خلص تقرير أعده المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول محاكمة المتابعين في قضية أحداث اكديم ايزيك التي جرت أطوارها أمام غرفة الاستئناف الجنائية بملحقة سلا إلى أن المحاكمة تمت في احترام لمعايير المحاكمة العادلة التي ورد النص على مقوماتها في الدستور المغربي وفي المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
أوضح التقرير الذي قدمه رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليزمي في ندوة صحفية، صباح اليوم الخميس، أن مراعاة معايير المحاكمة العادلة تتجلى في طبعية المحكمة التي نظرت في القضية وتركيبتها وضمان نزاهتها واستقلاليتها،وعلانية الجلسة، وحضور الأطراف، وشفافية سير المحاكمة والتغطية الإعلامية لجميع مراحلها، وتوفير الترجمة الفورية من وإلى عدة لغات، والتفعيل الواسع لإجراءات تحقيق الدعوى، ومنها الخبرات الطبية واستدعاء شهود النفي، وشهود الإثبات ومحرري محاضر الضابطة القضائية، وتقديم وسائل إثبات مختلفة من قبيل الأقراص المدمجة ومحاضر التقاط المكالمات، ومحاضر الأسفار، وإجراء مواجهة بين الشهود والمتهمين، وإضفاء توازن كاف ومناسب على المناقشات، وعلى الوقت المرصود للأطراف.
ملاحظة المحاكمة قام بها فريق من سبعة أطر تم انتدابهم من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان. واعتبر التقريرأن تدبير جلسات المحاكمة التي بلغت إحدى وثلاثين جلسة تميزت على وجه العموم بنوع من الاتزان والتوازن ومراعاة حقوق جميع الأطراف، مما سمح بتخفيف حدة التوتر والانفعالات، كما حرصت المحكمة على منح وقت وفرصة كافيين لكل طرف حتى يتمكن من عرض وجهة نظره والدفاع عن موقفه القانوني وإثباته، فضلا عن احترام إجراءات تحقيق الدعوى الجنائية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية احتراما كاملا يتجسد في استجابة المحكمة لغالبية طلبات الأطراف المتصلة بهذه الإجراءات، خاصة الطلبات الرامية إلى استدعاء شهود النفي وشهود الإثبات، وكذا الطلبات الهادفة إلى استدعاء الخبراء الذين أنجزوا الخبرة الطبية حول ادعاءات التعذيب.
يذكر أن قضية معتقلي اكديم ايزيك تعود إلى 8 من نونبر 2010 حينما قامت القوات العمومية بتفكيك مخيم كان يضم المئات من الأشخاص الذين اجتجوا بدعوى عدم وفاء السلطات بوعود تتعلق أساسا بتوزيع بطاقات الإنعاش الوطني، لكن السلطات المغربية التي حاولت في البداية إجراء حوار مع المحتجين عادت لتؤكد أن الأمر يتعلق بمؤامرة يدبرها انفصاليون بتعاون مع قيادة البوليساريو.
وقد أدى تفكيك المخيم إلى مقتل 11 فردا من أفراد القوات العمومية والوقاية المدنية. وفي 13 من يوليوز الماضي قضت غرفة الجنايات الاستئنافية بملحقة سلا بأحكام تراوحت بين سنتين حبسا نافذا والسجن المؤبد في حق المتهمين في أحداث تفكيك مخيم اكديم ازيك، بعدما أحيلت القضية عليها نتيجة قرار لمحكمة النقض في 27 يوليوز 2016 والقاضي بنقض الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية في حق المتهمين 24 المتابعين.
وقضت المحكمة بالسجن المؤبد في حق كل من المتهمين ابهاه سيدي عبد الله، وإبراهيم الإسماعيلي، وباني محمد، وبوتنكيزة محمد البشير، والعروسي عبد الجليل، والخفاوني عبد الله، والمجيد سيدي أحمد، وأحمد السباعي.
وقضت بـ30 سنة سجنا نافذا في حق كل من أصفاري النعمة، وبانكا الشيخ، وبوريال محمد، وبـ25 سنة سجنا نافذا في حق كل من المتهمين الداه الحسن، وبوبيت محمد خونا، والفقير محمد امبارك، وهدي محمد لمين ولحسن الزاوي.
كما قضت بـ20 سنة سجنا نافذا في حق كل من عبد الله التوبالي، ومحمد التهليل، وخدا البشير، فيما قضت في حق كل من المتهمين الديش الضافي بست سنوات ونصف سجنا نافذا، والعربي البكاي بأربع سنوات ونصف حبسا نافذا، وبستنين حبسا نافذا في حق كل من التاقي المشضوفي وسيدي عبد الرحمان زايو.
وقررت المحكمة في الدعوى العمومية عدم مؤاخذة بعض المتهمين من أجل جناية "المشاركة في تكوين عصابة إجرامية " وبراءتهم منها، وإدانتهم من أجل باقي التهم مع إعادة تكييف الأفعال موضوع المتابعة في حق البعض الآخر ومؤاخذتهم من أجل "العنف في حق أفراد القوة العمومية اثناء قيامهم بمهامهم التي نتج عنها جرح". كما قضت المحكمة بمصادرة المبالغ المالية المحجوزة لفائدة الدولة، وإتلاف باقي المحجوزات، وفي الدعوى المدنية التابعة بعدم قبول المطالب المدنية شكلا وإبقاء الصائر على رافعها.