الأزمي يضعُ مشروع قانون المالية لـ2023 تحت مجهر قانون الإصلاح الجبائي

تيل كيل عربي

مشروع قانون المالية لسنة 2023 ومراجعة أسعار الضريبة على الشركات وتخفيض سعر الضريبة على الربائح والأسهم: مخالفة صريحة للقانون-الإطار للإصلاح الجبائي وضرب للعدالة الضريبية وللاستثمار وللنجاعة الاقتصادية!

بقلم: إدريس الازمي الادريسي، وزير منتدب سابق مكلف بالميزانية

حمل مشروع قانون المالية لسنة 2023 مجموعة من الإجراءات الضريبية الجديدة، لكن ما أثار انتباهي أكثر هما هذان الإجراءان الضريبيان اللذان تضمنهما هذا المشروع:

  • الأول هو الإجراء المتعلق بالحفاظ أو التخفيض أو الرفع التدريجي، حسب الحالة، للأسعار الحالية للضريبة على الشركات بهدف توحيد هذه الأسعار، على مدى الأربع سنوات المقبلة، في سعرين هما، 20٪ و35٪ يطبقان على جميع الشركات حسب ربحها الصافي الذي يقل، أو يساوي أو يفوق، 100 مليون درهم، وسعر ثالث هو 40٪ يطبق حصريا على مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وبنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير ومقاولات التأمين وإعادة التأمين.
  • والثاني هو الإجراء المتوازي للإجراء الأول أو الذي يبدو كامتياز ضريبي جديد للتعويض عن رفع بعض الأسعار الحالية للضريبة على الشركات، ويتعلق الأمر بالتخفيض التدريجي من 15٪ إلى 10٪، أي بنسبة تفوق 33٪، على مدى الأربع سنوات المقبلة، لسعر الضريبة المحجوزة في المنبع على عوائد الأسهم وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها، مثل العوائد المترتبة على توزيع أرباح الشركات الخاضعة للضريبة على الشركات والعوائد الموزعة كربائح من لدن هيئات البورصة.

وقد أثار انتباهي هذان الإجراءان للاعتبارات الخمسة التي ألخصها فيما يلي:

