أكثر من مليون مغربي يعانون من سوء التغذية في ظل زحف السمنة وفقر الدم

المصطفى أزوكاح

لم يسلم المغرب من ظاهرة سوء التغذية، التي شملت حوالي 820 مليون شخص في العام، الذين لم يحصلوا على كفايتهم من الطعام في العام الماضي، بينما يتصور خبراء أن سوء التغذية تنجم عنه ظواهر مكلفة للصحة العامة مثل السمنة وفقر الدعم.

سوء تغذية وبدانة

ويشير تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، أمس الاثنين، إلى أن 3,4 في المائة من المغاربة يعانون من نقص التغذية في العام الماضي، مقابل 5,7 في المائة، حسب بيانات 2004 و2006.

وأخذا بعين الاعتبار بيانات المندوبية السامية للتخطيط، التي تقدر عدد ساكنة المغرب بحوالي 35 مليون نسمة، يتجلى أن عدد المغاربة الذين يعانون من سوء التغذية يتجاوز مليون نسمة.

وتجلى من التقرير أن سوء التغذية انتقلت في بلدان مثل الجزائر من 8,8 في المائة إلى 3,9 في المائة، ومصر من 5,4 في المائة إلى 4,5 في المائة، بينما تصل في السودان إلى 20,1 في المائة.

ويستفاد من بيانات منظمة الأغذية والزراعة أن المغرب يعرف زحفا للبدانة بين البالغين، حيث انتقلت من 24,1 في المائة إلى 27,3 في المائة بين 2012 و2016، فيما قفزت نسبة النساء اللائي يعانين من فقر الدم من 28,1 في المائة إلى 31,2 في المائة.

ويشير سوء التغذية إلى كون التغذية لا تلبي الحاجيات التغذوية للشخص، موضحا أنه في السباق كان يجري الحديث أكثر عن السعرات الحرارية، بينما يتم التأكيد اليوم على دور الحديد والفيتامينات في التغذية.

رأي الخبراء

ويتصور البروفيسور عبد اللطيف البور، رئيس الجمعية المغربية لعلوم التغذية والجهات الفاعلة الرئيسية التابعة لها، أن سوء التغذية يمكن أن يتجلى عبر ضعف نمو الأطفال والنحافة، مشيرا إلى أن تفسير يمكن أن يرد إلى الفقر في بعض المناطق، وعدم الإلمام بأسرار التغذية، خاصة في ظل الخصاص في الفيتامينات.

ويذهب  الاختصاصي في التغذية، كريم والي، إلى أن البدانة بالمغرب والمغرب العربي، مزدوجة Une obésité à double charge، على اعتبار أن الأفراد البدينين، يعانون في الوقت نفسه من نفص على مستوى بعض الفيتامينات الضرورية لحياة الأفراد.

يؤكد على أن فقر الدم بين النساء جد مرتفع، في ظل عدم استهلاكهن للمنتجات التي يمكن أن تساعد على مواجهة تلك الظاهرة مثل الكبد واللحوم الحمراء، مشددا على أن المرأة أكثر عرضة لفقر الدم خاصة بسبب الحمل المتقارب.

ويشير خبراء إلى أن الأمراض غير المعدية مثل السكري وضغط الدم، يمكن أن يذكيها نظام التغذية، المتسم بضعف استهلاك الخضر والفواكه واللحوم والبيض مع ارتفاع استهلاك الملح والسكر.

ويؤكد كريم والي على أن الأمراض غير المعدية، تكلف المغرب 24 مليار درهم؛ أي حوالي 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مشيرا إلى أن 11 مليار من تلك الكلفة تهم السكري، ومشددا على أن 2 في المائة فقط من ميزانية وزارة الصحة؛ أي حوالي 320 مليون درهم، ترصد للوقاية.

ويتصور بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن مليون شخص يعانون من سوء التغذية بالمغرب، رقم كبير بالنظر لكون المملكة بلد زراعي بامتياز يفترض أن تكون الأغذية التي تساهم على تحقيق نوع من التوازن الغذائي متوفرة كفاية.

ويعزو الخراطي وضعية سوء التغذية بالمغرب إلى الفقر الذي يحرم الأسر من الوسائل المالية التي تتيح لها الحصول على غذاء تراعى فيه الشروط الصحية الواجبة، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أن الجهل بشروط التغذية المتوازنة والصحية، يساهم في سوء التغذية.

معركة القضاء على الجوع

ويشير تقرير منظمة الزراعة والأغذية، حول وضعية الأمن الغذائية في العالم، أن سوء التغذية يمس 820  مليون شخص في العالم؛ أي حوالي 10,8 في المائة من الساكنة.

وتجلى أن ذلك لرقم ما فتئ يرتفع في الأربعة أعوام الأخير، ما يؤشر على صعوبة القضاء على الجوع (Faim zéro) الذي يراهن عليه المنظم الدولي في أفق 2030.

ولاحظ تقرير منظمة الزراعة والأغذية أن الجوع تتسع دائرته في البلدان التي يتراجع فيها النمو الاقتصادي، خاصة في البلدان المتوسطة الدخل، والبلدان التي تراهن على التجارة الدولية للمواد الأولية.

وسجل أن غياب المساواة في الدخل يتعاظم في العديد من البلدان التي يتزايد فيها الجوع، يحول الفقراء والمهمشين التعاطي مع التباطؤ الاقتصادي والكساد الاقتصادي.

وتعاني إفريقيا وآسيا من جميع أشكال سوء التغذية، حيث تحتضن القارتان أكثر من من تسعة من كل عشرة أطفال يعانون من التقزم في العالم ، وأكثر من تسعة من كل عشرة أطفال يعانون من الهزال في العالم.