يفضي عدم توضيح مهام المتدخلين في عمليات البناء إلى بعض الاختلالات، التي يمكن أن تتسبب في المساس بسلامة وصحة الناس، بل إن ذلك قد يكون سببا في إزهاق الأرواح عند عدم الحرص على التفاصيل التقنية في البناء ومواده وموقعه، وهو ما يسعى مشروع قانون جديد لضبطه.
مقدمات لابد منها
وضعت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة مشروع قانون يتعلق بتنظيم عمليات البناء، لدى الأمانة العامة للحكومة، التي أدرجته في موقعها الإلكتروني، ضمن مسودات مشاريع النصوص، وهو التدبير الذي يراد منه إطلاع المعنيين بمشاريع القوانين التي يمكن أن يكون لهم رأي فيها.
يفرض مشروع القانون على صاحب المشروع أو المنعش العقاري، أن يعمد، بناء على عقد يبرمه مع المهندسين المختصين، إلى إنجاز الدراسات التقنية القبلية اللازمة لضمان جودة واستقرار ومتانة وسلامة واستدامة المبنى، حيث يؤكد على الدراسة الجيوتقنية المرتبطة بالعناصر المتعلقة بتدبير المخاطر الجيوليوجية، وتلك الناجمة عن الماء وتسربه، والدراسة التقنية للهيكل ومواد البناء، ودراسة تقنية تهم أشغال الهدم والحفر.
ويتوجب على المهندس المعماري أن يرفق التصريح بافتتاح الورش بالوثائق التي تثبت إنجاز الدراسات المذكورة، وبنسخ من عقود تأمين الخاص بتغطية الأخطار المرتبطة بتنفيذ عمليات البناء.
ويلزم المشروع صاحب المشروع أو المنعش العقاري بالتحقق من أن مواد البناء المراد استعمالها غير محظورة وتوافق المواصفات والمعايير التقنية المعتمدة وغير المجهولة المصدر.
مهام على المقاس
يوجب المشروع على صاحب المشروع أو المنعش العقاري، إخضاع أشغال البناء لاختبارات متزامنة مع عمليات البناء، يتولى إنجازها مهندسون مختصون، حيث تنصب على مدى مطابقة تنفيذ الأشغال للدراسات والتصاميم والوثائق التقنية للمشروع وجودة مواد وأدوات البناء المستعملة.
ويتولى مباشرة، أو عبر من يكلفه بالسهر على ضمان السلامة والصحة في الورش، منع أي عمل يمكن أن يشكل خطرا على الأغيار أو المنشأة داخل وفي محيط الورش، واتخاذ التدابير المتعلقة بالوقاية من الأخطار في مصدرها وتقييم الأخطار التي يمكن تداركها.
ويشدد على أنه عند تتجاوز عدد العاملين في الورش 50 شخصا أو تتدخل فيه أكثر من ثلاث مقاولات بشكل متزامن، يتوجب تعيين منسق للسلامة والصحة في الورش.
يحظر المشروع على صاحب المشروع إعطاء أوامر أو توجيهات لا تدخل ضمن اختصاصاته في ما يتصل بإنجاز البناء.
ويتوجب على المهندس المعماري التأكد، قبل فتح الورش، من توفير جميع الشروط الضرورية لانطلاق الأشغال، والموافقة على تصميم تنظيم الورش المقدم من قبل المقاولة، لا سيما في ما يتصل بالتدابير المزمع اتخاذها من أجل ضمان السلامة، سواء داخل الورش أو في محيطه الخارجي، كما يفرض المشروع على المهندس إصدار الأمر بتوقيف الأشغال وتبليغه إلى صاحب المشروع بكافة وسائل التبليغ، عند معاينة اختلالات خطيرة يمكن أن ينتج عنها إضرار بسلامة واستقرار واستدامة البناية أو بسلامة العاملين في ورش البناء.
ويفرض المشروع، على المهندس المختص المكلف بالدراسات التقنية، دراسة الإشكالات التقنية المتعلقة بمشاريع البنايات، وتتبع إنجاز الأشغال في ما يخص الدراسات التقنية المنجزة من قبله.
ويتولى المهندس المكلف بالمراقبة التقنية إبداء الرأي لفائدة صاحب المشروع أو المنعش العقاري أو مقاولة التأمين وكافة المتدخبين.
