الفلاحون يراقبون السماء بحثا عن تباشير أمطار منعشة لمعنوياتهم

المصطفى أزوكاح

ستراقب الحكومة، كما الفلاحين، السماء في الفترة المقبلة، عل السحب تحمل  معها تباشير الغيث في هذه الفترة الحاسمة من الموسم الفلاحي، وتدفع المزارعين إلى الانكباب على إعداد الأرض والشروع في الزرع، ويبعث بإشارة للحكومة حول احتمال تحقيق توقعاتها.

أمطار وبذور

لم تشمل التساقطات المطرية جميع المناطق بالمغرب، بل إن منطقة الشاوية التي تساهم، بقسط كبير في إنتاج القمح، لم تستقبل سوى أربع مليمترات من الأمطار، ما يعتبر غير كاف من أجل تعبئة المزارعين كي يقبلوا على شراء البذور المختارة.

ويذهب المهني محمد الإبراهيمي، من منطقة الشاوية، إلى أن المزارعين شرعوا في حرث الأرض في الفترة الأخيرة، في انتظار الانكباب على الزرع في الشهر المقبل، وإن كانوا يشتكون من ارتفاع أسعار البذور والأسمدة والغازوال، التي تعتبر ثلاثة عوامل حاسمة في رفع المردودية، إذا كانت التساقطات في مستوى الانتظارات.

ويؤكد الإبراهيمي على أن ثمن البذور المختارة مرتفع، حيث ظل في نفس المستوى المسجل في العام الماضي؛ أي 360 درهما للقنطار، معتبرا أن العديد من المزارعين لا يتوفرون على الإمكانيات المالية التي تتيح لهم دفع ذلك الثمن، خاصة أن أغلبهم باعوا في المواسم الأخيرة القمح اللين بسعر 220 درهما للقنطار، وهو سعر يقل عن السقف الذي حددته الحكومة.

ويشير إلى أن اجتماعات عقدت مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية من أجل خفض سعر البذور المختارة إلى 300 درهم، غير أن السعر المعتمد حاليا يؤشر على عدم الاستجابة لانتظارات المزارعين.

ويتخوف الإبراهيمي من أن يحرض الوضع الحالي المزارعين على عدم الإقبال بكثرة على شراء البذور المختارة التي يمكن أن تساعد على زيادة إنتاج الحبوب في الموسم الحالي، خاصة أن محصول الحبوب في الموسم الأخير عرف تراجعا حادا بنسبة 49 في المائة، كي يستقر في حدود 52 مليون قنطار.

وكان وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، كشف أثناء إطلاق  الموسم الفلاحي الجديد، عن تعبئة 2,2 مليون قنطار من البذور في الموسم الحالي، غير أن خالد بنسليمان، رئيس الجمعية المغربية لمكثري البذور، يشير إلى أنه رغم توفير نفس الكمية في الموسم الماضي، لم يستعمل المزارعون سوى 700 ألف قنطار من البذور المختارة.

 وينتظر أن ينظم بين نهاية أكتوبر الجاري والثالث من نونبر المقبل، معرض وطني حول الحبوب والقطاني، يرتقب أن يكون فرصة للتداول حول الأسباب التي تدفع المزارعين إلى عدم الإقبال بكثرة على استعمال البذور المختارة.

ويراهن المغرب على استعمال البذورالمختارة من أجل رفع إنتاج الحبوب، خاصة أن الحكومة بنت توقعات مشروع قانون مالية العام المقبل على أساس محصول متوسط في حدود 70 مليون قنطار.

زيتون متعطش للأمطار

لايراقب السماء في الفترة الحالية منتجو الحبوب فقط الذي يبدؤون بالكاد في إعداد الأرض، فمنتجو الزيتون الذين شرعوا في جني محصول الموسم الحالي، يراهنون عليه من أجل زيادة المردودية، خاصة أنهم يتوقعون تراجعا حادا في الإنتاج في الموسم الحالي، مقارنة بالموسم الذي سبقه.

ويشير الحسين مشاش، رئيس المجموعة ذات النفع الاقتصادي "زيوت أيت اعتاب" إلى أن الإنتاج ضعيف، خاصة في البساتين البورية، غير أنه في حال أسعفت الأمطار المزارعين في ما تبقى من أكتوبر ونونبر، فإن مردودية المحصول سترتفع بحوالي 20 في المائة، مقارنة بالمستوى المتوقع، كما أن نوعية الزيتون الذي ستتيحه الأمطار سيساعد على تيسير عملية التحويل.

ويعزى تراجع الإنتاج إلى ضعف التساقطات المطرية في العام الحالي بسبب الجفاف، غير أنه يؤكد على أن أشجار الزيتون تطرح عادة محصولا منخفضا بعد موسم متسم بالوفرة، مشيرا إلى أن هذا الوضع ملاحظ اليوم على مستوى جميع المناطق المعروفة بزراعة الزيتون في المملكة.

حقينة السدود

 وينتظر أن  يفضي تأخر الأمطار إلى التأثير على حقينة السدود، التي وصلت إلى غاية الاثنين، حسب بيانات وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، إلى 45,6 في المائة، مقابل 56,6 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي.

وكان وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، عبد القادر اعمارة، عبر عن سعي المملكة إلى تخزين 30 مليار متر مكعب من مياه الأمطار في غضون السنوات المقبلة بعد أن بلغت الطاقة التخزينية حاليا 18.6 مليار متر مكعب.

وتتجلى الحاجة أكثر إلى تأمين مخزون مياه كاف من أجل عدم الاضطرار  للتحكيم إلى التحكيم بين مياه الشرب ومياه السقي، خاصة في ظل برمجة وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية لمساحة في حدود 487 ألف هكتار من أجل السقي، من بينها 23 في المائة للحبوب.