الشامي يرفع إلى الملك تقريرا يضع أعطاب التعليم تحت المجهر  

الشرقي الحرش

وجه التقرير السنوي الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي انتقادات لاذعة لبرامج ومخططات وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.

اعتبر التقرير الذي رفعه رئيس المجلس أحمد الشامي إلى الملك محمد السادس أن قطاع التعليم يعاني من العديد من الاختلالات المرتبطة بشكل أساسي بغياب حكامة مؤسساتية موحدة متجانسة، وهوما يجسده بشكل خاص عدم وجود إطار مرجعي موحد للتعليم الأولي، تعكسه ازدواجية قوية بين النمطين التقليدي والعصري.

 غياب الرؤية

يشير التقرير إلى غياب رؤية لدى وزارة التربية الوطنية فيما يتعلق بتكوين المربيات والمربين المتخصصين في التعليم الأولي.

 ويرى التقرير أن وزارة التربية الوطنية، التي أطلقت مخططا من أجل تعميم التعليم الأولي برسم الموسم 2018/2019 لم توضح الآلية الخاصة بتكوين المربيات والمربين المختصين في التعليم الأولي ولا مدته ومضامينه، كما لم تحدد شروط ولوج هذه المهنة"، مشيرا إلى أنه تم بالموازاة مع إطلاق مخطط تعميم التعليم الأولي فتح مراكز للتكوين في مهن التربية، لكن القدرة الاستيعابية لهذه المراكز تبقى محدودة مقارنة بحجم طموح التعميم الكامل للتعليم الأولي بحلول سنة 2027.

 ويخلص التقرير إلى أن الجانب المتعلق بغياب رؤية واضحة واقعية تعكسها تدابير ملموسة قابلة للقياس أصبحت سمة بنيوية تميز قطاع التربية والتعليم، مشيرا إلى أن هذا القصور سجل أيضا على مستوى تأهيل التعليم الأولي التقليدي، كما سجل في عملية توظيف الأساتذة خلال السنوات الثلاث الأخيرة ليشكل بذلك سمة أساسية للمنظومة التربوبية

 ورطة المتعاقدين

يرى التقرير أن قرار اللجوء إلى توظيف حوالي 55 ألف أستاذا وأستاذة لسد الخصاص الحاصل بسبب إحالة العديد من المدرسين على التقاعد، ولمواجهة اكتظاظ الأقسام الدراسية كان قرارا متسرعا، ويعكس عدم القدرة على بلورة رؤية استشرافية تأخذ بعين الاعتبار تطور البنية العمرية للمدرسين، وحالات التقاعد المبكر، والاسقاطات المتعلقة بعدد التلاميذ في المؤسسات التعليمية العمومية.

وذهب التقرير إلى أن توظيف الأساتذة وإدماجهم في الفصول الدراسية دون تمكينهم من تكوين متين يشكل خطرا كبيرا محدقا بالمدرسة العمومية وبتلاميذها وبعملية إنجاح القطاع ككل.

وأوضح التقرير أن فترة التكوين التي تستغرق ثلاثة أشهر في المراكز الجهوية للتربية والتكوين لا تسمح للمدرسين الجدد باكتساب الكفايات التربوية والتعليمية اللازمة والإحاطة بمضامين الدروس وتملك القدرة على إدارة الفصول الدراسية.

 تعميق الفوارق

 من جهة أخرى، يقف التقرير عند التفاوت الحاصل بين التعليم في القرى والحواضر، مشيرا إلى أن التعليم في الوسط القروي يعاني من أوجه قصور بنيوية في مجال التعليم تشمل البنيات التعليمية وهيئة التدريس على حد سواء، كما تنعكس بشكل مباشر على مستوى التلاميذ وقدرتهم على إكمال مراحل التعليم الإجباري.

 ويشير التقرير إلى معطيات إحصائية دالة تؤكد الفوارق العميقة بين المجال القروي والحضري، حيث بلغت نسبة التمدرس في السلك الثانوي الإعدادي سنة 2017 حوالي 74 في المائة في الوسط الحضري مقابل 36 في المائة في الوسط القروي، أما على مستوى التعليم الأولي فتصل نسبة التمدرس في الوسط الحضري 60 في المائة مقابل 35 في المائة في المناطق القروية.

 ويوضح التقرير أن الفوارق بين الوسطين الحضري والقروي تتجلى أيضا في مستوى الولوج إلى الخدمات التعليمية وجودتها.

ويؤكد التقرير أن التلاميذ الذين يتابعون دراستهم في العالم القروي يحصلون على نتائج أقل من نظرائهم في الوسط الحضري، مشيرا إلى أن تلميذا من بين أربعة في العالم القروي لا يتوفر على الكتاب المدرسي لمادة الرياضيات، كما أن معدل غياب الأساتذة يصل إلى 5 في المائة مقابل 3 في المائة في العالم الحضري. كما تسجل هذه التفاوتات على مستوى الزمن المدرسي، حيث يحرم تلاميذ العالم القروي من أزيد من ساعة من التدريس يوميا مقارنة مع أبناء المناطق الحضرية.

ويخلص التقرير إلى أن أي مشروع تربوي لا يمكنه النجاح في غياب الانخراط الكلي للمدرسين وتملكهم للحوافز الضرورية، مشددا على ضرورة ايجاد الحلول المناسبة للمشاكل الاجتماعية التي يواجهها المدرسون في المناطق القروية النائية من خلال تحسين ظروف السكن والتنقل والتفكير في برامج لتشجيع مزاولة مهنة التدريس في العالم القروي.