الخبير الاقتصادي الكتاني: قانون المالية لـ 2022 غير اجتماعي وجاء وفيا للعقلية الرأسمالية

تيل كيل عربي

أوضح الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، أن "قوانين المالية في المغرب يعتريها خطأ جوهري، لأنها تُبنى على فرضيات وليست على توقعات قريبة من الصواب، والأصل أن يخرج قانون المالية في شهر مارس حين يُعرف الإنتاج الفلاحي، لذلك النمو الإقتصادي في المغرب مبني على فرضيات".

وأضاف الكتاني في كلمة مسجلة بُثت في المائدة المستديرة "قراءة في نصوص القانون المالي لسنة 2022 - التعديلات والمستجدات"، اليوم السبت، أن "أول فرضية  متفائلة جدا ينطلق منها قانون المالية سنة فلاحية لا بأس بها، أي 80 مليون طن، بذلك تكون قريبة من 100 مليون طن التي تُسجل في أحسن السنوات المطيرة في المغرب".

تشغيل 250 ألف لا يمكن أن تتحقق كاملة

وتابع الأستاذ الجامعي أن "هناك فرضية أخرى، بكون قانون المالية لسنة 2022 سيخلق 250 ألف شغل، وهذا الرقم هو نفسه الطلب السنوي على الشغل، أي كل سنة يزداد الطلب على الشغل بـ 250 ألف، والإستجابة لهذا الطلب لم يتحقق يوما، إنجازات قوانين المالية السابقة ما بين 150 ألف وفي أحسن الأحوال 200 ألف، واليوم يريدون توفير 250 ألف منصب شغل، متفائلين إلى أقصى الحدود علما، وقوانين المالية لا تنفذ إلا في حدود 70 في المائة من الفرضيات".

وأورد الحاصل على دكتوراه الدولة في الاقتصاد من جامعة السوربون 1982، أن "فرضية التشغيل  في قانون المالية لسنة 2022 لا يمكن أن تتحقق كاملة، إذا استحضرنا الإرث السابق، منه ما سُجل عن فقدان حوالي 900 ألف منصب شغل في السنتين الأخيرتين، إضافة إلى 250 ألف منصب جديدة كل سنة، والمشكل الأساسي في قانون المالية أو التخطيط هو الشغل، خاصة بالنسبة للشباب".

اللجوء إلى الدين فيه تهديد للطاقة الشرائية

 وأشار الكتاني في ندوة من تنظيم الجمعية المغربية للعدول الشباب، ومنتدى الباحثين بوزارة الإقتصاد والمالية، إلى أن "الحكومة خصصت  245 مليار مليار درهما للإستثمار، مما يعني 20 في المائة من الدخل الوطني، هنا تطرح إشكالية من سيؤدي هذا المدخول، علما أننا نعيش وضعا استثنائيا ونموا اقتصاديا ضعيفا، في المقابل يعطي قانون المالية الحرية للحكومة للجوء إلى تغيير نسب الضرائب والالتجاء إلى الدين، هذا فيه تهديد مستمر للطاقة الشرائية للمواطن".

وأبرز الكتاني أن "الدولة سوف تقترض تقريبا 10500 مليار سنتيم، منها 40 في المائة من الخارج، و60 في المائة من الداخل، ويمثل الرقم ثلاث سنوات من القيمة المضافة للإنتاج المغربي، يعني يلزمنا ثلاث سنوات أخرى للرد الدين إذا تم ذلك أدائه في الحين، إذا تم استحضار الفوائد ستتضاعف مدة رد الدين".

ولفت إلى أنه "حينما نقول المزيد من اللجوء إلى الدين، يعني ابمزيد من الضرائب، وهذا يؤدي إلى المس بالقدرة الشرائية للمواطن، في أغلب الأحيان سوف يؤدي الدين الطبقة المتوسطة أو ما تبقى منها في المغرب، قانون المالية يكرس ما سبق، لم يغير أسلوبه وتوجهه، رغم أن الوضعية الاجتماعية مختلفة تماما".

قانون المالية بقيّ في العقلية الرأسمالية

وشدّد على أن "القطاعات التي أعطاها قانون المالية الأولوية في الاستثمارات، هي الصحة، والتعليم والتشغيل، من الناحية المبدئية هذا شيء جميل جدا، بالنسبة لقطاعي الصحة والتعليم، قيل أن الإضافة  ستكون بـ 9 مليار درهما، رغم أن هذه القطاعات عندها أولوية كبيرة جدا، هذه الزيادة لا تمثل إلا 3.6 من الميزانية المخصصة للاستثمار التي تقدر بـ 245 مليار درهما".

ولاحظ المتحدث ذاته، أن "المستشفيات والمدارس ستبنى في المدن وليس في البادية، والواقع الاجتماعي للمغرب، يؤكد وجود هجرة السكان من البادية إلى المدن، تشكل ما بين 60 ألف و 120 ألف سنويا، قانون المالية يعالج النتائج في المدن وليس بالبادية".

وأوضح أن "الاستثمارات كان يجب توجيهها بالأساس للمناطق الريفية، والنموذج التنموي تحدث عن إنشاء الطبقة المتوسطة في البادية، هي طبقة لا يتم الحفاظ عليها حتى في المدن فكيف في البادية، وقانون المالية له توجه رأس مالي، وحضري وليس البادية، اقتصادي أكثر منه اجتماعي، وقانون المالية بقيّ في العقلية الرأسمالية".

وذكر أن "الحكومة عليها مقاومة أجرة الرخص أو ما يسمى بالعلاوات التي تسلم تحت الطاولة مقابل الحصول على الصفقات العمومية، لذلك يجب أن تُسلم الرخص من لجان مجهولة الهوية، وإذا أوقفنا التكاليف الزائدة في المشاريع العمومية سوف نحرر المجتمع والدولة من اللجوء التقليدي إلى الضرائب والدين".