  • يبدو هذان الإجراءان وكأنهما يعوض بعضهما البعض، فتعطي الشركات من جهة وتسترجع من جهة أخرى. حيث يعطي الإجراء الأول الانطباع برفع سعر الضريبة على بعض الشركات (بزيادة 03٪ أو 04٪)، في الوقت الذي يخفض فيه الإجراء الثاني ب 05٪ سعر الضريبة المحجوزة في المنبع على عوائد الأسهم وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها التي توزعها هذه الشركات.
  • يناقض الإجراء الأول صراحة القانون-الإطار للإصلاح الجبائي لكونه يبقي على تعدد أسعار الضريبة على الشركات، في الوقت الذي ينص فيه القانون-الإطار صراحة على هدف توحيد سعر الضريبة على الشركات، وهو بذلك ينشئ أثرا سلبيا كبيرا من خلال ما يعرف بأثر العتبة إذ يخلق فرقا كبيرا بين سعري الضريبة على الشركات يبلغ 15٪ (وهو الفرق بين سعر 20٪ وسعر 35٪)، على أساس أن يقل، أو يساوي أو يفوق، الربح الصافي عتبة 100 مليون درهم. وهذا سيؤدي حتما إلى أثر اقتصادي وضريبي وخيم بحيث لن يشجع الشركات على الشفافية وعلى النمو، وسيدفع بعضها إلى تقليص رقم المعاملات و/أو الزيادة في حجم التكاليف، وسيدفع البعض الآخر إلى التقسيم والتشرذم، عوض التطور والنمو، وذلك لتستفيد من السعر المخفض بالنظر للفارق الكبير بين السعرين والذي يبلغ 15٪، وهو ما سيشجع حتما على مثل هذه الممارسات غير السليمة اقتصاديا وضريبيا.
  • يناقض الإجراء الأول القانون-الإطار ومبدأ العدالة الضريبية لأنه يغفل فئة أخرى من المقاولات التي من المفروض أن يطبق عليها نفس السعر، أي 40٪، من مثل شركات المحروقات وشركات الاتصالات، والذي يقترح مشروع قانون المالية تطبيقه على مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وبنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير ومقاولات التأمين وإعادة التأمين، لكون هذه الشركات يمكن اعتبارها كما ينص على ذلك القانون-الإطار من قبيل الشركات التي تزاول أنشطة مقننة أو في وضعية احتكار أو احتكار القلة، هذا بالإضافة إلى توصية مجلس المنافسة في نفس الاتجاه بخصوص شركات المحروقات.
  • يخالف الإجراء الثاني صراحة القانون-الإطار ومبدأ العدالة الضريبية، لأنه أولا يمنح امتيازا ضريبيا دائما غير مبرر وبدون دراسة مسبقة، في مخالفة صريحة لمقتضيات المادة 8 من القانون-الإطار التي تنص على أن "الامتيازات الجبائية لا تمنح إلا بصفة استثنائية" وعلى أنه "يتعين أن يخضع كل تحفيز جبائي لدراسة مسبقة من طرف الحكومة قبل إحداثه"، وبذلك سينشأ نفقة ضريبة جديدة تبلغ 2,3 مليار درهم بناء على المعطيات التي وفرتها الحكومة بخصوص عائد هذه الضريبة في 2021، في زمن شحت فيه الموارد وازدادت فيه النفقات ولا سيما متطلبات تمويل ورش تعميم الحماية الاجتماعية. ولأنه ثانيا يعمق الهوة بين تضريب رأس المال وتضريب العمل، ففي الوقت الذي اكتفى فيه مشروع قانون المالية بمراجعة محتشمة لأساس احتساب الضريبة على الدخل عبر الزيادة في النسبة الجزافية لخصم التكاليف المرتبطة بالوظيفة أو الشغل ورفع نسبة الخصم الجزافي المطبق على المعاشات والإيرادات العمرية، نجد أن المشروع خفض بنسبة تفوق 33٪ الضريبة المحجوزة في المنبع على عوائد الأسهم وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها من 15٪ إلى 10٪.
  • يناقض الإجراء الثاني الهدف الذي أعلنته الحكومة بخصوص تشجيع الاستثمار لأنها وهي تخفض سعر الضريبة المحجوزة في المنبع على عوائد الأسهم وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها فهي بذلك تشجع الشركات على توزيع الأرباح عوض تشجيعها على الاحتفاظ بها لإعادة توظيفها واستثمارها ونموها.

بعد توضيح هذه الاعتبارات بتلخيص، سأفصل بتقديم الشركات المعنية بهذه التغييرات، ومدى موافقة هذه الإجراءات للقانون-الإطار للإصلاح الجبائي، وعدم توافقها مع مبدأ العدالة الضريبية وهدف تشجيع الاستثمار والنجاعة الاقتصادية؟

  • ما هي الشركات المعنية بالزيادة أو بالتخفيض أو التي لن يتغير سعر الضريبة المفروضة عليها؟

تضمن مشروع قانون المالية لسنة 2023 الجدولة الزمنية للتخفيض أو الرفع التدريجي، على مدى الأربع سنوات المقبلة، للأسعار الحالية للضريبة على الشركات قصد الوصول في فاتح يناير 2026 إلى الأسعار المستهدفة التالية، وهي:

  • ٪20 على جميع الشركات التي يقل ربحها الصافي عن 100 مليون درهم؛
  • ٪35 على الشركات التي تحقق ربحا صافيا يساوي أو يفوق 100 مليون درهم؛
  • ٪40 على مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وبنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير ومقاولات التأمين وإعادة التأمين.

