د. عبد الله شرف، رئيس اللجنة الفرعية للتسلسل والتجميع "AfricaBP"، وباحث بمركز الأحياء بجمهورية التشيك، وأستاذ مساعد بجامعة عين شمس بمصر
نشر مشروع "African BioGenome" مقالا علميا في العدد الأخير من مجلة "Nature"، سلط من خلاله الضوء على الأهداف والأولويات، وكذلك خارطة الطريق للجهود الإفريقية الكبيرة لتسلسل جينومات النباتات والحيوانات والفطريات والطلائعيات المستوطنة في القارة.
وبعد إطلاقه الرسمي في يونيو 2021، يتكون "AfricaBP" حاليا من 109 عالم إفريقي، و22 منظمة إفريقية، يمثلون باحثين ومؤسسات وشركات من جميع المناطق الخمس في الاتحاد الإفريقي.
ويعد "AfricaBP" شريكا لثلاث جهود تكميلية عالمية واسعة النطاق للجينوم، بما في ذلك مشروع جينوم 10 آلاف نبتة "10KP"، ومشروع جينوم الفقاريات "VGP"، ومشروع جينوم عالم الحياة "EBP".
ومنذ إنشائه، قام "AfricaBP" بتقديم أدلة قوية على ضرورة فهم التنوع البيولوجي للقارة، من خلال علم الجينوم، وضمان الاستخدام المستدام للنباتات والحيوانات والفطريات والطلائعيات المحلية.
وعلى سبيل المثال، لا تزال الموارد الغذائية ذات الخاصية الثقافية للقارة؛ مثل المحاصيل الفريدة، وغيرها من المواد الغذائية الأساسية ذات الأهمية الحاسمة للأمن الغذائي الإقليمي، بدون تسلسل جيني. وتعتبر هذه المعلومات الجينية مهمة لحماية التنوع البيولوجي، وتحسين الاستجابة الجينية للضغوط البيئية المستقبلية؛ مثل تغير المناخ.
لذلك، فإن جمع وتسلسل وتخزين المعلومات الجينومية في القارة، من قبل الشعوب الإفريقية، ومن أجلها، هو أولوية أساسية لمشروع "AfricaBP". وسيؤدي ذلك إلى إكساب المرونة لنظم التربية، والنظم الغذائية المستدامة، والحفاظ على التنوع البيولوجي في جميع أنحاء القارة، لتحقيق أهداف الإطار العالمي للتنوع البيولوجي، لما بعد عام 2020، لاتفاقية التنوع البيولوجي "CBD"، وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، مع استكمال جهود اتحاد الصحة البشرية والوراثة "H3Africa".
ولا يمكن تحقيق الأهداف الأساسية لمشروع "AfricaBP"، دون دعم من الحكومات الإفريقية، ومفوضية الاتحاد الإفريقي، والوكالات الوطنية والإقليمية، والشركاء، والمنظمات الدولية.
وإدراكا لأخطاء الماضي، يخطط "AfricaBP" للمضي قدما في عملية عادلة لتقاسم الفوائد التي تتحقق من أنشطتها. وعلى سبيل المثال، سيعمل مع صانعي السياسات على توصيات للقوانين واللوائح التي تحكم استخراج العينات من البلدان الإفريقية، وتقاسم المنافع، لتشمل جدول أعمال قاريا متماسكا، مع اتباع بروتوكول "Nagoya"، وتطويعه لاحتياجات المشروع.
بالإضافة إلى السياسات الجديدة لدعم AfricaBP ، ستحتاج الحكومات الوطنية إلى العمل بالتعاون مع شركاء إقليميين ودوليين للاستثمار في البنية التحتية لدعم علم الجينوم والمعلوماتية الحيوية في إفريقيا. التكلفة التقديرية لـمشروع AfricaBP هي 1 مليار دولار أمريكي على مدى 10 سنوات. في حين أن هذا قد يبدو وكأنه مسعى ضخم ، فإن مثل هذا الاستثمار لا يفيد فقط قطاع البحث العلمي، ولكن هذا الاستثمار ستكون له مردودية مضاعفة عدة مرات على التنمية الاقتصادية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وبالإضافة إلى الفوائد المباشرة للتكنولوجيا الجديدة والنمو الاقتصادي الذي تضمنه الاكتشافات والاستثمارات في علم الجينوم والمعلوماتية الحيوية في إفريقيا، يخطط "AfricaBP" أيضا لتطوير مركز معرفة لعلم الجينوم والمعلوماتية الحيوية؛ مما يضمن فرصا للعلماء الأفارقة وحوافز للبقاء في إفريقيا، بعد أن يتلقوا التدريب من خلال مشاريع الجينوم والمعلوماتية الحيوية الموجودة في القارة.
ويتصور "AfricaBP" تطوير تدريبات وتتبع للباحثين في بداية حياتهم المهنية، للاستثمار في الجيل القادم من القادة العلميين، وذلك من أجل الحفاظ على هذا العمل الحيوي في المستقبل.
وفي هذا الصدد، قال ThankGod Echezona Ebenezer، المؤسس والرئيس المشارك لـ"AfricaBP"، وكذلك خبير المعلوماتية الحيوية في المختبر الأوروبي للبيولوجيا الجزيئية، التابع للمعهد الأوروبي للمعلوماتية الحيوية "EMBL-EBI"، بالمملكة المتحدة، إن "AfricaBP ليس مجرد مشروع علمي. ولكنه مشروع اجتماعي علمي نأمل من خلاله تقريب قدرات الجينوم والمعلوماتية الحيوية من الشعب الإفريقي".
وتتفق Roksana Majewska، رئيسة اللجنة التجريبية لـ"AfricaBP"، وباحثة في جامعة "North-West"، بجنوب إفريقيا، على أن "AfricaBP هو مسعى ضخم وجريء، ومن المحتمل أن يخلق تغييرات حقيقية لدعم الاستقلال الذاتي والنمو المستدام للمجتمعات الإفريقية".
من جهتها، أكدت Anne Muigai، الرئيسة الحالية لـ"AfricaBP"، وأستاذة علم الوراثة في جامعة جومو كينياتا للزراعة والتكنولوجيا، بكينيا: "سيضمن AfricaBP أن التقنيات العلمية المتطورة التي كان الوصول إليها بشكل أساسي في البلدان ذات الدخل المرتفع، متاحة للاستخدام داخل القارة".
وبشكل عام، يلتزم "AfricaBP" بتحسين الأمن الغذائي، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتبادل البيانات المتاحة بطريقة شاملة وعادلة تركز على أولويات الشعوب الإفريقية. إنه مشروع طموح وواعد وجاهز لقيادة القارة نحو مرحلة جديدة من البحث والاختراع.