"PPS" للحكومة: نستغرب احتساب مغاربة العالم كسياح

بشرى الردادي

اعتبر فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، يوم أمس الاثنين، أنه "كان بإمكان الحكومة تحقيق نتائج أفضل بكثير فيما يخص الاستراتيجية السياحية، لو كانت كفؤة سياسيا أو ناجعة تدبيريا".

وأوضح الفريق، في الجلسة العمومية للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة، أنه "باستثناء ملياري درهم التي تم رصدها لهذا القطاع لتجاوز تداعيات جائحة "كورونا"، فالمنجز في السياحة لا يعود إلى مجهود خارق أو مبتكر للحكومة، لاسيما من حيث استثمار المؤهلات الهائلة للمغرب، طبيعيا وثقافيا وحضاريا وتراثيا وفنيا"، مضيفا أن "المنجز هو نتيجة طبيعية للمجهود الذاتي للفاعلين في مجال السياحة، ولسياقات موضوعية لا علاقة لهذه الحكومة بمعظمها".

وأصر الفريق على الإشارة إلى "عامل الإسهام الترويجي الهائل للإنجاز الرياضي الذي بصم عليه المنتخب الوطني في مونديال 2022"، داعيا إلى ضرورة "استحضار عامل انتعاش السفر والتنقل ما بعد "كورونا"، وخاصة لمغاربة العالم، الذين نتساءل عن أيّ منطق غريب تستعمله هذه الحكومة لاحتسابهم ضمن أرقام السياح، لاسيما عندما يزورون وطنهم الأم ويقيمون لدى أسرهم".

وسجل أن "الصناعة السياحية ميدان عرَضاني له علاقة بمناصب الشغل، إلا أن نسبة بطالة الشباب في عهد الحكومة الحالية تقترب من 40 في المائة، كما له علاقة بالمقاولة"، مشيرا إلى أن "حوالي 40 ألف مقاولة أفلست، في ثلاث سنوات".

وتابع الفريق المعارض أن "هذا الميدان له علاقة، كذلك، بالاستثمار الذي يعاني من مظاهر الريع والاقتصاد غير المهيكل، ومن تضارب المصالح؛ حيث تراجعت جُلّ مؤشرات مناخ الأعمال، بشهادة مؤسسات وطنية رسمية"، مبرزا أنه للسياحية الداخلية، أيضا، علاقة بكلفة المعيشة التي تواصل ارتفاعها بسبب الغلاء الفاحش للأسعار، إلى درجة أنّ مستوى معيشة 81 في المائة من الأسر المغربية تدَهور، حسب الـ"HCP". كما لها علاقة بأوضاع التعليم والتكوين، لكن 4.3 مليون شاب يوجدون في وضعية "NEET"، و300 ألف تلميذ يغادرون، سنويا، المدرسة، وأكثر من رُبع المواطنين المغاربة هم في وضعية الأمية".

وأضاف أن "الجذب السياحي له ارتباط بأجواء الحريات والحقوق والديموقراطية، وبمدى اهتمام الحكومة بالصحة، والثقافة والفنون والإعلام، والصناعة التقليدية، والنقل، والبنيات التحتية والتجهيزات والخدمات الأساسية، والبيئة، والرقمنة، والعدالة المجالية، والتي تعد مجالات تنموية راكم فيها المغرب مكتسبات هامّة، على مدى عقود، لكنها مكتسبات يُخشى أن تستمر في التآكل في عهد هذه الحكومة التي يتعين أن تتحلّى بما يلزمُ من التواضع على قدر تواضع نتائجها، بدلائل وأرقام دامغة، كما هو الشأن بالنسبة لادّعائها تحقيق تعميم التغطية الصحية، في حين أنّ حوالي 8.5 مليون مغربي ومغربية لا يستفيدون، فعليا، من أيّ ضمان صحي".

وخاطب الفريق أخنوش: "لا ننكر ما تحقّقه السياحة من نتائج، لكن تصوروا كم كانت ستكون النتائج مُبهرة، لو أنّ الحكومة كانت ناجحة، فعلا، في حسن استثمار ما اجتمع في المغرب وتفرق في غيره من مؤهلات رائعة؛ من قبيل المناعة والاستقرار المؤسساتي، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، والتنوع الثقافي، والعمق الحضاري، والطبيعة المضيافة والمنفتحة للشعب المغربي".

كما سجل أن "النشاط السياحي يعاني من تركيز ثلاثي الأبعاد: تركيز حسب بلد القدُوم، وتركيز حسب المدن والوجهات المستقبلة، وتركيز حسب المواسم والفصول".

وأفاد بأن "القطاع السياحي يعاني من صعوبات ولوج المقاولات إلى التمويل، وضعف التوطين الترابي للمشاريع السياحية، ومحدودية التعاقد مع الجهات، والخصاص في الموارد البشرية المؤهّلة. كما أنه، غالبا، ما تتسم مناصب الشغل في القطاع السياحي بالهشاشة، والموسمية، وهزالة الأجور، وضعف الحماية الاجتماعية".