ويمكن تلخيص التغييرات التي ستطرأ على سعر الضريبة والشركات المعنية بهذه التغييرات، زيادة أو نقصانا أو دون تغيير، كالآتي:

أ- الشركات التي سيزيد سعر الضريبة المطبق عليها حاليا:

  • ب20٪ (من 15٪ إلى 35٪): الشركات المقامة في مناطق التسريع الصناعي والشركات المكتسبة لصفة "القطب المالي للدارالبيضاء" التي يساوي أو يفوق مبلغ ربحها الصافي 100 مليون درهم.
  • ب15٪ (من 20٪ إلى 35٪): الشركات التي يساوي أو يفوق ربحها الصافي 100 مليون درهم. ويتعلق الأمر في هذه الحالة بالشركات المشار إليها في المادة 19-I-أ من المدونة العامة للضرائب، أي المنشآت الفندقیة وشركـات تدبیر الإقامات العقاریة للإنعاش السیاحي، بالنسبة لجزء الأساس المفروضة علیه الضریبة المطابق لرقم أعمالھا الذي تم تحقیقها بعملات أجنبیة محولة إلى المغرب بصفة فعلیة مباشرة أو لحسابھا عن طریق وكالات الأسفار؛ ومؤسسات التنشيط السياحي ؛ والشركات الرياضية؛ والمنشآت المنجمیة المصدرة، باستثناء المنشآت المصدرة للمعادن المستعملة؛ والمنشآت المصدرة للمنتجات والخدمات؛ والمستغلات الفلاحية الخاضعة للضريبة ؛ والشركات الصناعية التي تزاول أنشطة محددة بنص تنظيمي ؛ والشركات التي تمارس أنشطة ترحيل الخدمات داخل أو خارج المنصات الصناعية المندمجة؛ والمنشآت الحرفیة التي یكون إنتاجھا أساسا حصیلة عمل یدوي ؛ والمؤسسات الخاصة للتعلیم أو التكوین المھني ؛ والمنعشون العقاریون الأشخاص المعنویون الذین ینجزون خلال مدة أقصاھا 3 سنوات ابتداء من تاریخ رخصة البناء، عملیات بناء أحیاء و إقامات ومبان جامعیة تتكون على الأقل من 50 برسم الدخول المتأتیة من إیجار أحیاء وإقامات ومبان جامعیة منجزة وفقا للغرض المعدة لها.
  • ب10٪ (من 10٪ إلى 20٪): الشركات التي يقل أو يساوي ربحها الصافي عن 300.000 درهم.
  • ب05٪ (من 15٪ إلى 20٪): الشركات المقامة في مناطق التسريع الصناعي والشركات المكتسبة لصفة "القطب المالي للدارالبيضاء" التي يقل مبلغ ربحها الصافي عن 100 مليون درهم.
  • ب04٪ (من 31٪ إلى 35٪): الشركات التي يساوي أو يفوق مبلغ ربحها الصافي 100 مائة مليون درهم.
  • ب03٪ (من 37٪ إلى 40٪): مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وبنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير ومقاولات التأمين وإعادة التأمين.

ب- الشركات التي سينخفض سعر الضريبة المطبق عليها:

  • ب11٪ (من 31٪ إلى 20٪): الشركات التي يفوق مبلغ ربحها الصافي 1 مليون درهم ويقل عن 100 مليون درهم.
  • ب06٪ (من 26٪ إلى 20٪): الشركات المزاولة لنشاط صناعي والتي يقل مبلغ ربحها الصافي عن 100 مليون درهم.

ج- الشركات التي لن يتغير سعر الضريبة المطبق عليها حاليا وستبقى خاضعة لنفس السعر وهو 20٪:

  • الشركات التي يكون مبلغ ربحها الصافي من 300.001 إلى 1 مليون درهم.
  • الشركات التي يساوي أو يفوق ربحها الصافي 1 مليون درهم ويقل عن 100 مليون درهم.

