في الوقت الذي يثار النقاش بالمغرب حول "تقنين" القنب الهندي، من أجل الاستعمالات الطبية أساسا، تعرض محلات تجارية، في قلب العاصمة الإسبانية مدريد، بضاعة أساس صناعتها تلك المادة المحرم تداولها في أكثر من بلد، ويمنع تمريرها بين الحدود، لكنها هناك بأصناف مختلفة، وأشكال متنوعة. "تيلكيل عربي" زار تلك المحلات...
شوكولاتة و"مصّاصات" و"بسكويت" وجُعة حضرت باستعمال "الحشيش". أصناف مختلفة وضعت بعناية، وجمالية فائقة، فوق رفوف زجاجية تغري الناظرين. كل شي هنا مباح شراؤه، واستهلاكه بشروط، بل يمكن أيضا أن تبتاع قميصا أو قبعة أو حقيبة ظهر زُينت بالعلامة المسجلة لنبتة "القنب الهندي" الخضراء.
"الحشيش" أو القنب الهندي، مخدر مباح شراؤه هنا بكميات محددة، داخل محلات تجاربية مخصصة لذلك، ليصبح الترخيص ببيعه مصدراً لخلق الثروة.
هل "الحشيش" الذي يباع هنا مصدره المغرب؟ كيف يمكن المستهلك الحصول على جرعتك اليومية ؟ وما هي أسعار تداوله؟ وماذا عن الأماكن التي يسمح باستهلاكه فيها؟ وهل هناك سوق موازية للبضاعة المسموح تداولها قانونيا؟
هل المغرب هو المصدر؟
يسمع المشرف على محل منتجات "الحشيش" هنا، سؤالاً يتكرر على مسمعه أكثر من مرة، وهو: "هل بضاعتك مصدرها المغرب؟".
عبارة تتكرر على لسان الزائرين من مختلف الجنسيات، ويقول المشرف على المحل لـ"تيلكيل عربي": "الجميع عندهم قناعة أن "حشيش" المغرب هو الأكثر جودة من بين كل الأصناف التي تصل إلى هنا".
صاحب المحل كشف لـ"تيلكيل عربي" أن "الحشيش" الذي يعرض للبيع خاماً، أي معداً للف، "مصدره إيطاليا، وموردون يؤكدون أنهم يستوردونه من المغرب ولبنان"، وزاد "كما نملك منتجات قادمة من أمستردام. تعرفون أنه في هذه المدينة تجارة الحشيش قانونية، وهناك منتجات كثيرة تحضر منها".
خلال الحديث إلى المشرف على محل "Cannabis Store Amsterdam"، كانت الحركة لا تتوقف داخله، محل يوجد داخل زقاق في قلب مدريد، يبعد قرابة الـ300 متر عن محطة "الميترو" "Sol"، تشدك إليه واجهته الخضراء المضيئة المزينة بعشبة "Cannabis".
المشرف على المحل يشدد على أن المتعاطين لبضاعتهم يفضلون الحديث عن "الماريخوانا"، ويفسر ذلك بالقول: "جلهم يستهلكون عشبة "Cannabis" خامة باستعمال نرجيلات صغيرة، نبيعها أيضا بأحجام وألوان مختلفة".
لكن ماذا عن "الحشيش" الذي يجفف ويحضر للاستهلاك، كما هو معروف في المغرب؟ يرد المشرف على المحل: "نعم نبيع قطعا منه، لكن بكميات صغيرة جداً. هذا النوع سعره مرتفع، القطعة الصغيرة يتراوح سعرها ما بين 10 إلى 15 أورو"، وخلال جوابه يشير إلى علبتين صغيرتين بالقرب من صندوق الأداء، تحتويان على قطعتين من "الحشيش" المغربي.
أما "الحشيش" الخام فهو معروض هنا بأصناف مختلفة وبكميات وفيرة، ويصل سعر العلبة الواحدة إلى 25 أورو، معدة بعناية داخل أكياس بلاستيكية وعلب صغيرة خضراء.
كل شيء بـ"العشبة الخضراء"
"مصاصات"، قطع حلوى، "بسكويت"، قهوة، ومشروبات الجعة، بالإضافة إلى مواد استهلاكية أخرى كلها مزجت أو حضرت بـ"الحشيش".
