التقى أمس صديقان كبيران في عالم السينما، بعدما جمعهما العمل لأول مرة قبل قرابة الأربعين عاما، فمن "موت على المباشر" سنة 1980، عاد كل من الممثل الأمريكي هيرفي كيتل والمخرج والكاتب والمنتج الفرنسي برتران تافيرنيي ليلتقيا في هذه الليلة تحت سماء مدينة مراكش في ليلة تكريم كبيرة.
بدت فرحة الرجل المسن، الذي مشى بتأن فوق السجادة الحمراء غير بخيل في منح التصريحات للجميع، كبيرة على رجل حصد قبلها "الدب الذهبي" لبرلين وقبلها بكثير فاز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان كان عام 1984، ثم الأوسكار عن أفضل موسيقى أصلية عامين بعدها، ولم ينجح المخرج الفرنسي الأكثر "أمركنة" في سينماه، في إخفاء غبطته أثناء تكريمه، وقال مازحا أثناء دخوله لقصر المؤتمرات للصحافيين، "لا أعرف إن كان مغزى التكريم هو التذكير باقترابنا من القبر، لكني أراه تشجيعا على الاستمرار رغم التقدم في السن".
وحاك النجم الأمريكي هيرفي كيتل بتسليم كلمة جميلة لتكريم صديقه، وقال إنه سعيد بالتواجد مرة أخرى في مراكش، المكان المليء بالتناغم والموسيقى الروحية، وأضاف "في هذا المكان أسعد كثيرا بسماع نداءات الله"، وأضاف كيتل "في مهرجان مثل هذا، حيث يلتقي كثيرون من ثقافات ومجتمعات مختلفة، يأتون إلى هنا ليحكوا قصصهم، لأن البوح طريق إلى الخلاص، والكتمان مؤلم في الصدر، والمهرجان صدى لهذا الفكر الحكيم، الذي نكرم فيه أحد حاملي الرسائل، واستطاع أن يخلق تجديدا في السينما الفرنسية، رجلا نال اعتراف أقرانه واعتراف الجمهور والعالم بأسره".
ورد برتران تفارنيي بكلمات منمقة عميقة، وقال بأنه سعيد ومنبهر بتكريمه في مراكش، وقال إن 90 في المائة من الناس يقضون معظم ةقتهم في البحث عن إثبات أنفسهم للآخرين ونيل ثقتهم، وأن هذا التكريم يشجعه على المواصلة.
تافرنيي قال أيضا إنه يتحدر من مدينة ليون، التي أنجبت شقيقين غيرا مجرى التاريخ بفضل ثلاث اختراعات وهي "الضمادة الطبية، والتصوير بالألوان، والكاميرا"، وقال إن الأخوان لوميير عندما ابتكرا التصوير المتحرك، بعثا متدربين لمختلف البلدان، حتى عرضوا صور باريس وفرنسا وصورا شوارع تلك المدن لنقلها في العودة، وزاد "لقد كان الهدف من التصوير هو تقديم العالم للعالم، وهو ما يقوم به مهرجان مراكش، من خلال عرضه لأفلام لا تتجاهل الحدود وتدفعنا لفتح العيون للرؤية جيدا".
وختم تافرنيي كلمته مقتبسا عبارة النجم الأمريكي روبيرت دينيرو خلال تكريمه العام الماضي، وقال "لست متيقنا من كوني أستحق هذا التكريم، لكن اليقين الوحيد أن مفاصلتي صارت تؤلمني".
ويعتبر تفارنيي أحد أعمدة السينما المعاصرة في فرنسا وأكثر المخرجين عملا في هوليوود، كما أنه مؤلف ومنتج، أشهر أعماله "القاضي والقاتل"، "حوالي منتصف الليل"، أو "الطُّعم"، وأصدر العديد من المؤلفات المرجعية حول الفن السابع، فضلا عن كونه رئيسا لـ"معهد لوميير" الرفيع في "ليون".