الشافعي.. حكاية طبيب تزنيت الذي تتهمه الادارة بـ"اختلالات" مهنية وتجند المواطنون لمناصرته

وجد الطبيب الشافعي مساندة من طرف سكان مدينة تزنيت
سعيد أهمان

طبيب شغل مواقع التواصل الاجتماعي والرأي العام في مدينة تزنيت. روى عدد من المواطنين كيف "ساعدهم أكثر من مرة خارج أوقات العمل"، وكيف "يترك هاتفه مفتوحاً طيلة اليوم لنجدتهم حين يتصلون به".

حكاية الطبيب المهدي الشافعي أخصائي في جراحة الأطفال، دخلت فصل صراع بينه، وبين إدارة المركز الاستشفائي الحسن الأول بتيزنيت، بعدها أحيل الطبيب الجراح على أنظار المجلس التأديبي، على خلفية ما تعتبره الادارة "اختلالات مهنية ارتكبها"، فيما يرجع الطبيب ذلك لما أسماه "لوبيات الفساد التي تحاصره داخل المستشفى وخارجه من أجل تصفية حسابات ضده".

"تيل كيل عربي" تحدث للطبيب الشافعي، الذي روى تفاصيل ملفه، كما أخذ وجهة نظر وزارة الصحة حول التهم الموجهة لمسؤوليها من طرفه، من بينها "اخفاء حقيقة ملفه عن وزير الصحة أنس الدكالي الذي زار المدينة يوم أمس الأربعاء".

الشافعي: جهات تستهدفني

يقول المهدي الشافعي إنه "أجرى أكثر من 560 عملية جراحية للفقراء في ظرف لا يتجاوز 8 أشهر، بمعدل ثلاث عمليات في اليوم، ليصير محاربا من قبل البعض لأن مصحاتهم ستفلس".

الطبيب الجراح الذي سبق وأن اشتغل بمستشفى كلميم، التحق للعمل بمستشفى تيزنيت في يونيو عام 2017، أنشأ منذ أربعة أشهر صفحة شخصية له على "فايسبوك"، باسمه تحمل عنوان "مهدي الشافعي من أجل صحة أفضل"، استغلها بمناسبة زيارة الوزير أنس الدكالي لتوجيه نداء لساكنة المدينة، من أجل "تغيير الوضع الصحي، وعدم إخفاء الحقائق على الوزير".

ويحكي الشافعي، الناشط ضمن هيئة نقابية للأطباء، عن ما وصفه بمعاناته لـ"تيل كيل عربي"، قائلاً: "بين الفينة والأخرى، كان نوع من الضغط يمارس علي من قبل لوبيات الفساد داخل وخارج المستشفى. وُوجهت بعدد من الاستفسارات المفبركة والاستدعاءات للخضوع أمام لجن تفتيش، من طرف الإدارة والمندوبية الإقليمية للصحة ضمن، ناهيك عن تعامي هاته الإدارة والمندوبية عن رصد النقص بالأدوات الجراحية التي أحتاج إليها لإجراء عمليات جراحية للأطفال".

"كما وجهت رسالة إلى الملك محمد السادس، ترصد الملابسات وتبين الشطط في استعمال السلط والتصرفات التعسفية للإدارة وشهادات الزُّور أيضا". يضيف الشافعي.

قضية الطبيب، وجدت مساندة من طرف عدد من سكان تيزنيت والنواحي، هؤلاء قادوا حملة لمناصرته حملت عنوان "كل التضامن مع الدكتور مهدي الشافعي"، شعارها أنه "طبيب الفقراء" وأنه "لا يتلقى رشوة ولا يبتز مريضا ولا يتغيب عن عمله إلا بعذر، يوزع رقم هاتفه على المرضى وأهاليهم حتى يتعرضوا لأي ابتزاز من أي كان".

ويقول سكان المدينة ونواحيها، إن الشافعي "يتواجد بمكتبه على الدوام من أجل خدمة الأطفال، ويداوم حتى العاشرة ليلا من أجل تلبية الحاجيات الصحية لسكان المنطقة دن دون موعد أو وسيط، بلا هبة أو اتاوة، طبيب إنساني يؤدي رسالته حاول محاربة الفساد لكن الفساد حاربه".

وليس الكبار وحدهم هم من آزروه، بل تجند عدد من الأطفال الذين عالجهم في المركز الاستشفائي الحسن الأول بتيزنيت، لنصرته عبر رسومات، وخلال حضورهم في وقفة احتجاجية تضامنا معه، على خلفية إحالته على اللجنة التمهيدية الشهر الماضي في مندوبية الصحة بالمدينة.

وشدد الطبيب الشافعي، على أن متمسك بالاستمرار في العمل بمدينة تيزنيت، وقال بهذا الصدد، "أنا أعتز بها وبما أقدمه من خدمات صحية لأطفالها".

أمام كل هذا انتظر الطبيب إنصافه، غير أنه فوجئ بلجنة تفتيش من المديرية الجهوية للصحة، لا لحل المشاكل التي يواجهها، حسب قوله، بل تم استدعاؤه وأخذ افادته واستفساره بدعوى "الاستهزاء بطفل مريض والتلاعب بالمسؤولية، لتتم احالته على مسطرة التأديب في منتصف فبراير الجاري".

اتهامات إدارة المستشفى

في تعليقه على ما قاله الطبيب الشفعي لـ"تيل كيل عربي"، قال مصدر مسؤول من وزارة الصحة، آثر عدم ذكر اسمه وصفته، لموقع "تيل كيل عربي"، إن "كل ما أثير حول الموضوع هو رد فعل سلبي على مؤاخذات مهنية مسجلة في حق المعني بالأمر، أحيل على إثرها على المجلس التأديبي وفق مسطرة قانونية وإدارية وتنظيمية سليمة".

 وصرح المتحدث ذاته، أن "الشافعي يمارس عمله المهني بشكل عادي، غير أن أخطاء مهنية ارتكبها، بصفته موظفا، دفعت الادارة لإحالته على أنظار المجلس الانضباطي لأسباب ثلاثة".

أولها، حسب مصدر "تيل كيل عربي"، "رفضه العلاج والتكفل بطفل ينحدر من ضواحي تيزنيت، عمره ثلاث سنوات مريض بالسكري، أصيب بكسر تابت في مرفقه، وهي حالة لا تستدعي إجراء عملية جراحية وطلب منه الطبيب إحضار مستلزمات الجراحة، بحسب تصريحات والد الطفل وشكايته التي وجها لوزارة الصحة وفتحت الإدارة في شأنها تحقيقا إداريا معمقا".

 ثانيها، "توجيهه المرضى لاقتناء لوازم طبية لدى محل تجاري (شبه صيدلية) في مدينة تيزنيت دون غيره، ما أثار شكاوى أهالي المرضى". دائما حسب المصدر ذاته.

ثالثها، "نشره ملفا طبيا لنفس الطفل على  شبكة التواصل الاجتماعي، مما يعد إفشاء للسر المهني". يضيف مصدر "تيل كيل عربي".

 واعتبر المتحدث ذاته، أن "كل الضمانات القانونية منحت للطبيب، بصفته موظفا، بدءا من استفساره، ثم منحه مهلة للإجابة على المؤاخذات المسجلة في حقه، لتتم احالته على اللجنة التمهيدية بحضور دفاعه، وخلالها اقتنع أعضاؤها بكون المعني ارتكب أخطاء مهنية، ليتقرر وفق الضوابط القانونية والتنظيمية للمهنة، إحالته على المجلس التأديبي الجهوي المختص في أكادير، ليمثل أمامها  في أول جلسة يوم 9 مارس الجاري".