ويتعلق الأمر في هذه الحالة بالشركات المشار إليها في المادة 19-I-أ من المدونة العامة للضرائب والمذكورة في 1-أ أعلاه.

  • المقتضيات الجديدة المتعلقة بأسعار الضريبة على الشركات تتناقض صراحة مع مقتضيات القانون-الإطار للإصلاح الجبائي؟

في البداية لابد من التذكير أن القانون-الإطار للإصلاح الجبائي يبقى المرجع الوحيد، بعد الدستور والقانون التنظيمي لقانون المالية، الذي يلزم الحكومة والبرلمان في مجال التشريع الضريبي ولا تجوز مخالفته. وقد نصت المادة 3 من القانون-الإطار، فيما يتعلق بالخصوص بالضريبة على الشركات، على الأهداف الأساسية للإصلاح، والتي من ضمنها "التقائية الأنظمة التفضيلية مع القواعد والمعايير الدولية ومع الممارسات الفضلى المعمول بها في المجال الضريبي وكذا تحفيز المقاولات من أجل دعم تنافسيتها على الصعيد الوطني والدولي."

كما نصت المادة 4 على هدفين: الأول هو "التوجه التدريجي نحو سعر موحد فيما يخص الضريبة على الشركات، لاسيما الصناعية؛ والتوجه نحو تطبيق سعر موحد فيما يخص الأسعار المتعلقة بالأنظمة التفضيلية المطبقة بمناطق التسريع الصناعي والخدمات"؛ والثاني هو "تحسين المساهمة برسم الضريبة على الشركات فيما يخص المؤسسات والمقاولات العمومية والشركات التي تزاول أنشطة مقننة أو في وضعية احتكار أو احتكار القلة."

وبناء على ما سبق، يبدو بوضوح أن مشروع قانون المالية يعارض صراحة وبشكل مباشر القانون-الإطار بخصوص هدف التوجه التدريجي نحو سعر موحد فيما يخص الضريبة على الشركات. لأن التوحيد يعني شيئا واحدا وهو تطبيق سعر واحد على كل الشركات بغض النظر عن مبلغ ربحها الصافي، مع تطبيق سعر آخر كما نص على ذلك القانون-الإطار على المؤسسات والمقاولات العمومية والشركات التي تزاول أنشطة مقننة أو في وضعية احتكار أو احتكار القلة.

كما أنه وبالإضافة لكونه يخالف صراحة القانون-الإطار، وهذا لوحده كاف، فإنه لا يعقل أن يقترح مشروع قانون المالية سعرين للضريبة على الشركات على أساس الربح الصافي يبلغ الفرق بينهما هذا المستوى الكبير أي 15٪ (وهو الفرق بين سعر 20٪ وسعر 35٪)، حيث يكفي أن يكون الفرق بين ربحين صافين هو درهم واحد فيتم تضريب الربح الصافي البالغ مثلا 99.999.999 درهم أو أقرب من ذلك ب 20٪ ويتم تضريب الربح الصافي البالغ 100.000.000 درهم فما فوق ب 35٪. لذا وتطبيقا للقانون-الإطار وللعدالة الجبائية وجب اعتماد سعر واحد كما نص على ذلك القانون- الإطار يطبق أيا كان مبلغ الربح الصافي، يتم اختياره بما يحقق نفس المردودية المالية المرجوة من هذه الأسعار المتباينة والتي لا تحترم القانون-الإطار.

كما يبدو بوضوح أن المقتضيات الضريبية لمشروع قانون المالية أغفلت بطريقة غير مفهومة الشق الثاني من المادة 4 من القانون الإطار والمتعلق بتحسين المساهمة برسم الضريبة على الشركات فيما يخص المؤسسات والمقاولات العمومية والشركات التي تزاول أنشطة مقننة أو في وضعية احتكار أو احتكار القلة.

