عاد الاتحاد العام لمقاولات المغرب والبنك المركزي والتجمع المهني للبنوك، للمطالبة ببث دينامية جديدة في القروض الموزعة على المقاولات، بما يساعد على إنعاش الاقتصاد الذي يشتكي الفاعلون فيه من عدم وضوح الرؤية.
وعقد البنك المركزي والتجمع المهني للبنوك والاتحاد العام لمقاولات المغرب، اجتماعا أمس الخميس بالدار البيضاء، دعوا فيه إلى تجاوز تباطؤ توزيع القروض التي لم يتجاوز نموها 3 في المائة، حيث يصل إلى المستوى الذي بلغه نمو الاقتصاد.
وجاء في بلاغ لبنك المغرب أن الاجتماع الذي حضره مديرا صندوق الضمان المركزي والوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة ورؤساء الفيدراليات القطاعية للاتحاد العام لمقاولات المغرب، انصب على تقييم حصيلة وآفاق تمويل المقاولات.
ويعتبر هذا الاجتماع الثاني بعد الاجتماع الذي عقد في يونيو 2016، والذي تمخضت عنه مذكرة قدمت لحكومة عبد الإله بنكيران، حيث جرى التشديد فيها على ضرورة إعطاء دفعة قوية لتمويل المقاولات.
وكانت المذكرة شددت على خمس نقاط، تهم صعوبات خزينة المقاولات، وولوج المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة للصفقات العمومية، و ضعف آثار الاستراتيجيات القطاعية ما يستدعي وضع آليات للتقييم، والمساعدات للشركات التي تعاني من صعوبات، والحاجيات الخاصة للتمويل، عبر فتح الباب أمام البنوك من أجل تمويل الجماعات المحلية سواء عبر إحداث كونسورسيوم مع صندوق التجهيز الجماعي أو بشكل منفرد.
غير أنه تجلى من تصريحات سابقة لوالي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، وجود سعي من أجل إعادة ربط الاتصال مع حكومة سعد الدين العثماني من أجل إعادة بعث النقاش حول مذكرة 2016، التي لم تلق التجاوب الكافي من الحكومة السابقة.
ولم تغب حالة الانتظارية ، التي تؤثر على الأداء الاقتصادي بالمغرب، عن تصريحات والي بنك المغرب الأخيرة، الذي لم يوفر في تفسيره لتلك الحالة، السياسيين، الذين يعتبر أن أداءهم لا يشجع الفاعلين الاقتصاديين على المخاطرة، عندما سئل حول حالة الانتظارية التي يعرفها الاقتصاد وعالم الأعمال بالمغرب.
وعندما سئل الجواهري حول حالة الإحباط الجماعي Sinistrose التي تجثم على معنويات الفاعلين الاقتصاديين، أنحى باللائمة على "السياسيين الذين يقودون كل شىء"، فهو يرى أن "الفاعلين الاقتصاديين في حاجة إلى توضيح الرؤية، والثقة، ومعرفة إلى أين نتجه".
وتساءل الجواهري آنذاك " كيف للفاعلين الاقتصاديين أن يخاطروا، عندما يرون السياسيين يتشاجرون ( Se crêper le chignon ) "، مشددا على أنه لا يقلل من دور الاقتصاد والمال، غير أن يرى أنه يجب التوفر على رؤية واضحة للأولويات.
ويأتي اجتماع أمس الخميس ضمن هذا السياق، المتسم بالتباطؤ الاقتصادي لدى الشركاء الاقتصاديين للمغرب، وبالظرفية الاقتصادية الصعبة محليا، مع تحسن بطيء في الأنشطة غير الفلاحية ومستوى مرتفع للبطالة لا سيما بين الشباب، حسب ما لاحظه بلاغ بنك المغرب.
ورغم تسجيل المشاركين في اجتماع أمس للتدابير المتخذة والجارية من أجل تسهيل تمويل المقاولات، إلا أنهم أوصوا بالنظر للطابع الهش والمتفكك للنسيج المقاولاتي، باعتماد تدابير تساهم في الرفع من مستوى النظام الاقتصادي المنتج وتعزيز إمكانياته، بما يساعد على خلق مشتل للمقاولات والمشاريع القابلة للتمويل البنكي والموفرة لفرص العمل.
وطالبت تلك الأطراف بمقاربة متناسقة تجمع آليات تشجيع ومواكبة ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، وآلية معززة للمواكبة والتمويل تستهدف إنشاء المقاولات عموما والابتكار على الخصوص، والتشجيع على خلق مناخ ملائم للأعمال على الصعد الضريبة والإدارية والقضائية.
وفي تصريح له خص به موقع Médias24، عقب اجتماع أمس، اعتبر رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، صلاح الدين مزوار، أنه بعد 2016، اتخذت تدابير ذات صلة بالوفاء بمتأخرات الضريبة على القيمة المضافة وقانون الضمانات المنقولة...، غير أنه شدد على أن تباطؤ وتيرة توزيع القروض يؤشر على صعوبات في التمويل تواجهها الشركات، ما ينعكس على الاستثمار والتشغيل.
وقال مزوار، الذي اعتبر أن الاهتمام يجب أن ينصب على المقاولات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، إنه يجب النظر في جميع التدابير التي يمكن أن تساهم في إعطاء دفعة قوية لتوزيع القروض، ما سينعكس على النمو الاقتصادي. هذا ما يدفعه إلى الحديث عن دور الحكومة، التي يفترض إن تساهم في توضيح الرؤية.
واقترح مزوار تشكيل لجنة مع الحكومة لقيادة الانطلاق الاقتصادية في ظل ضعف دينامية القطاعات غير الفلاحية، معتبرا أن المقاربة المقترحة بناءة، مشددا على أن السياق يحتاج تنسيقا وتشاورا أكبر بين القطاعين الخاص والعام، مؤكدا على أن القيادة المشتركة حول التدابير التي تعطي دفعة للاقتصاد والاستثمار مهمة، مشددا على أن الأمر لا يتعلق باختبار قوة مع الحكومة أو محاولة لإعطاء دروس لأي كان.