طالب الاقتصاديون الاستقلاليون بإحداث هيأة وطنية، تعنى بتدبير مساهمات الدولة، على شكل وكالة وطنية، تُمثل الدولة كمساهم في رأس مال وإدارة شركات ناشئة في قطاعت استراتيجية، لتساهم في النهوض بأداءها واستقرارها وتطويرها.
وأعربت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، عن انشغالها بالطريقة المستعجلة التي تقوم بها الحكومة بتفويت حصص الدولة في قطاعات استراتيجية، كما هو الشأن بالنسبة لشركة اتصالات المغرب.
وأفاد المكتب التنفيذي للرابطة التابعة لحزب الاستقلال، أنبعض التجارب أبانت أن تخلي الدولة عن حصصها والتحكم في بعض المنشآت، كشركة النقل البحري "كوماناف" ومصفاة "لاسامير"، أدى إلى "نتائج عكسية ونجم عنه تدمير بعض المنظومات الاقتصادية المُهيكلة للاقتصاد الوطني، فضلا عن ضياع الآلاف من مناصب الشغل والكفاءات المهنية".
واعتبرت الرابطة أن "تفويت شركة كوماناف حَرَمَ بلادنا من أسطول وطني تاريخي، في وقت يتنامى فيه طلب المغاربة المقيمين بالخارج وتشهد تجارتنا التجارية وبنياتنا التحتية المينائية تطورا غير مسبوق".
وسجلت أن "إغلاق مصفاة لاسامير، سيحرم بلادنا من الشركة الوحيدة للتكرير التي كانت تمتلكها ومن قدرة مهمة على تخزين المحروقات، زيادة عن ضياع منظومة اقتصادية متكاملة مرتبطة بالصناعة الكيماوية، وأعداد مهمة من مناصب الشغل و المهن المرتبطة بهذا القطاع".
وأكدت على أن التفويتات المبرمجة لحصص الدولة في بعض القطاعات "لم تكن لتثير القلق لو أنها كانت مندرجة في إطار مقاربة جديدة تسعى للنهوض بالاستثمار العمومي في المشاريع والوحدات الإنتاجية المباشرة، بدلا من تخصيص عائداتها لسد العجز المرتقب في الميزانية".
ولاحظت أن "تطور فروع جديدة ومنظومات صناعية حديثة، من قبيل صناعة السيارات والطاقات المتجددة، والسكن، والسياحة، وترحيل الخدمات (الأوفشورينغ) والخدمات اللوجيستية، مع ما تخلقه من الآلاف من فرص الشغل، لم تكن لترى النور دون إرادة السلطات العمومية و لولا المساهمة المباشرة للرأسمال العمومي".
وشددت على أن "المجهود الاستثماري الوطني، المرتكز أساسا على الاستثمار العمومي، بات تأثيره في الدفع بالنمو وخلق فرص الشغل في تراجع مستمر. حيث كان يلزم في العقد الأول من سنوات 2000 استثمار ما يعادل 4 % من الناتج الداخلي الإجمالي لإحداث 30.000 منصب شغل، في حين اضحى خلق 10.000 منصب شغل يستلزم ما يعادل 7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، في السنوات الأخيرة ".
يرد هذا الوضع في تصور الرابطة إلى "تراجع الوقع الإيجابي المنتظر من الاستثمارات العمومية في الاستثمار الخاص. ذلك أن المكاسب التنافسية المرتقبة من الاستثمارات في البنيات التحتية تتأثر سلبا بأنشطة المضاربة، أو لم يتم تتبعها و مواكبتها لجعلها تخلق ثروة اكبر وفرص شغل مستدامة. واكثر وفرة".
وأوصت بضرورة "تقييم نتائج وآثار الاستثمارات العمومية المنجزة في إطار الاستراتيجيات القطاعية أو الترابية، في ضوء الأهداف المسطرة لها " مع "سن التدابير التصحيحية من أجل تحسين انعكاسات الاستثمارات العمومية المنجزة، على مستوى خلق القيمة وإحداث فرص الشغل المستدامة".
وألحت على "وضع برنامج وطني للاستثمارات المنتجة تخصص له ميزانية مهمة يتم اقتطاعها من ميزانية الدولة المخصصة عادة للاستثمار في البنيات التحتية. ويسهر هذا البرنامج على مواكبة إقلاع وتطور وحماية قطاعات إنتاجية إستراتيجية ومهيكِلة للنسيج الإنتاجي في بلدنا".
وشددت على "توحيد وإضفاء الطابع المهني على مقاربة الاستثمار العمومي، في أنشطة ذات قيمة مضافة عالية، اقتصاديا واجتماعيا، في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص" مؤكدة على"المشاركة في تمويل استثمارات خاصة، تتسم بمخاطر عالية و/أو تتطلب رأسمال مرتفع، لا يستطيع القطاع الخاص تحمله بمفرده".
واعتبرت أنه يمكن لـ"البرنامج، بشكل تدريجي، من ضمان تمويله الذاتي، باعتماد تدبير استراتيجي فعال ومرن لمساهماته في رأس المال
اعتماد رؤية لتنزيل هذا البرنامج الوطني على المستوى الجهوي ليخول لمجالس الجهات الوسائل المالية الضرورية التي تمكنهم من جذب وتحفيز والمشاركة بشكل مباشر في إنجاز استثمارات منتجة مولدة لفرص الشغل، في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص على مستوى الجهات"
وأكدت على أن "إدراج هذا البرنامج في إطار قانون المالية برسم سنة 2020 سيشكل خطوة أولى نحو إرساء سياسة اقتصادية جديدة من شأنها أن تواكب النموذج التنموي الجديد الذي تنشده بلادنا".