كما أنها تجاهلت التوصية (ح) الواردة في الصفحة 92 من رأي مجلس المنافسة بخصوص أسعار المحروقات والتي أوصت بتوسيع نطــاق النظــام الجبائــي المطبــق حاليــا علــى القطاعــات المحميــة، ليشــمل أســواق توزيــع المنتجــات النفطيــة، وذلك كما ورد في تقرير مجلس المنافسة "مراعاة لخصوصيات سوق المنتجات النفطية المكررة التي تستفيد من حماية معينة على شكل حواجز تنظيمية ونظرا لمستويات أرقام المعاملات المنجزة التي تبلغ في المتوسط أزيد من 60 مليار درهم بالنسبة للغازوال والبنزين فقط، وكذا لمستويات المردودية العالية الناتجة عن طبيعة هذا النشاط."

حيث كان من الواجب مراعاة لمقتضيات القانون-الإطار واستحضارا لتوصية مجلس المنافسة أن يتضمن مشروع قانون المالية سعر 40٪ على شركات المحروقات ولاسيما الكبرى منها، وكذا على شركات الاتصالات.

هذا دون أن ننسى أن مشروع قانون المالية أغفل التوصية الثانية لمجلس المنافسة الواردة في نفس الصفحة والمتمثلة في إقــرار ضريبــة اســتثنائية تفرض علــى الأرباح المفرطة لشــركات اســتيراد وتخزيــن وتوزيــع الغــازوال والبنزيــن، على ضوء ما ورد في التقرير بخصوص هوامش الربح المرتفعة التي حققها الفاعلون خلال الفترات التي عرفت تهاوي الأسعار على الصعيد الدولي.

وبالنظر لما سبق، يبدو أن مراجعة الأسعار الحالية بالتخفيض أو الرفع التدريجي لسعر الضريبة على الشركات أغفلت الجزء الكبير مما نصت عليه المادتين 3 و 4 من القانون الإطار، وركزت بالأساس على مقتضى واحد هو حذف كل الأنظمة التفضيلية الموجودة اليوم سواء تعلق الأمر بمناطق التسريع الصناعي والخدمات أو بالشركات المكتسبة لصفة "القطب المالي للدارالبيضاء" أو بالشركات المصدرة للمنتجات والخدمات أو بغيرها من مثل المستغلات الفلاحية الخاضعة للضريبة، أو المنشآت الحرفیة، أو المؤسسات الخاصة للتعلیم أو التكوین المھني، أو المنعشون العقاریون الذین ینجزون عملیات بناء أحیاء و إقامات ومبان جامعیة.

  • المقتضيات الجديدة المتعلقة بأسعار الضريبة على الشركات وعلى الربائح والأسهم تضرب مبدأ العدالة الضريبية وتشجيع الاستثمار؟

وهنا لابد من التذكير أن القانون-الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي ذكر في ديباجته بتوصيات المناظرة الوطنية للإصلاح الجبائي ومن ضمنها "وضع نظام جبائي فعال وعادل ومنصف ومتوازن باعتباره رافعة مهيكلة لتمويل الاقتصاد الوطني، يمكن من تعبئة كامل الإمكانات الضريبة لتمويل السياسات العمومية وكذا من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية والإدماج والتماسك الاجتماعيين على حد سواء."

كما نص على أن القانون-الإطار يحدد الأهداف الأساسية لإصلاح جبائي مندمج، طبقا لأحكام الدستور، ولاسيما تلك المتعلقة بمساهمة الجميع في تحمل التكاليف العمومية كل على قدر استطاعته، وتحمل التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها.

كما أن المادة 8 من القانون-الإطار تنص على أن الامتيازات الجبائية لا تمنح إلا بصفة استثنائية وعلى أنه يتعين أن يخضع كل تحفيز جبائي لدراسة مسبقة من طرف الحكومة قبل إحداثه.

لكن مشروع قانون المالية اقترح هذا التخفيض-الامتياز من 15٪ إلى 10٪ برسم الضريبة المحجوزة في المنبع على عوائد الأسهم وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها، في مخالفة صريحة لمقتضيات المادة 8 من القانون-الإطار، أي بطريقة دائمة ودون دراسة مسبقة، ولا يعرف أصلا ما هو الدافع لهذا التخفيض المفاجئ غير المبرر.

