المتهمون بتصفية البرلماني مرداس أمام القضاء الاثنين

عملية إعادة تمثيل جريمة اغتيال البرلماتي مرداس
امحمد خيي

فصل جديد من التشويق دخلته قضية تصفية عبد اللطيف مرداس، قيادي حزب الاتحاد الدستوري، في سابع مارس الماضي أمام مسكنه بحي كاليفورنيا الراقي في البيضاء، في حيثيات اختلط فيها الطمع في المال، بالجنس الموثق بالفيديو، إذ أنهى قاضي التحقيق الاستماع التفصيلي للمتهم الرئيسي، وعشيقته التي كانت زوجة الراحل. هنا تفاصيل التهم النهائية الموجهة للمشتبه فيهم، وأسرار جديدة حول التقنيات التكنولوجية التي اعتمدها المكتب المركزي للأبحاث القضائية للوصول إليهم.

سيمثل هشام المشتراي، المنتخب الجماعي عن التجمع الوطني للأحرار المتهم بتصفية البرلماني عبد اللطيف مرداس، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري، عصر الاثنين المقبل، أمام قاضي الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، رفقة خليلته وفاء بنصامدي، زوجة البرلماني المقتول، وصديقتها "الشوافة" رقية شهبون، وابن شقيقته حمزة مقبول، في أول جلسات محاكمتهم، بعد اتهامهم، بتكوين عصابة إجرامية للقتل العمد.

واختارت الهيأة الثالثة للجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف، القاعة رقم 7، التي تحتضن الجلسات ذات الاهتمام الكبير، فضاء لمحاكمة المتهمين، الذين استقر رأي قاضي التحقيق، بعد استماعه إليهم تفصيليا، خلال الأسابيع الماضية، وفق لقرار الإحالة الذي اطلعت عليه "تيل-كيل عربي"، على متابعتهم من أجل تهم ثقيلة، تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد والإعدام حسب فصول مجموعة القانون الجنائي المغربي.

ويتعلق الأمر، وفق الوثيقة ذاتها، بـ"تكوين عصابة إجرامية والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد"، و"محو آثار الجريمة قبل القيام بالعمليات الأولية للبحث القضائي بنية عرقلة سير العدالة"، علاوة على "تهريب مجرم من الاعتقال والبحث ومساعدته على الاختفاء والهروب"، مع "حيازة وحمل سلاح ظاهر بدون رخصة والاحتفاظ به خرقا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل".

وأوضح مصدر قضائي متابع للملف، أن جلسة الاثنين المقبل، يستبعد أن تتم فيها مناقشة الملف وإحضار المتهمين من سجن عكاشة إلى قفص الاتهام، لأن "الملف غير جاهز" لذلك، بقدر ما ستشهد تسجيل المحامين لإنابتهم عن الأطراف لدى القاضي، ومن بينهم أسرة البرلماني الراحل وذوو حقوقه، الذين سينتصبون طرفا مدنيا في الملف.

كيف وصل "بسيج" إلى المتهمين؟

تكشف وثيقة مسطرة الإحالة التي أنجزها عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن الوصول إلى المشتبه فيهم، استعملت فيه تقنيات تكنولوجية، بينها تحليل البيانات المتعلقة بآلاف الهواتف التي مرت في دائرة التغطية الهاتفية للواقط الشبكة التابعة لمختلف شركات الاتصالات بالمنطقة التي حدثت فيها الجريمة، وجرد كافة السيارات المخصصة للكراء بالبيضاء، التي تتطابق أوصافها مع التي استعملت في التنفيذ.

وبالنسبة إلى الهاتف، فبتعاون مع شركات الاتصالات، تم الحصول على بيانات جميع الأرقام الهاتفية التي جرت بينها مكالمات قبيل وبعد وقوع الجريمة بدائرة التغطية الهاتفية التي يدخلها ضمنها محيط منزل البرلماني المقتول، ما مكن من فرز رقمين هاتفيين، واحد يعود إلى زوجة البرلماني، والثاني إلى هشام المشتراي، وجمعت بينهما 98 مكالمة هاتفية، بدت مضامينها للأمنيين مثيرة للشكوك، سيما أن الشخصين متزوجين، أي "محصنان" بتعبير القانون.

