون (مثل الغاز) أو المصادر البديلة للطاقة كبديل لهذه المواد".
ويعتبر الوقود الأحفوري السبب الرئيسي لغالبية الغازات المضرة، وبالتالي عاملا مؤثرا في التغير المناخي، في وقت تمارس المنظمات البيئية والأمم المتحدة ضغوطا كبرى على الدول والشركات النفطية لخفض انبعاثات الكربون.
يرى أستاذ إدارة الأعمال الدولية بجامعة جورج واشنطن حسين عسكري أن "هذا هو العامل الأكثر إلحاحا الذي يؤثر على تقييم أرامكو".