كما أن هذا التخفيض-الامتياز، وكذا تخفيض الضريبة على بعض الشركات المشار إليها أعلاه ب06٪ و 11٪، يعمق الهوة بين تضريب رأس المال، أي العوائد من أرباح الشركات وحصص المساهمة، وتضريب العمل أي الأجور. ففي الوقت الذي اكتفى فيه المشروع بمراجعة محتشمة للضريبة على الدخل اكتفت بالزيادة في النسبة الجزافية لخصم التكاليف المرتبطة بالوظيفة أو الشغل من 20٪ إلى 35٪ للأشخاص الذين يقل أو يساوي دخلهم السنوي الإجمالي السنوي المفروضة عليه الضريبة 78.000 درهم ورفع نسبة الخصم الجزافي المطبق على المعاشات والإيرادات العمرية السنوية من 60٪ إلى 70٪ من المبلغ الإجمالي السنوي المفروضة عليه الضريبة  الذي يساوي أو يقل عن 168.000 درهم، نجد مشروع قانون المالية في المقابل  خفض بشكل غير مفهوم من 15٪ إلى 10٪ الضريبة المحجوزة في المنبع على عوائد الأسهم وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها ويخفض الضريبة على بعض الشركات بمستويات غير مسبوقة.

كما أن هذا التخفيض-الامتياز، بخصوص الضريبة المحجوزة في المنبع، لا نجد له أساسا في القانون-الإطار، بل يخالف صراحة هدف اعتماد الممارسات الفضلى الدولية التي نص عليها القانون-الإطار. فالبعودة إلى تضريب الربائح وحصص المشاركة على المستوى الدولي، نجد أن مختلف الدول تعتمد أسعارا تتجاوز بكثير هذا السعر، وذلك في إطار منطق اقتصادي يهدف إلى تشجيع إعادة استثمار هذه الربائح عوض توزيعها، ومنطق اجتماعي من خلال مساهمة الجميع كل قدر استطاعته في تمويل التكاليف العامة.

فنجد أن هذا السعر يبلغ 35٪ في سويسرا، و30 ٪ في السويد وفرنسا، و27٪ في الدنمارك، و26,5٪ في ألمانيا، و25٪ في بلجيكا وإيطاليا، و21٪ في إسبانيا، و15٪ في أمريكا وكندا وهولندا، و10٪ في بريطانيا وحدها.

وللتدقيق، تعتمد فرنسا اقتطاعا إجباريا على الربائح بنسبة 30٪ تشمل 12.8٪ كضريبة على الدخل و17.2٪ كمساهمة في الضمان الاجتماعي، أو تضريبا اختياريا لها من خلال إخضاعها للضريبة على الدخل بعد خصم 40٪ ودفع 17.2٪ من المساهمة الاجتماعية.

كما أن أمريكا تعتمد سعرين. سعر 15٪ بالنسبة للدخول المرتفعة وسعر مخفض يبلغ 05٪ لكن بالنسبة للدخول الصغيرة جدا والهدف هو تشجيع ادخار الفئات ذوي الدخل المحدود. حيث كانت الضريبة على أرباح الأسهم مدرجة في جدول ضريبة الدخل الفيدرالي، وتم استبدال النسب المرتفعة الأربعة من الضريبة التصاعدية على الدخل (التي كانت معدلاتها الهامشية 27٪ و 30٪ و 35٪ و 38.6٪ على التوالي) بمعدل 15 ٪، بينما تم استبدال الشريحتين المنخفضتين من الضريبة التصاعدية على الدخل (10٪ و 15٪) بمعدل 5٪.

