بلومبيرغ: الاستياء المستمر ضد الحكومة قد يعيق خط الائتمان لصندوق النقد الدولي

محمد فرنان

رضوان بنتهاين - متدرب

أفاد موقع "بلومبيرغ" المختص بالشؤون المالية، أن المغرب في سياق استغلاله الانخفاض الذي شهدته أسعار الاقتراض من أجل إعادة إنعاش صناديقه، قد بدأ يصلح درجة ائتمانه الضعيفة.

وأوضح الموقع أنه "انطلاقا من تخطيطه لبيع سندات بالدولار الأمريكي ذات تواريخ استحقاق تمتد إلى 10 و11 سنة، قد عاد إلى سوق السندات لأول مرة منذ انحدار درجة ائتمانه قبل عامين، بحيث كانت سنة 2020 آخر مرة يعرض فيها سند بالدولار الأمريكي، مشيرا إلى قيامه بتوظيف لأبناك ستقوم  بتنظيم مجموعة من اللقاءات مع عدد من المستثمرين في الولايات المتحدة ولندن.

واستحضر بلومبيرغ في هذا الصدد مارك بولوند، كبير محللي أبحاث الائتمان لدى وكالة بلومبيرغ، والذي أشار إلى مساهمة المكتب الشريف للفوسفاط في تخفيف العبء المالي الذي واجهته الحكومة إبان ارتفاع تكاليف دعم الكهرباء والقمح بالإضافة إلى غاز الطهي، مضيفا بأن شعور التفاؤل تجاه تحصيل خط ائتمان آمن من قبل صندوق النقد الدولي يعد كذلك عامل في ارتفاع "جاذبية" المغرب، بحيث "هنالك تحسن عام لصورة المغرب الائتمانية"، تابع بولوند مردفا: "من المتوقع أن يحصل على تقييم إيجابي من قبل وكالة أو وكالتين لتصنيف درجات الائتمان قبل نهاية السنة الجارية."

وذكرت بلومبيرغ بأن معدل فرق العائدات بالدولار للمغرب حول السندات المالية الحكومية قد انخفض بما بقارب 170 إلى 267 نقطة أساس (BPS)، وجاء ذلك على إثر اقترابه من أكبر ارتفاع له في 20 سنة.

أما معدل تأمينه ضد التخلف عن دفع ديونه عن طريق مبادلات مخاطر عدم السداد (CDS) لمدة خمسة سنوات، فقد انخفض إلى ما يقارب نصف قيمته منذ بداية شهر نوفمبر الماضي إلى ما يناهز الـ160 نقطة أساسية، وهو ما يتناقض بقوة مع أقران المملكة الإقليميين، بحيث بلغ معدلي الCDS المصري والتونسي ما يعدّه المستثمرون مستويات "حرجة،" والتي تجلت في الـ920 نقطة أساس التي بلغها المستوى المصري يوم الخميس، إضافة إلى ارتفاع المعدل التونسي إلى 1250 نقطة في اليوم ذاته.

وكان المغرب قد عرض آخر سند له بالدولار في شهر ديسمبر من عام 2020، والذي مكنه من تحصيل 3 ملايير دولار قياسية.

 ومنذ ذلك الحين، ظل المغرب، إلى جانب دول أخرى ناشئة تستعمل الديون السيادية، منغلقا عن الأسواق  الرأسمالية الدولية، وهو الأمر الذي تزامن مع إحدى الدورات الأكثر تقييدا منذ أربعة عقود التي مارسها الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بغية محاربة التضخم.

إلا أن هذه البلدان عادت إلى الاقتصاد الدولي للديون على إثر انخفاض أسعار الاقتراض، بحيث حددت مصر نسبة عائدات سنداتها الإسلامية (الصكوك) في 11 بالمائة، بينما حدد المغرب نسبة عائدات ديونه بالدولار المستحقة بعام 2027 في 5.9 بالمائة.

وفي هذا الصدد صرح لبلومبيرغ تود شوبرت، مدير أبحاث الإرادات الثابتة لبنك سنغافورة المقيم بدبي، بأن المستثمرين كانوا مستعدين للتنازل بخصوص منحنى التصنيفات لصالح البلدان ذات تصنيف منخفض كمصر ومغوليا، وبالتالي فدولة ذات تصنيف  BB (وهو أقل هشاشة على المدى القريب ولكن غير مستقر لعدد من الأعمال المختلفة) القوي "يجب أن تكون قادرة على إيجاد إقبال من طرف مستثمري الدول الأسواق الناشئة".

وتابع تود قائلا: "إن مسار الديون (للمغرب) هو في حال أفضل بكثير مما كان عليه في السنة الماضية".

وأشار إلى أن الأوضاع قد تحسنت منذ تخفيض وكالة " ستاندرد آند بورز" لتصنيف ديون المغرب، والذي يعتمد بشدة على قطاعه السياحي، إلى مستوى BB+، وهو الأعلى من بين المستويات الغير القابلة للإستثمار، في قمة أزمة جائحة كوفيد بأبريل 2021، بحيث تجاوزت مداخل السياحة مستويات ما قبل الجائحة بالسنة الماضية، كما قامت التساقطات المطرية الأخيرة بردع التخوفات من موجة ثانية للجفاف، زيادة على تقليل المخاوف حول النمو بمنطقة اليورو، والتي تُعد السوق الأساسية للمغرب من حيث السلع والسياح.

إلا أنهما حذرا بأن تحديات المملكة لم تختف.

فإن السلطات تواجه غضب متزايد على إثر التأثير المؤخر للتضخم، والذي بلغ أعلى مستوياته منذ ما يقارب ثلاثة عقود، على مواد شائعة واساسية ومحلية مثل الطماطم والبصل. وقد تظاهر الآلاف في الشهر الجاري ضد غلاء الأسعار، مطالبين بالتدخل قبل شهر رمضان والذي سينطلق بشهر مارس.

وذكر، في هذا الصدد بأن الحكومة الحالية المغربية قد تخلصت من عدد من مخططات الحكومة السابقة التي سعت إلى التخلص التدريجي من الدعم الحكومي للقمح والسكر وغاز الطهي في حدود 2024.

كما أبدى الموقع، تفاؤلا حول قدرة المملكة على الاستمرار في هذه الإعانات نظرا لعودتها إلى سوق الديون الدولية، إلا أنهما حذرا بأن الاستياء المستمر ضد الحكومة قد يعيق تأمين خط ائتمان آمن من قبل صندوق النقد الدولي، وشدد الموقع، في هذا الصدد على اعتماد العديد من المغاربة على هذه الإعانات الحكومية.