سعر مصاصات المخدر يتراوح ما بين 1,5 و2 أورو، أما قطع الحلوى فما بين 2,5 و3 أورو.
أما علب الشوكولاتة، فتباع هنا بما بين 10 إلى 15 أورو. ويختلف سعرها حسب الجودة وكمية تركيز "الحشيش" المستعمل في تحضيرها، وتبدأ النسبة بـ5 في المائة وتصل إلى 40 في المائة.
مشروبات الجعة الباردة بدورها متوفرة هنا، ويختلف سعرها بدورها حسب نسبة تركيز مخدر "الحشيش" فيها؛ البرتقالية منها يبلغ سعرها 4 أورو والخضراء سعرها 5 أورو.
ويوفر المتجر أيضاً الزيوت المعدة لمن يستعملون السجائر الإلكترونية، بمختلف النكهات، ويصل تركيز مخدر "الحشيش" فيها إلى نسبة 10 في المائة.
المتجر يوفر لزواره وزبنائه، بالإضافة إلى المنتجات الاستهلاكية من مادة "الحشيش"، فرصة لشراء تذكارات تزينها الماركة المسجلة لنبتة "Cannabis"، ويصل سعر حقيبة الظهر إلى 35 أورو، كما يصل سعر طقم كامل يضم قبعة و"جاكيت" وقناع وجه إلى 35 أورو أيضا، ويصل سعر قبعات الرأس إلى 12 أورو.
ولمن يبحثون عن التعبير عن حبهم لشخص ما بتذكار من المحل، يوفر لهم "قلوبا"، صبغت بالأسود تزينها عشبة "Cannabis" خضراء في الوسط تحمل شعار المحل، ويصل سعرها إلى 15 أورو.
أين يستهلك؟
صاحب محل زاره "تيلكيل عربي"، وسمح بالتقاط صور داخله، يشدد على عدم استهلاك أي منتوج أو إظهاره عند مغادرة الزبون المحل؛ "هذا الأمر ممنوع، أي منتج ننصح الزبناء من السياح باستهلاكه في البيت أو أحد النوادي المخصصة لذلك. الأمن يعتبر استهلاك منتجاتنا في الأماكن العامة جريمة يعاقب عليها القانون".
ماذا عن النوادي الخاصة؟
في مدريد، التقى "تيلكيل عربي" مجموعة من المغاربة الذين يعملون في الحانات أو المطاعم. أحد هؤلاء، وهو شاب من مدينة تطوان، قال إن "في إسبانيا نواد خاصة باستهلاك الماريخوانا أو الحشيش. هذه النوادي تفرض اشتراكات سنوية على المنتسبين إليها، وتمنحهم بطائق تخول لهم الحصول على مساعدات قضائية من محامين يترافعون في مثل هذه القضايا".
وكشف الشاب أن عدد هذه النوادي قليل جدا في مدينة مثل مدريد، لأن هناك تشددا من طرف السلطات حيال استهلاك "الحشيش" بمختلف أصنافه وأنواعه، وإن كان شراؤه تم من محلات مرخص لها.
في المقابل، يضيف الشاب ذاته، تنتشر هذه النوادي بشكل كبير في إقليم كتالونيا وتوجد هناك بالمئات، كما توجد في عدد من المدن والقرى بإقليم الباسك.
تقنين بيع "الحشيش" يراه الإسبان، كما هو الحال في دول أخرى، وسيلة لمواجهة إدمانه وضبط سوق ترويجه، فالعشبة لا تستعمل فقط من أجل الوصول إلى نشوة، ويمكن أن تستخرج منها مستحضرات للتجميل، وصادف "تيلكيل عربي"، في محل زاره، عدداً منها، خاصة الزيون الخاصة بالشعر أو الوجه والشفتين.
هذا التقنين لبيع العشبة الخضراء يحد أيضاً من اقبال المدمين على السوق السوداء، والتي توفر هامش أوسع لانتشار الجريمة والصراع بين المجموعات على مناطق النفوذ، فضلا عن احتمال كبير لوصول الإدمان إلى شرائح واسعة ومن بينها القاصرين...