ولم يخف تقرير مسطرة تقديم المتهمين، الموجه من "إف بي آي" المغرب إلى الوكيل العام للملك، أنه خلال يوم تنفيذ الجريمة، تمت بين زوجة البرلماني وخليلها، مكالمات بين الرابعة عصرا، والتاسعة و44 دقيقة مساء، آخرها بعد مرور 11 دقيقة على تنفيذ الجريمة، كما كانت بينها واحدة، بمثابة "الطعم" الذي استعمل لاستقدام البرلماني إلى مسرح الجريمة، وجرت من هاتف الزوجة نحو هاتف ابنتها، وفيها تأمرها بأن تطالب والدها البرلماني بالقدوم إلى البيت، من أجل نقلها رفقة إخوتها لتناول وجبة العشاء.

وبخصوص السيارة، فبعما عاين المحققون تسجيلات "الكاميرا" الخاصة ببيت الضحية، واستيقاء شهادات حراس السيارات بمحيط منزل الضحية، وقع إجماع على أن سيارة من نوع "داصيا" بدون صفائح معدنية، رابضت لساعات أمام منزل الضحية، وغادرت بسرعة جنونية بعد إطلاق النار، فتكلف فريق فرعي بإنجاز تحريات دقيقة للوصول إليها.

وكانت أول خطوة قام بها الفريق الأمني المكلف، دق أبواب الوكيل الحصري لتوزيع وتسويق ذلك النوع من السيارات بالبيضاء، فأرشد الأمن إلى وكالات السيارات التي اقتنتها وتضع رهن إشارة المكترين، لتتم مباشرة أبحاث في سجلات وكالات كراء السيارات، حول من اكترى سيارات بمواصفات السيارة المستعملة في الجريمة، خلال يوم وقوع الجريمة، فتبين أن واحدة اكتراها شخص، سبق أن تم تحديد هويته بصفته صاحب أحد الأرقام الهاتفية المشبوهة التي تم جردها بدائرة التغطية الهاتفية لمسرح الجريمة، وبتتبع مسار السيارة بـ"جي بي إس"، تم العثور عليها بسباتة، وتبين أن مكتريها هو حمزة مقبول، ابن شقيقة هشام المشتراي.

وإذا كان تنقيط مكتري السيارة، قد أبرز انه غادر مطار محمد الخامس نحو تركيا، كشفت الأبحاث أن العلاقة بين وفاء بنصامدي، زوجة البرلماني عبد اللطيف مرداس، و"عشيقها" هشام المشتراي، نائب رئيس مقاطعة سباتة بالبيضاء، بدأت لدى "رقية شهبون"، العرافة التي كانت تستعين بها زوجة البرلماني، وتطورت العلاقة بينهما إلى علاقات جنسية وثقها المستشار بـ"الفيديو"، في الشقة التي كانت تجري فيها مغامراتهما.

وعلى ما يبدو، كان الشكوك تنتاب عبد اللطيف مرداس، النائب البرلماني قيد حياته، من سلوكات زوجته، بسبب غيابها المتكرر عن البيت، ولأنه سبق أن كتب مجموعة من ممتلكاته باسمها، قرر استرجاعها منها، فاقترح عشيقها تصفيته والانفراد لاحقا بأملاكه، ففكر، في تنفيذ العملية عبر تدبير حادثة سير، وأما استحالة ذلك، فكر في قتله بالرصاص في مقهى "اللوفر" بشارع المسيرة في المعاريف، حيث كان يمضي البرلماني كثيرا من الوقت، ولكن لأنه مكان به محلات تجارية ودائم الحركة، تقرر استدراج الضحية، نحو بيته في "فيلات" حي كاليفورنيا.