ويمنع على المهندس المختص المكلف بالمراقبة التقنية الجمع بين أعمال المراقبة التقنية، وبين مزاولة أي عمل يتعلق بتصميم أو تنفيذ المشروع، كما يحظر عليه إجراء أي خبرة تقنية قضائية بخصوص مشروع يتولى مراقبته.
ويعود للمهندس المتخص العامل في مختبرات البناء، الدراسة الجيوتقنية لموقع البناء، واختبار ومراقبة جودة مواد البناء، بما فيها تلك المصنعة في الورش، والتحقق من مطابقة المنشآت المنجزة للدراسات والمعايير المعتمدة.
ويتوجب على المهندس المساح الطبوغرافي تحديد موقع البناية وحدودها طبقا للتصاميم المعمارية، والتأكد من كون مداخل البناء المحددة في التصميم المعد من قبل المهندس المعماري تتوفر على ضمانات الحماية من تسرب المياه.
يمكن للمقاول التعاقد من الباطن Sous-traitance مع مقاولة أخرى، بهدف إنجاز جزء من الأشغال التي كلف بها، من قبل صاحب المشروع أو المنعش العقاري، حيث يفترض أن يكون ذلك موضوع عقد، علما أن المتعاقد من الباطن Sous-traitant يخضع لنفس الالتزامات المفروضة على المقاول.
واجب الصيانة
وعند تناول صيانة المباني، يؤكد مشروع القانون على أن مسؤولية ذلك تقع على عاتق مالكه إلى غاية انتهاء مدة صلاحيته أو هدمه. ويجب على مالك المبنى أو وكيل اتحاد الملاك المشتركين مسك دفتر لتتبع صيانة المبنى.
وينص المشروع على أنه يفترض إخضاع مبنى، مرت على انتهاء أشغاله 20 عاما، لدراسة تقنية لتشخيص شروط الجودة والسلامة والاستقرار والاستدامة، وتحدد تلك الدراسة المدة الزمنية المتبقية لاستغلاله والأشغال والتدابير الواجب اتخاذها.
ويتوجب على مالك المبنى أو اتحاد الملاك المشتركين إنجاز أشغال تمليط البنايات مرة واحدة على الأقل كل عشرة أعوام.
مراقبة وعقوبات
ويتولى مراقبة مدى مخالفة المقتضيات التي ينص عليها المشروع، ضباط الشرطة القضائية، والمراقبون التقنيون الذين تكلفهم الإدارة، وكل مهندس معماري أو مهندس مختص أو خبير، كلف بهذه المهمة بصفة استثنائية من قبل الوالي أو العامل أو الإدارة.
ويعمد المراقب عند معاينة مخالفة إلى تحرير محضر يوجه أصله إلى وكيل الملك المختص، مرفقا بتقرير تقني يتعلق بالمخالفة عند الاقتضاء، كما توجه نسخة إلى كل من الإدارة والسلطة الإدارية المحلية ورئيس مجلس الجماعة ومدير الوكالة الحضرية، وتبلغ إلى المخالف.
وينص مشروع القانون على أنه يعاقب بالحسب من شهرين إلى سنة وبغرامة من ثلاثين ألف إلى مائة ألف أو بإحدى العقوبين، كل من تعمد الإخلال بواجب التقيد بالمقتضيات الخاصة بضمان الجودة والسلامة والاستقرار والاستدامة في المباني.
وعندما ينتج عن ذلك الإخلال موت دون نية إحداثه أو جرح مفض إلى إعاقة دائمة، ترتفع العقوبة الحبسية إلى ما بين 6 أشهر و3 سنوات، والغرامة إلى ما بين 100 ألف ومليون درهم أو إحدى هاتين العقوبتين.
وعند عدم التقيد بالمقتضيات الخاصة بالمواصفات التقنية ذات الصلة بجودة مواد البناء وباستخدامها، يعاقب المخالف بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة تتراوح بين خمسة عشرة ألف درهم ومائة ألف درهم او بإحدى هاتين الغرامتين.
ويعاقب صاحب المشروع أو المنعش العقاري الذي يعطي أوامر وتوجيهات يختص بها متدخل آخر، بالحبس من شهر إلى سنة، وغرامة تتراوح بين 10 آلاف درهم ومائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.