راقب مغاربة وفرنسيون بالكثير من الاهتمام ما سيصدر عن حكومتي فرنسا والمملكة، من تصريحات حول مستقبل تصنيع السيارات الفرنسية بطنجة والقنيطرة، كما انشغلوا بما قد يقال حول فكرة القطار فائق السرعة بين أكادير ومراكش، خلال اللقاء الرابع عشر عالي المستوى بين حكومتي البلدين.
يأتي الاهتمام بمستقبل صناعة السيارات الفرنسية بالمغرب، بعد ما عبر وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، الذي كانت يتحدث خلال لقاء حول صناعة السيارات يوم الثاني من دجنبر الجاري، عن عدم رضاه عن استراتيجية ترحيل الأنشطة التي تقوم بها شركات فرنسية مصنعة للسيارات، ممثلة في "رونو" و"بوجو"، خاصة في ما يتصل بإنتاج السيارات الأكثر مبيعا، خاصة "بوجو 208" التي تصنع بالقنيطرة براتيسلافا بسلوفاكيا، و"رونو كليو" التي تنتح بسلوفينيا.
عقدة الترحيل
وقال الوزير "نحن ننتج ونجمع السيارات بالمغرب وسلوفاكيا وتركيا من أجل إعادة استيرادها نحو فرنسا لأهداف تجارية. لا يرضينا هذا النموذج الذي يقوم على عدم إنتاج السيارتين الأكثر مبيعا بفرنسا".
ويعتبر مصنعو السيارات أن ترحيل نشاطهم يستجيب لرغبتهم في خفض تكاليف الأنتاج، غير أن برونو لومير يرى في ذلك نتيجة لفشل مزدوج: "فشل اقتصادي، لأنه قاد إلى ترحيل الإنتاج وهدم فرص العمل. ففرنسا هي البلد الأوروبي الذي قام بأكثر عمليات ترحيل صناعة السيارات خلال العقد الأخيرة، وفشل إيكولوجي، أفضى إلى ارتفاع انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون"، مؤكدا على أنه يجب وضع حد لهذا النموذج.
وأكد الوزير على أنه من أجل معالجة مسألة نزوح المصنعين الفرنسيين نحو الخارج، سيتم تشكيل لجنة "تتولى مع المصنعين في الأشهر المقبلة، تقييم الشروط التي تفضي لإبقاء وإعادة النشاط إلى فرنسا، وتحسين العلاقات بين مصدري الطلبيات والمناولين"، حيث ينتظر أن تصدر أولى التوصيات في مستهل العام المقبل.
تساؤلات عديدة طرحت حول تداعيات تصريحات الوزير على صناعات السيارات الفرنسية بالمغرب، بينما اعتبر وزير الصناعة والتجارة، مولاي احفيظ العلمي، في تصريحات أمام مجلس المستشارين، أن "الحقد" امتد إلى بلدان غربية تجاه الكفاءات الصناعية للمغرب، مشيرا إلى أن المملكة تتجه نحو تصنيع السيارة الكهربائية، ما رأى فيه بعض المراقبين رسالة لجذب الصينيين على حساب الفرنسيين.
رسائل متبادلة
في الندوة الصحفية، التي عقدها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني والوزير الأول الفرنسي إدوارد فيليب، أعيد طرح السؤال حول الأجواء المضببة بين البلدين بعد تصريحات برونو لومير، كما طرح تساؤل حول القطار فائق السرعة بين مراكش وأكادير.
وقد قال العثماني، في جوابه إن الموضوعين كان على موضوع المباحثات بين الطرفين على طاولة المباحثات، وهو ما أكده إدوارد فيليب، الذي عبر عن ارتياحه لما أخبره به العثماني حول القطار فائق السرعة الذي يربط الدار البيضاء بطنجة، في إشارة إلى الدور الفرنسي في توفير ذلك القطار عبر منح قروض ومساهمة شركة " ألستروم".
تلك رسالة من إدوار فيليب حول القدرة على إعادة إنتاج المسلسل ذاته بخصوص القطار الذي يفترض أن يربط بين مراكش وأكادير، خاصة أن تقارير تواترت بعد الإعلان عن فكرة المشروع حول سعي الصينيين للمساهمة فيه.
وقال العثماني على أنه تم التأكيد على أهمية التعاون في مجال القطار الفائق السرعة بين طنجة والدار البيضاء مضيفا "نحن جد واثقين في المستقبل".
انشغال مغربي
وبينما ينشغل الفرنسيون بالقطار الفائق السرعة، يسعى المغاربة إلى توضيح رؤية الفرنسيين حول مستقبل صناعة السيارات بالمملكة.
هذا ما يتجلى من الاجتماع الذي عقده وزير الصناعة والتجارة مولاي احفيظ العلمي مع وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، حيث وصف الوزير المغربي الاجتماعي بأنه كان "مثمرا"، مؤكدا على تعبير الطريفين على وجود "إرادة مشتركة لتدعيم الشراكة الصناعية الجيدة بين البلدين".
ويؤكد العلمي على أنه تم الاتفاق على "وضع استراتيجية مشتركة تتيح دعم التصنيع في البلدين وتسمح بنقل التكنولوجيا"، مضيفا أن الوزير الفرنسي سيقوم بزيارة للمغرب في مستهل يناير المقبل.
وقد سعى العلمي إلى تلطيف الأجواء، في تصريح بعد على هامش هامش اللقاء الفرنسي المغربي، حيث نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية قوله إن فرنسا في حاجة لتطوير صناعتها، وهذا ما نتفهمه بسهولة، هذا مشروع والتصريح (في إشارة لتصريح برونو لومير) لم يكن على حساب المغرب".
وشهد اللقاء الرابع عشر بين البلدين، الذي تشارك فيه 300 مقاولة، توقيع اتفاقيات تهم مجالات مجالات اقتصادية واجتماعية و ثقافية والتعمير والملكية الصناعة والتعليم والتعاون اللامركزي، أبرزها اتفاق قرض بقيمة 150 مليون أورو لدعم تنفيذ سياسة التشغيل من أجل الاندماج الاقتصادي للشباب في ثلاث جهات نموذجية (سوس-ماس و الرباط –سلا و القنيطرة و طنجة –تطوان-الحسيمة).
وبينما أعلن الوزير الأول إدوار فيليب عن زيارة الرئيس الفرنسي، إمانويل ماكرون، للمغرب في فبراير المقبل، اعتبر العثماني أن تلك الزيارة ستكون مناسبة للارتقاء أكثر بالعلاقات الثنائية، علما أن رئيسي الحكومتين أكدا على جودة العلاقات الثنائية، في ما يتصل بالرهانات الأمنية الإقليمية، خاصة محاربة الإرهاب بالساحل.