تعود منظمة أوكسفام لتوصي المغرب إلى إضفاء مزيد من العدالة والوضوح في النظام الجبائي، عبر جعل الأغنياء والشركات الكبرى تساهم بشكل أوسع لحماية الفئات الهشة.
وذهبت المنظمة، في بيان لها، إلى أن تحقيق ذلك المبتغى يتطلب تبني هدف طموح يهم تقليص الفوارق الاجتماعي، في أفق 2030، وتبني تدابير عاجلة وملموسة لتخفيض الفوارق الجهوية وعدم المساواة بين الجنسين وتحسين الحكامة، وإطلاق خطة لتقنين نشاط القطاع غير المهيكل.
وتعتبر المنظمة أن تحقيق هدف تقليص الفوارق يمر عبر تحسين تصاعدية النظام الجبائي في مجمله، وتوسيع الوعاء الجبائي لجعل مساهمة مجمل الفاعلين الاقتصاديين في البلد أكثر أنصافا، مشددة على ضرورة جعل مكافحة التهرب والغش الضريبي من الأولويات.
وتمثل "أوكسفام "، كما تعبر عن ذلك في موقعها الرسمي، الملايين من الأشخاص ممن يعتبرون أن العالم غني بالموارد وأن الفقر ليس أمرا حتميا.
نموذج دون التطلعات
وتأتي تلك التوصيات بعدما لاحظت أن السياسة الجبائية، وتدبير الإنفاق، وتخصيص الموارد، بما في ذلك الاستثمار، تظل، وفية للنموذج التنموي الحالي، بالرغم من انتاجه للمزيد من الفوارق واللامساواة، ملاحظة أن التباطؤ في معدلات الاستثمار العمومي الذي تراجع من 18,7 في المائة إلى 16,3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، لا يمكن أن يؤدي إلى الحد من الفوارق الاجتماعية والترابية والجندرية.
وترى أن النظام الجبائي وسيلة محورية للحد من الفوارق؛ إذ يساعد على توزيع الدخل الأولي، كما أنه يمكن من التأثير على مستقبل الأفراد من خلال تحرير الموارد الكافية لتمويل البنى التحتية والخدمات العمومية، لا سيما للأشخاص في المناطق الأكثر هشاشة (يتمركز 80٪ من الفقر في الوسط القروي).
وأكدت على أن تطور الإيرادات الضريبية يعاني من الركود، حيث سجلت نسبة نموضعيفة مقارنة مع السنة السابقة على الرغم من سنوات النمو الاقتصادي، وبالتالي فإن الموارد المالية لا تزال غير كافية للحد من أوجه اللامساواة.
وذهبت إلى أن إيرادات الضرائب في المغرب أقل بثلاث نقاط عن تونس ونقطتين عن جنوب إفريقيا، وهي أقل بنحو ثمانية نقاط عن متوسط ايرادات أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والذين يمتلكون نظاما ضريبيا أكثر كفاءة وحداثة.
واعتبرت أنه على مستوى توزيع الدخل، وعلى الصعيد الجهوي يسجل المغرب أكبرمعدل من ناحية الفوارق الاجتماعية ومن بين الدول المغيبة للعدالة الاجتماعية على المستوى الدولي، حيث لاحظت أن النمو الاقتصادي خلال العشرين سنة الماضية والتقدم الحاصل في الحد من الفقر يبقيان غيركافيين، مؤكدة على أن ارتفاع الفوارق الاجتماعية يعرقل محاربة الفقر ويحد من التنمية، مشددة في الوقت نفسه، على أن النموذج الحالي لا يرقى إلى تطلعات السكان وعلى وجه الخصوص الشباب والنساء، لأنه يمركز الثروة لدى أقلية بينما يعيش الملايين في وضع مختل وغير عادل.
تأجيل توصيات المناظرة
ويأتي صدور بيان المنظمة في سياق انكباب البرلمان على مناقشة مشروع قانون المالية للعام المقبل، الذي ترى أنه رغم الانتظارات بعد المناظرة الوطنية حول الجبايات التي شهدها المغرب في من العام الماضي، يظهر من مشروع قانون المالية 2020، أنه سيتم تأجيل مشروع إعادة الهيكلة الشاملة للسياسة المالية.
وتعتبر أن العديد من التوصيات التي خرجت بها المناظرة لم تضمن في مشروع قانون مالية العام المقبل، من قبيل تكريس مبدأ تصاعدية الضريبة على الشركات، خاصة بعد ملاحظة أن 82 في المائة من عائدات الضريبة على الشركات تأتي من 2 في المائة فقط من الشركات، كما أن القاعدة الضريبية للضريبة على الشركات منخفضة للغاية، وخاصة أن القطاع غير المهيكل لايخضع للتضريب.
ولم يتضمن المشروع مراجعة معدلات الضريبة على الدخل عبر تخفيض نسب التضريب على بعض الأشطر للتقليل من الضغط الضريبي على الأجر لذوي الدخول الدنياوالطبقات المتوسطة، خاصة بعد تسجيل أن 80 في المائة من شغيلة القطاع الخاص يمارسون بالقطاع غير المهيكل، وبالتالي من السهل تخيل الحصة الغالبة من مأجوري القطاع العام في إيرادات الضريبة على الدخل.
وتذكر بأن المناظرة حثت على الحد من الحد من الإعفاءات الضريبية غير المبررة على القيمة المضافة، حيث أن عدم المساواة الناجم عن الضريبة على القيمة المضافة يرجع إلى عدم تطبيق هذه الضريبة على العديد من قطاعات النشاط الاقتصادي، إما بسبب إعفائها أو بسبب انتمائهم إلى القطاع غير المهيكل، مما يساهم بشكل كبير في تقليص الوعاء الضريبي.
وأشارت إلى ضرورة فرض ضريبة على الثروة، تمس كل المعاملات ذات الطبيعة المضارباتية وفق معدلات تصاعدية ملاءمة وإحداث ضريبة تصاعدية، ملاحظة أن إيرادات الضريبة على ملكية الميراث العقاري تمثل 0,7 في المائة الناتج المحلي الإجمالي في المغرب؛ أي حوالي 7,4 مليار درهم، وهو رقم ضئيل، في تصور المنظمة.
وشددت على ما توصلت إليه المناظرة من ضرورة وضع إطار مقنن يحدد شروط منح التحفيزات الضريبية مع تأطيرها، حيث "يمكن تعديلها كلما أظهر تقييم دوري تأثيرًا سلبيًا يبرر ذاك"، مؤكدة على المغرب مدعو للتوقف عن منح حوافز وإعفاءات ضريبية ضخمة وغير فعالة لجذب الشركات، خاصة الأجنبية، لا سيما عندما لا يكون لها عائدات اجتماعية.