ذكر حزب العدالة والتنمية أن "الحكومة من كون مبادرتها المحتشمة والهشة بخصوص التشغيل من مثل "أوراش" و" فرصة" وبالإضافة إلى كونها لا ترقى إلى حجم وعودها الانتخابية الكبيرة فإنها تخضع في تدبيرها لمنطق الاستئثار الحزبي الضيق، كما وقع في تفويض تدبير برنامج "فرصة" إلى مؤسسة لا تتوفر على الاختصاص القانوني، فضلا عن كونها غير قادرة وغير كفؤة ولا تتوفر على الحد الأدنى من المهنية والحكامة الجيدة كما أثبتت ذلك تقارير رسمية".
وحذر الحزب في بيان توصل "تيلكيل عربي" بنُسخة منه، عشية أمس، من "خطورة خلط الحكومة في تدبيرها للشؤون العامة بين منطقين مختلفين، من جهة منطق تدبير المصالح الخاصة والشركات والمال الخاص ومن جهة أخرى منطق تدبير المصلحة العامة والقطاع العمومي والمال العام، واستبعادها لمبادئ الحكامة الجيدة والتدبير الرشيد للأموال العمومية وغياب الشفافية والمنافسة الشريفة، وتستغرب في هذا الصدد هدر الحكومة لمبلغ 2.3 مليار سنتيم من المال العام عبر تخصيصها للإشهار و"المؤثرين"، لأجل التعريف ببرنامج "فرصة" للتعويض والتغطية على الضعف التواصلي البين والأداء الباهت لوزرائها وعلى ضعف المؤسسة التي أسند إليها تدبير هذا البرنامج واستغنائها عن ما توفره الإدارة العمومية الموضوعة رهن إشارتها من إمكانيات بشرية وتدبيرية".
وسجلت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أن "وعود حكومة "الكفاءات" بخصوص التشغيل وشعارها بإحداث مليون فرصة شغل يبدو أنها قد تبخرت في وقت وجيز وتحولت إلى برامج هشة أصبحت حديث الناس لما يشوبها من سوء التدبير والزبونية وغياب الشفافية ولتخلي الحكومة عن مسؤوليتها وتفويضها هذه البرامج إلى جمعيات تدبرها بمنطق الريع والمحسوبية أو إلى مؤسسة غير قادرة وغير كفؤة سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن أوصى بحلها".
وحول تصريح رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بأن "الحكومة لا تملك العصا السحرية"، أكدت الأمانة العامة أن "كل ما يقع ما هو إلا نتيجة طبيعية لمقاربة سياسية خاطئة، استهدفت المسار الديمقراطي ومهدت الطريق لهيمنة تيار يجمع بين الثروة والسلطة ولبروز هيئات ومجالس منتخبة بمسار متصاعد بمؤشرات تنازع المصالح والاستهتار بالمال العام، ليجد المواطن نفسه غريبا وغير ممثل من خلال حكومة عاجزة على الوقوف في وجه شركات المحروقات وعلى القيام بدورها في مراقبة الأسعار وحماية المواطنين".
وأوضح الحزب أن "وظيفة الحكومة ودورها الأساسي هو مواجهة الصعوبات والتحديات والعمل من أجل التخفيف عن المواطنين عبر ابتكار واقتراح الحلول وسن الإجراءات المناسبة والتواصل الصريح والمباشر والمسؤول معهم لتوضيح الظروف والسياقات وليس ادعاء عدم توفرها على العصا السحرية والهروب من المواجهة".
وحذر عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، من "مخاطر الاحتقان الاجتماعي، وتنبه الحكومة إلى أن مثل هذه الظرفية الصعبة لا تقبل الانسحاب والحياد والصمت والتفرج أو السقوط في الاستفزاز والتضليل عبر تصريحات غير مسؤولة كتصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة في ندوة رسمية بأن ثمن الطماطم سينخفض خلال يومين، ثم تصريحه بعد أسبوع ومن نفس الموقع بأن ثمن الطماطم هو بين درهمين وأربعة دراهم، وهو ما يكذبه الواقع إلى اليوم ويجعل المواطن يقف على الكذب والتضليل ويفقد الثقة في المؤسسات، لاسيما في غياب الاعتذار الذي تتطلبه الجرأة والمسؤولية السياسية في مثل هذه الحالة. وهو سلوك يستقيل أو يقال فيه الوزراء في الدول التي تربط حقيقة وفعلا المسؤولية بالمحاسبة".