وتابع الفريق النيابي: "نعم، هناك تقدّم في قطاع السياحة، الذي يساهم في الناتج الداخلي الخام في المغرب بنحو 7 في المائة، علما أنّ المعدل العالمي هو 10 في المائة، بما يعني أنّ طريقنا لا يزال مليئا بالتحديات".

واعتبر أنه "مهما كان المجهود الذّاتي للقطاع الخصوصي من أجل النهوض بالسياحة، ولو في ظل ميثاق الاستثمار الجديد، فإنّ نتائج ذلك تظل رهينة بالاستثمار العمومي في البنيات التحتية بجميع جهات ومناطق البلاد، وبالشفافية والمنافسة الشريفة، كما ورد ذلك في النموذج التنموي الجديد الذي وضعته الحكومة فوق الرفوف".

كما استغل الفرصة لدعوة رئيس الحكومة إلى "عدم الاكتفاء فقط بدعم المشاريع السياحية الكبرى، وإلى العناية، أيضا، بالمشاريع السياحية والترفيهية المستدامة والصّغرى، أساسا في المناطق ذات الخصاص التنموي".

وشدد الفريق على وجوب أن يتم ذلك "دون استغلال انتخابوي لبرامج الدعم العمومي، لا في السياحة، ولا في الفلاحة، ولا في التشغيل ودعم المشاريع المقاولاتية الصغرى، والتي يتعين أن تُحاط بأقصى درجات الشفافية والحياد والموضوعية، حتى يستفيد كل من يستحق الدعم العمومي، مواطنا كان أو مقاولة، دون أيّ اعتبارات ترتبط باستحقاقات 2026".

ومن حيث السياحة الداخلية، فاعتبر أنه "من واجب الحكومة أن تقطع مع النظر إلى الإنسان المغربي على أنه زبون عارض أو بديل فقط"، داعيا إياها إلى "العمل على انبثاق عرض سياحي داخلي يتلاءم مع القدرة الشرائية للمغاربة، دون إغفال ضرورة تطوير السياحة الاجتماعية وتطوير المآوي الموجّهة للطلبة والشباب".

كما دعاها، "عوض التحجّج بحرية الأسعار والسوق"، إلى أن "تعالج وتراقب، بحزم، فوضى أثمنة وجودة الخدمات السياحية، وتأطر وتقنن المنصات الرقمية التي تشتغل في تقديم العروض السياحية"؛ حيث أثار الانتباه إلى "كون عدد متصاعد من أفراد الطبقة الوسطى صارت تفضّل قضاء عطلها في بعض الوجهات السياحية الخارجية، ليس على سبيل التّرف، ولكن بسبب تنافسية الأسعار بارتباط مع جودة الخدمات".

وتابع الفريق النيابي أنه "من غير المقبول أن تستمر الحكومة في تجاهُلها لمسألة التفاوتات المجالية؛ إذ أنه لتوطين المشاريع السياحية، ولاستقطاب السياح، في مناطق بعضها لا يزورها أحد، على مدار السنة"؛ حيث دعاها إلى أن "تلتفت إلى المجالات الترابية حيث لا يوجد "الريزو"، ولا تتوفر على الطرق والمسالك الضرورية، وإلى الجهات حيث لا يوجد طريق سيّار ولا يصلها قطار".

وأضاف أنه "حتى في المدن السياحية، هناك حاجة مُلحّة لتحسين خدمات النقل بجميع أنواعه"، داعيا الحكومة إلى "معالجة تعثرات وتأخر تنفيذ برنامج التأهيل العام لمناطق زلزال الحوز، وكثير منها مناطق سياحية بامتياز".

واعتبر الفريق أنه "بات من الملحّ معالجة النقائص المسجّلة؛ بما في ذلك تحفيز مشاريع السياحة، وفق حكامة جيدة، لاسيما بالنسبة للمقاولات السياحية الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة (ومن هنا ضرورة التسريع بإخراج مرسوم دعم هذا الصنف من المقاولات التي تشكل نحو 93 في المائة من النسيج المقاولاتي الوطني)".

وختم الفريق النيابي كلمته بالإشارة إلى أنه "أمام المملكة، اليوم، فرصة هائلة، هي تنظيم مونديال 2030، لكي نُظهر للعالم صورة مغرب بمؤهلات مميّزة، على مستوى البنيات والتجهيزات الأساسية، في كافة المجالات الترابية بالبلاد؛ بما فيها المناطق النائية ذات الخصاص التنموي. ونتطلع، كذلك، إلى أن يكون هذا التحدي فرصة لوضع المغرب في أعلى المراتب، على مستوى الممارسة الديموقراطية، وعلى صعيد الحقوق والحريات، وعلى مستوى قوة وشفافية الاقتصاد الوطني وتطور قدراته الإنتاجية، كما على مستوى تأهيل الانسان المغربي والعناية بأوضاعه الاجتماعية، خاصة من حيث فِعلية وعدالة الولوج إلى تعليم وصحة يتميزان بالجودة".