وأخيرا وبالعودة للجانب الاقتصادي، وجبت الإشارة إلى كون هذا التخفيض المقترح هو ضد ما أعلنت عنه الحكومة بخصوص تشجيع الاستثمار إذ أن هذا التخفيض يشجع الشركات على توزيع الأرباح عوض إعادة استثمارها وتوسيع أنشطتها وهذا متناقض تماما مع تشجيع الاستثمار.

وخلاصة القول، وتداركا لكل هذه الاعتبارات سواء منها تلك المتعلقة بعدم احترام هذه الإجراءات  للمقتضيات الملزمة للقانون-الإطار للإصلاح الجبائي أو لضربها مبدأ العدالة الضريبية ودعم الاستثمار والنجاعة الاقتصادية، وجب تدارك هذه الإجراءات وتعديلها في اتجاه اعتماد سعر واحد للضريبة على الشركات بغض النظر عن مبلغ ربحها الصافي، مع تطبيق سعر آخر كما نص على ذلك القانون-الإطار على المؤسسات والمقاولات العمومية والشركات التي تزاول أنشطة مقننة أو في وضعية احتكار أو احتكار القلة، وهو ما يعني ضرورة أن يتضمن مشروع قانون المالية سعر 40٪ على شركات المحروقات الكبرى وكذا شركات الاتصالات، والذي يقترح مشروع قانون المالية تطبيقه على مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وبنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير ومقاولات التأمين وإعادة التأمين، ومن جهة أخرى حذف التخفيض-الامتياز غير المبرر لسعر الضريبة المحجوزة في المنبع على عوائد الأسهم وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها التي توزعها هذه الشركات.

جدول التخفيض أو الرفع التدريجي للأسعار الحالية للضريبة على الشركات، على مدى أربع سنوات:

جدول التخفيض التدريجي، على مدى أربع سنوات، من 15٪ إلى 10٪، لسعر الضريبة المحجوزة في المنبع على عوائد الأسهم وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها؛ مثل العوائد المترتبة على توزيع أرباح الشركات الخاضعة للضريبة على الشركات والعوائد الموزعة كربائح من لدن هيئات البورصة:

____________

[1]  يتعلق الأمر ب: المنشآت الفندقیة وشركـات تدبیر الإقامات العقاریة للإنعاش السیاحي، بالنسبة لجزء الأساس المفروضة علیه الضریبة المطابق لرقم أعمالھا الذي تم تحقیقها بعملات أجنبیة محولة إلى المغرب بصفة فعلیة مباشرة أو لحسابھا عن طریق وكالات الأسفار؛ مؤسسات التنشيط السياحي ؛ الشركات الرياضية؛ المنشآت المنجمیة المصدرة، باستثناء المنشآت المصدرة للمعادن المستعملة؛ المنشآت المصدرة للمنتجات والخدمات؛ المستغلات الفلاحية الخاضعة للضريبة ؛ الشركات الصناعية التي تزاول أنشطة محددة بنص تنظيمي ؛ الشركات التي تمارس أنشطة ترحيل الخدمات داخل أو خارج المنصات الصناعية المندمجة؛ المنشآت الحرفیة التي یكون إنتاجھا أساسا حصیلة عمل یدوي ؛ المؤسسات الخاصة للتعلیم أو التكوین المھني ؛ المنعشون العقاریون أشخاص معنویون الذین ینجزون خلال مدة أقصاھا 3 سنوات ابتداء من تاریخ رخصة البناء، عملیات بناء أحیاء و إقامات ومبان جامعیة تتكون على الأقل من 50، وذلك في إطار اتفاقیة مبرمة مع الدولة مشفوعة بدفتر للتحملات، طوال مدة 5 سنوات ابتداء من تاریخ الحصول على رخصة السكنى برسم الدخول المتأتیة من إیجار أحیاء وإقامات ومبان جامعیة منجزة وفقا للغرض المعدة لها.

[2] نفس الشركات المشار إليها في 1 أعلاه.

[3] نفس الشركات المشار إليها في 1 أعلاه.