التبعية الغذائية.. دراسة لمندوبية الحليمي تقيم "حصيلة" المخطط الأخضر

وزير الفلاحة خلال معاينة لمحصول الحبوب
المصطفى أزوكاح

يتوقع أن يساهم العرض من المنتجات الغذائية في تغطية احتياجات المغرب من الخضر والفواكه واللحوم والألبنان، غير أن ارتهان المملكة للسوق الخارجية بهدف تأمين احتياجاتها من الحبوب والقطاني والسكر وزيت الزيتون، سيظل مهما في أفق 2025.

ارتفاع القيمة المضافة

تسجل دراسة للمندوبية السامية للتخطيط حول آفاق التبعية الغذائية للمغرب بحلول عام 2025، أن الوضع الغذائي عرف تغيرات عميقة خلال العقود الأخيرة بالموازاة مع التحولات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية والتغذوية التي شهدتها المملكة، والتي خلقت تغييرا كميا ونوعيا في نفقات الأسر.

هذا ما يدفع المندوبية إلى التأكيد على أن تلك التغيرات تبرز أهمية استشراف قدرة العرض المحلي على تلبية احتياجات السكان من  الاستهلاك وتشجيع تنمية الصادرات بحلول 2025، أخذا بعين الاعتبار التحسن التدريجي الحاصل على مستوى وفرة الإنتاج والانفتاح المتسارع للمبادلات التجارية.

ولاحظت الدراسة، التي أنجزها سعيد زروالي وأمل المنصوري وخالد السودي بالمندوبية، حدوث تحسن أداء الأنشطة الزراعية في العقد الأخير، حيث استفاد من تدابير الدعم المتعمدة في المخطط الأخضر والظروف المناخية المواتية، كي ترتفع القيمة المضافة للقطاع الزراعي إلى 124,4 مليار درهم في العام الماضي، بمساهمة بلغت 11,5 في المائة في الناتج الإجمالي الخام. كما ارتفعت الصادرات الفلاحية الخامة والمصنعة إلى 58,1 مليار درهم، بينما وصلت الواردات من تلك المنتجات إلى 40,7 مليار درهم.

تراجع المساهمة في الشغل

غير أنه رغم التحسن المسجل في العقد الأخير، ظل أداء قطاع الفلاحة، حسب الدراسة، معتدلا، بالمقارنة مع الأهداف المسطرة في إطار المخطط الأخضر، لا سيما تلك المتعلقة بتحقيق 100 مليار درهم كثروة إضافية للقطاع في أفق العام المقبل، مشيرة إلى أن النقص الحاصل في القيمة المضافة الفلاحية يقدر بحوالي 31,7 مليار درهم بين 2013 و2018.

وتذهب إلى أنه رغم الجهود التي بذلت لإعادة هيكلة وتحديث القطاع، استمر تقلب نمو أنشطته، ما حال دون ارتقائه كي يشكل أحد رافعات النمو، كما أن مساهمته في سوق الشغل تراجعت في العشرة أعوام الأخيرة من 40,9 في المائة إلى 34,1 في المائة، بينما كان يفترض أن يساهم المخطط الأخضر في خلق 125 ألف منصب شغل سنويا في المتوسط.

فوائض في الخضر والفواكه

وتعتمد الدراسة على سيناريوهين من أجل استشراف تطور الإنتاج في الفترة الممتدة بين 2019 و2025؛ حيث يستند السيناريو الأول على النتائج المسجلة خلال السنوات الأخيرة عبر المخطط الأخضر، وهو السيناريو الذي سيفضي إلى تحقيق القيمة المضافة الفلاحية فائضا في القيمة الإسمية بحوالي 10,85 مليار درهم في السنة في المتوسط في أفق 2025، بينما يستند السيناريو الثاني على الأهداف المرقمة والمسطرة من قبل المخطط الأخضر حتى العام المقبل، حيث يفترض استمرار دينامية إنجازاته حتى 2025، تحقيق ربح على مستوى القيمة المضافة بحوالي 29,10 مليار درهم سنويا، شرط التقيد بتحقيق جميع أهداف المخطط.

وتفضي إسقاطات إنتاج واستهلاك المنتجات الغذائية في أفق 2025، انخفاض ارتهان المغرب للأسواق الخارجية، بمعدل تغطية للاحتياجات يتجاوز 100 في المائة بالنسبة للفواكه والخضراوات والأسماك والمنتجات الحيوانية، معتبرة أنه بالنظر للسيناريو الأول، ستحقق الحوامض والبطاطس والطماطم فوائض إنتاجية تصل، على التوالي، إلى 148 و41 و20 في المائة.

غير أن الدراسة تؤكد على أن تلك المنتجات ستحقق فوائض أكبر، حسب السيناريو الثاني، على اعتبار أنها توجد موضوع عقود برامج محددة بموجب المخطط الأخضر، حيث سيسجل أن إنتاج البيض واللحوم الحمراء والبيضاء، ستسجل فوائض بنسبة 53 و18 و44 في المائة في المتوسط ما بين 2019 و2025، في الوقت نفسه، ينتظر أن يتجاوز فائض الإنتاج ضعف استهلاك الفرد بالنسبة للحواض ومنتجات الألبان.

وترى أن تحقيق هذه النتائج سيتم بناء على فرضية استمرار استيراد كميات مهمة من المدخلات، وتسجيل ظروف مواتية، من حيث توفر المياه ونوعية التربة، غير أن ذلك يفترض تنفيذ استراتيجية موازية تستهدف الأسواق الخارجية بهدف تحقيق ربح إضافي للمنتجين، بما يسمح بالحفاظ على دينامية النمو في السلاسل.

خصاص في السكر والحبوب

غير أن الدراسة ترى أن ضعفا سيسجل على مستوى تغطية بعض المواد الغذائية لاحتياجات الاستهلاك في أفق 2025، حيث سيواصل المغرب استيراد كميات مهمة من الحبوب، حيث سيصل عجز الإنتاج مقارنة مع الاستهلاك إلى 28 في المائة، وفقا للسيناريو المعتمد على ما تحقق من نتائج عبر المخطط الأخضر، ومن المتوسط أن حصة القمح في واردات الحبوب مرتفعة، لتصل إلى 63 في المائة.

وتتوقع الدراسة أن تسجل زراعات القطاني عجز يقدر بنسبة 23 في المائة في المتوسط للفرد الواحد خلال الفترة الممتدة بين 2019 و2025، بعدما حققت فائضا في العقدين الماضيين، في الوقت نفسه، ستعرف نسبة التغطية بزيت الزيتون انخفاضا بنسبة 42 في المائة، قياسا مع ما تحقق في السنوات الأخيرة.

وتعتبر أن تلبية الاحتياجات في ما يتعلق باستهلاك السكر ستبقى متواضعة بحلول 2025، حيث أنه رغم تدابير الدعم التي تخصص بها السلسلة، سيظل المغرب مرتبطا بالأسواق الخارجية للحصول على السكر بنسبة 65 في المائة، حسب السيناريو الأول الذي يأخذ بعين الاعتبار تطور السلسلة في العشرة أعوام الأخيرة، مشيرة إلى أن العجز في تغطية الإنتاج مقارنة بالاستهلاك يقدر بحوالي 30 في المائة بين 2019 و2025، غير أن هذا العجز يفترض استيعابه تماما في السيناريو المعتمد على أهداف المخطط الأخضر، حيث ينتظر تحقيق فائض في الإنتاج بحلول 2022.