قضية الرشوة الكبيرة.. ابتزاز بأسلوب "خذ وهات" والمدير حاول الفرار يوم الكمين

تيل كيل عربي

بعد أن جرى تأجيل الجلسة الأولى من محاكمة مدير الوكالة الحضرية لمراكش المتابع بتهمة الارتشاء، بعدما ضبط متلبسا بتلقي مبلغ مالي نقدي قدره 50 مليون سنتيم، وتسلم شيك بقيمة 886 مليون سنتيم، من طرف منعش عقاري، كان السبب في الإيقاع به عبر شكاية لوكيل الملك، ظهرت معطيات جديدة في أكبر قضية فساد مالي تنظر فيها محاكم الجنايات بالمغرب في الفترة الأخيرة.

كشفت مصادر مطلعة على تفاصيل ملف القضية في قضية مدير الوكالة الحضرية لمدينة مراكش، المعتقل على خلفية ضبطه متلبسا بتسلم رشوة من أحد المنعشين العقاريين في المدينة، أن الرشوة كانت نتيجة عملية ابتزاز متشابكة، استعمل فيها المدير سلطات أحد أصدقائه المهندسين المعماريين، وأنه لجأ إلى أسلوب "خذ وهات"، من أجل إجبار المشتكي على دفع مبلع مليون أورو و300 ألف أورو، إن أراد أن البدء في الشروع في مشروعه العقار، على البقعة الأرضية البالغة مساحتها 20 هكتارا، والتي تدخل فيها المدير للعثور على مشتر.

وصرح المشتكي بأن مدير الوكالة الحضرية فرض عليه التعاقد مع مهندس عقاري بعينه، وهو المتابع في حالة سراح، للإشراف على مشروعين عقارين، وأنه لما رغب في الحصول على تراخيص البناء، اتصل بمدير الوكالة الحضرية وأخبره بالأمر، وأن المدير أخبره بأنه سيسلمه جميع التراخيص التي سيحتاجها، كما سيرخص له استثناء ببناء مساحات أخرى غير قانونية داخل الورش، مقابل تسليمه مبلغ مليون و200 ألف أورو كرشوة، وأن المدير طلب منه تحويل هذا المبلغ إلى الحساب البنكي الخاص بزوجته بفرنسا بحكم أنها تتوفر على الجنسية الفرنسية، وأنه بالموازاة مع ذلك اعرض مشروع عقاري ثان له لبعض العراقيل المتمثلة في خروج لجنة إلى مكان المشروع مدعية معاينتها لبعض مخالفات البناء، وأنه لما تقصى في الأمر اتضح له بأن المهندس المعماري الذي تعاقد معه بتوصية من المدير نفسه، هو الذي تقدم بشكاية ضده بالرغم من أنه متعاقد معه.

المشتكي كشف أثناء الاستماع إليه من طرف قاضي التحقيق، بأن عندما استفسر المهندس المعماري عن السبب في شكايته، أخبره هذا الاخير أن لا يد له وأن مدير الوكالة هو الذي نزل بثقله لعرقلة تتمة المشروعين، وأنه أشار عليه بالاتصال بمدير الوكالة من أجل عدم عرقلة المشروعين.

حسب المصدر ذاته، فإن المتهم الرئيسي في القضية نفى كل التهم الموجهة إليه، رغم أن محاضر الشرطة، تشير إلى أنه خلال عملية ضبطه متلبسا حاول الفرار من قبضة رجال الشرطة، وأنه لولا محاصرته بسيارتين للشرطة من الأمام والخلف، لكان فر هاربا، وأنه لجأ إلى ضدم سيارة الشرطة وإلحاق اضرار مادية كبيرة بها، يوم الكمين.

وحسب المصدر ذاته، فإن استنتاجات قاضي التحقيق، فإن ما يؤكد تورط مدير الوكالة الحضرية، هو أن عناصر الشرطة ضبطت مبلغ 50 مليون سنتيم، وهو المبلغ الذي جرى نسخه في وقت سابق، بعد تنسيق بين المشتكي والنيابة العامة، كما جرى ضبط الشيك ذاته، الذي جرى نسخه أيضا.

وحسب المصدر ذاته، فإن ما يورط المتهم بشكل قوي، هو بهتان ادعاءاته المتعلقة بكون الشيك والمبلغ المالي يدخلان في إطار أتعاب لخدمة قدمتها شركة زوجته، وهي أيضا متابعة في حالة سراح، وأن التحقيق كشف أن ادعاءات المدير وزوجته لا اساس لها من الصحة، إذ أن شركة الزوجة لم تقدم أي خدمات لفائدة شركة المشتكي، بدليل أن العقدة التي يتشبث بها المتهم، هي مجرد اقتراح ولا تحمل توقيع المشتكي، بحيث تحمل فقط توقيع زوجته، وأكثر من ذلك أن من بين الخدمات المقترحة هي نصائح خلال عمليات الاقتناء، والحال أن المتهمة صرحت خلال مرحلة التحقيق الاعدادي، بأن هذا الاقتراح لا علاقة له باقتناء العقار لأنها أمور ليست من اختصاص شركتها.

المصدر ذاته قال إن هذا التباين في تصريحات زوجة المتهم، دحض بشكل كبير طرح الدفاع عن نفسه وأضعف موقف المتهم حول كون المبلغ المالي المسجل في الشيك والمبلغ النقدي المحجوز في السيارة يوم الإيقاع به، إذ أن وثيقة أو عقد الاقتراح والفاتورة تحمل تاريخ 7 يوليوز 2019، بينما العقار جرى شراؤه قبل هذا التاريخ، وهو ما يؤكد صورية هذه الوثائق.