محاكمة الريف.. الشهود يتحدثون عن العنف ضد الأمن وإهانة العلم الوطني

تيل كيل عربي

يبدو أن جلسات الاستماع اإلى لشهود في ملف معتقلي حراك الريف، ستكون أكثر جدلا وتوترا من جلسات الاستماع إلى المعتقلين أنفسهم.

بعد أن حددت المحكمة الطريقة القانونية التي ستجري بها مسطرة الاستماع للشهود وعددهم 34، بينهم خطيب الجمعة بمسجد الحسيمة، بعد النقاش القانوني بين أطراف الدعوى، قررت المحكمة الاستماع إلى ستة شهود خلال كل جلسة.

شهادة أمني أصيب بعجز

في جلسة أمس الثلاثاء، التي استمرت للساعة 11 ليلا، بدأت المحكمة لائحة الشهود بالشرطي صفوان فارس، الذي أصيب بحجر خلال المواجهات بين المحتجين والقوات العمومية، عقب واقعة اقتحام الزفزافي للمسجد.

صفوان استدعته النيابة العامة بعد ملتمس للمحكمة وافقت عليه، وكانت شهادته مؤثرة بالنظر لما أصيب به جراء ما تعرض له، حيث أحدثت الحجرة شرخا عميقا برأسه، أدخله في غيبوبة كاملة، لأشهر أدت إلى إصابته بشلل نصفي قبل أن يتعافى بالترويض الطبي.

صفوان كان يستعين بعكاز طبي ويمشي بصعوبة. المحكمة منحته كرسيا ليجلس عليه، وأدى القسم، وحكى للمحكمة كيف نقل بأمر من إدارته من مقر عمله بالعرائش للحسيمة في إطار التعزيزات الأمنية إبان حراك الريف، وحكى أنه يوم واقعة خطبة الجمعة تلقى الأمر من مسؤوليه بالانتقال رفقة زملاء آخرين لاعتقال ناصر الزفزافي.

وبين أسئلة المحكمة والدفاع والنيابة العامة، أكد صفوان أنه انتقل رفقة زملائه لحي عابد حيث يوجد منزل والد الزفزافي، وهناك كان عدد من الأشخاص فوق أسطح المنازل، وأنهم كانوا يرددون الشعارات وأيضا كلاما وصفه ب"الفاحش" في حق القوات العمومية.

وغالبت الدموع الشاهد صفوان وهو يحكي للمحكمة كيف انقلبت حياته رأسا على عقب بعد إصابته بحجر على رأسه، خاصة أنه رب أسرة وأب لطفلة، ومعاناته مع الشلل النصفي وتعذر الحركة في أطرافه والشرخ في رأسه، وكشف للمحكمة عن الإصابة في رأسه.

صفوان كما اكد للمحكمة أنه لا يتذكر ما وقع بعد إصابته وفقدانه للوعي، ولا كيف نقل من مكان الواقعة للمستشفى، لكن زملاءه وبعد التحقيق في الواقعة، أخبروه أن المعتقل سمير اغيد من رماه بالحجر وأصابه، ونادت المحكمة على المعتقل سمير ووقف إلى جانب الشاهد، لكن الأخير أكد أنه لا يعرفه، ولكن هذا ما أخبر به بعد استعادته لعافيته وخلال الاستماع لشهادته.

وختمت شهادة الشرطي صفوان على وقع الاعتراضات على الاسئلة الموجهة له من طرف دفاع المعتقلين، إذ اعتبرتها أحيانا النيابة العامة غير ذات جدوى، أو أن الشاهد سبق وأجاب عنها، وأحيانا من طرف دفاع الطرف المدني لكون الشاهد لا يذكر ولا يسأل عن وقائع متبثة وموثقة في شريط فيديو وأن إطالة استجوابه فيها تعذيب معنوي وجسدي له بالنظر إلى حالته الصحية التي عاينتها المحكمة بشكل مباشر.

رفض العلم الوطني

قبل تأجيل جنايات الدارالبيضاء جلسة محاكمة معتقلي حراك الريف إلى غد الخميس،  لمواصلة الاستماع للشهود، عادت اجواء المحاكمة للتوتر والتلاسن والصراخ والفوضى.

