لم يجد المجمع الشريف للفوسفاط، بدا من تحلية مياه البحر، من أجل الاستجابة للحاجيات الإضافية التي يستدعيها المخطط الصناعي الذي أطلق حول فوسبوكراع، حيث ينتظر أن يرتفع حجم المياه المنتجة إلى 8,7 مليون متر مكعب.
ويتجه المجمع الشريف للفوسفاط للفوسفاط، نحو تشييد محطة ثانية لتحلية مياه البحر بالموقع المخصص لتحويل المعدن إلى أسمدة بالعيون. تلك محطة ستصل قدرتها الإنتاجية إلى 7,5 مليون متر مكعب.
وستتيح تلك المحطة الجديدة تلبية حاجيات البرنامج الصناعي لموقع فوسبوكراع، وهي المحطة التي تأتي بعد تلك التي أطلقت في 2006، والتي تتوفر على قدرة تصل إلى 1,2 مليون متر مكعب.
المحطة الحالية تتيح إنتاج 4000 متر مكعب من المياة المحلاة في اليوم، عبر تقنية "الأسموزية العكسية"، التي تساعد عبر معالجة مياه البحر، على تخزين 30 ألف متر مكعب، من أجل غسل الفوسفاط.
وتقوم تقنية الأسموزية العكسية Osmose inverse على تجميع مياه البحر في صهاريج كبيرة، وإخضاع المياه لضغط عال، يفضي إلى انتقال مياه البحر نحو المياه العذبة بواسطة مصافي لتفرز المياه التي تستعمل في غسل الفوسفاط.
ويذهب المسؤولون عن موقع العيون إلى أن عملية معالجة المعدن بالمياه المحلاة، ستساهم في زيادة مخزون الفوسفاط ببوكراع بـ40 في المائة عبر رفع مردودية الفوسفاط المخفض المحتوى، علما أن ذلك الموقع يمثل 2 في المائة من مجمل مخزون المغرب.
تلك المحطة التي تعمل منذ 2006، تشتغل بطريقة مرقمنة، ويشرف عليها مهندس وستة تقنيين و45 من العمال من تخصصات مختلفة، وهي موارد بشرية مغربية، تعمل على توفير المياه لغسل المعدن.
وتزيد الحاجة إلى تعبئة المياه غير التقليدية، عبر تحلية مياه البحر، في ظل التوجه نحو توفير مغسلة جديدة بفوسبوكراع، التي أطلقت مرحلتها الثانية في فبراير الماضي، حيث تصل سعتها إلى 3 ملايين طن في العام.
وتتكون تلك المغسلة من وحدة لمعالجة وحل الغسل، وإعادة تدوير المياه، وجهازين للترشيح إلى جانب أحواض وحواجز تمتد على مساحة أربعين هكتار، وهو ما سيتيح معالجة أوحال الغسل، التي تخزينها في أحواض واستعادة المياه.
وتستجيب تحلية مياه البحر للاستراتيجية الصناعية، التي جرى الكشف عنها بجهة بوكراع- العيون- فم الواد، حيث يراد من المركب الصناعي للفوسفاط ببوكراع، الذي يستدعي استمارات في حدود 16,8 مليار درهم، إنتاج 500 ألف طن من الحامض الفوسفوري ومليون طن من الأسمدة.
وسيجري تثمين الفوسفاط المستخرج من بوكراع بالمنطقة، كي يتم تصديره عبر ميناء يوجد قيد الإنشاء على بعد عشرين كيلومترا جنوب العيون.
خطة لتعبئة موارد مائية غير تقليدية
وتندرج تحلية مياه البحر بالعيون، ضمن سعى المجمع الشريف للفوسفاط إلى تعبئة مياه غير تقليدية، خاصة أن حاجياته من المياه ستنتقل من 63 مليون متر مكعب في 2010 إلى 160 مليون متر مكعب على المدى البعيد، وهو ما يعادل متوسط استهلاك مدينة مثل الدار البيضاء من المياه.
وسبق للمجمع أن اختار على مستوى المنصة الصناعية للجرف الأصفر، إحداث محطة لتحلية مياه البحر التي تتوفر على طاقة سنوية تصل إلى 25 مليون متر مكعب.
وحذت الرغبة في توفير المياه غير التقليدية، إلى إحداث ثلاث محطات لمعالجة المياه، بالمواقع المنجمة لخريبكة وبنكرير واليوسفية، حيث ستمكن من معالجة وإعادة استخدام أكثر من 10 ملايين متر مكعب من المياه سنويا في غسل الفوسفاط.
ويساعد هذا التوجه على تثمين الغاز الحيوي المحصل عليه من عمليات معالجة المياه من إنتاج الكهرباء التي تغطي احتياجات هذه المحطات في حدود 30 في المائة.
وتعتبر المياه عاملا حاسما في الاستراتيجية الصناعية للمجمع الشريف للفوسفاط، هذا ما يدفعه إلى حسم خياره على هذا المستوى، خاصة في ظل وجوده في مناطق تعرف خصاصا كبيرا على مستوى المياه الجوفية، التي خطط للكف عن استعمالها في أفق 2020، فما تقتضيه استراتيجيته الصناعية، خاصة على مستوى مغاسل الفوسفاط، سيجري تلبيته، عبر المياه غير التقليدية، التي مكنت في العام الماضي، من تلبية 30 في المائة من حاجياته المجموعة من المياه.
ويستدعي برنامج تسخير المياه غير التقليدية من قبل المجمع الشريف للفوسفاط، تمويلا في حدود 3,5 ملايير درهم، جزء من تلك التمويلات سيتم تأمينه عبر قروض توفرها مؤسسات مالية دولية، مثل الوكالة الفرنسية للتنمية.