هذه الأجواء خلقتها عبارة للمعتقل نبيل أحمجيق المعروف ب"دينامو الحراك" حين قال "سجلوا على احمجيق أنه قال المحاكمة غير عادلة والمحكمة غير محايدة وتساعد الشهود"

عبارة أحمجيق التي صفق لها المعتقلون وسط صمت الهيئة القضائية كانت بعد مواجهته مع الشاهد الثاني، الذي التمس استدعاءه دفاع المعتقلين، لاستجوابه حول واقعة أولاد امغار، والاعتداء على أشخاص كانوا يحملون الاعلام الوطنية بينهم، حسب محاضر الملف، المعتقلون احمجيق ومحمد النعيمي وخالد البركة.

الشاهد الثاني وبعد تأديته لليمين حكى للمحكمة ما تعرض له رفقة أشخاص أخرين من طرف بعض نشطاء الحراك، حين انتقل من منطقة الدريوش التي ينحدر منها إلى منطقة أولاد أمغار للمشاركة في وقفة احتجاجية كان مؤطرها هو ناصر الزفزافي، مضيفا أنه حين نزل من سيارة لقريبه وهو يحمل العلم الوطني بين يديه، تفاجأ بالزفزافي يشير بأصبعه من فوق خشبة كانت معدة لإلقاء كلمته، وتوجه أزيد من 10 أشخاص نحوه قائلين له "لوح عليك هاديك الشرويطة".

وأضاف الشاهد الذي يعمل كسابا أنه شعر ب"الحكرة" مما تعرض له قائلا "كنت غادي نموت سيدي الرئيس كون ما هربوش بيا للطوموبيل وانا جيت غير نشارك وندوي على المطالب الاجتماعية".

ونادت المحكمة على المعتقلين الثلاثة وأكد الشاهد أنهم كانوا من بين من اعتدوا عليه خاصة احمجيق الذي كان يحمل سيفا، وهنا انتفض احمجيق كباقي المعتقلين واصفا الشاهد ب"المختل العقلي" ومتهما المحكمة ب"عدم الحياد"، أما النعيمي فوصفه ب"شاهد الزور"، والبركة تساءل كيف وصل لأولاد امغار من الدريوش في أقل من 4 ساعات متهما إياها بالكذب.

ووسط تصفيقات المعتقلين من كلمات احمجيق تدخل ممثل النيابة العامة غاضبا مما وقع ورافضا لما قال عنه إنه "تسفيه للشاهد بنعته بالخلل العقلي" مضيفا "الاستماع للتصفيقات لا يمكن أن ندخله إلا في باب الفوضى" متسائلا "لماذا كل هذا الاحتجاج على كلام لم تحكم فيه المحكمة وهي في مرحلة تكوين قناعاتها فقط"، ملتمسا من المحكمة تطبيق القانون، ليقاطعه دفاع المعتقلين قائلا "لو طبق القانون لما كانت هذه المحاكمة".

ووسط تصفيق المتهمين من جديد وصراخهم مرددين عبارة "المحاكمة مسرحية" انتفض في وجههم ممثل الحق العام قائلا "كنت التمس الأعذار واقول إنهم وافدون جدد على قاعات المحكمة لكن ألتمس تسجيل كل ذلك في محاضر الجلسة حتى يتحمل كل من موقعه مسؤوليته".

ولم ينته الجدل هنا، بل نشب التوتر مرة أخرى بين النيابة العامة ودفاع المعتقلين حين أكد الوكيل العام للمحكمة أن إحدى محاميات الدفاع تهدد الشاهد، وتقول له اسكت، حين كان يواجه المعتقل البركة، أما الدفاع فطلب تسجيل أن الشاهد هو من يهدد المتهم.

وواصل الوكيل العام تدخله رغم مقاطعته مرات عديدة من دفاع المعتقلين قائلا "سجلوا سيدي الرئيس أن المحكمة لم تتم أسئلتها على الشاهد وتعرض للاحتجاج والصراخ وهو ما أخرجه عن السكينة كواجب يكفله له القانون والقرآن"، ومضى قائلا "حين يقول الشاهد الحقيقة نحاصره ونقول له اسكت وأنت شاهد زور ..نطالب بالأجواء الهادئة ونتذكر أن الشاهد أدى اليمين وما يشهد به يتحمل مسؤوليته".

الدفاع وبعده المعتقلون اتهم النيابة العامة ب"الضغط على الشاهد وتهدد الدفاع وتسيير الجلسة" أما المحكمة فتدخل رئيسها قائلا "المحكمة تذكر ان ما يقع من بعض اعضاء الدفاع لا يشرف والخوف كل الخوف على مهنة المحاماة"، فأجاب الدفاع قائلا "نحن لا نمس بشرف المحكمة".