واستغرب البلاغ من "لجوء هذه الحكومة المتكرر وغير المسبوق في تاريخ الحكومات إلى تعليق عجزها وقلة حيلتها وفعاليتها في كل مناسبة على الحكومتين السابقتين، وتسائلها عن الجدوى من وجودها في هذه الحالة وعن أين اختفت الكفاءات والوعود ومسار الثقة ومسار التنمية وحجم الوعود الوهمية التي ثبت زيفها؟ وفي هذا السياق، وعوض الاختباء وراء إصلاح نظام المقاصة لتفسير أسعار المحروقات، وإذا كانت الحكومة تعتقد أن هذا الإصلاح هو السبب وأنه إصلاح لا حاجة إليه ولا مصلحة فيه، فما على الحكومة إلا أن تتحمل مسؤوليتها وتمتلك الشجاعة للتراجع عنه، فالأمر لا يتطلب سوى توقيع واحد من طرف رئيس الحكومة".
وشدّد المصدر ذاته، على "حاجة بلادنا الماسة إلى صحافة مهنية حرة ومستقلة تشتغل في ظل نموذج اقتصادي يضمن لمنتسبيها الكرامة والاستقلالية والمساهمة في البناء الديمقراطي والتنموي لبلادنا، وتحذر من خطر الاستمرار في شراء بعض وسائل الإعلام والمواقع الاجتماعية و"المؤثرين" للتغطية على عجز الحكومة وتسخيرهم للتطبيل ولتلميع صورة الحكومة وإخفاء الحقائق، فالحقيقة والواقع لا يمكن في النهاية أن يخفيهما أو يسترهما قلة المتكلمين عنهما، وتحيي في نفس الوقت ما بقي من صحافة وأقلام موضوعية عصية على التدجين، وتذكر للمقارنة بما كانت هذه الوسائل في السابق تنشر وتدبج من افتتاحيات ومقالات لتأليب الرأي العام على الحكومتين السابقتين ضدا على الواقع والحقيقة واليوم إما أنها تصمت أو أنها ترسم صورة مجانبة للحقيقة بل منها من يحمل المسؤولية للمواطن ويحذره".
وسجل الحزب بقلق "شديد استمرار موجة الغلاء في العديد من المواد ولاسيما المحروقات والتي سجلت مستويات قياسية وغير مسبوقة وأثرت بشكل سلبي على قطاع النقل وعلى باقي القطاعات والمواد الاستهلاكية، وعجز الحكومة الكبير عن التواصل والتوضيح الجدي والمسؤول وفي المبادرة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة شركات المحروقات ومراقبة الأسعار وردع المخالفين وحماية المواطنين، لاسيما وأن قانون حرية الأسعار والمنافسة يتضمن الأدوات القانونية الكفيلة للتدخل في مثل هذه الظروف الاستثنائية".
ولفتت إلى أن "الظرفية الخارجية وتقلبات الأسواق الدولية لا يسعف لوحده في تفسير هذه الزيادات المتتالية والمستويات القياسية التي سجلتها بلادنا في أسعار المحروقات والتي وصلت 15 درهم للتر، هذه الأسعار التي تزداد أسبوعا بعد أسبوع بالرغم من التراجع الذي تسجله أسعار النفط على المستوى الدولي والذي عكسته مختلف الدول المستوردة للنفط عبر تخفيض ثمن البيع للعموم من خلال إلزامها لهذه الشركات بتخفيض هامش ربحها من جهة، ومن خلال استثمار الفائض الاستثنائي الذي حققته من الضرائب على المواد النفطية لتخفيض الثمن من جهة أخرى، في الوقت الذي استمرت فيه شركات المحروقات بالمغرب في الزيادة تلو الزيادة".
وأبرز البجيدي أن "هذه الظرفية المتقلبة والزيادات المتتالية غير المبررة وغير المنسجمة مع تقلبات السوق الدولية، تتطلب التدخل المستعجل والفوري لمجلس المنافسة والإفراج عن تقريره بخصوص سوق المحروقات بالمغرب والممارسات المنافية للمنافسة التي تعتمدها الشركات النفطية ببلادنا وتفعيل توصياته السابقة".
وأوضح أن "استعداد المواطنين للصبر والتحمل يتوقف على مجموعة من الشروط الأساسية، وأولها اعتماد الشفافية والتنافسية وتدخل مجلس المنافسة وهيئات المراقبة بما يرسخ ثقة المواطنين في الأسعار المعلنة، ثم تدخل الحكومة بالجدية اللازمة والحزم المطلوب للوقوف في وجه جشع شركات المحروقات التي تستغل الظروف الحالية لتوسيع هامش ربحها ومراكمة المزيد من الأرباح على حساب جيوب المواطنين وإلزامها بتخفيض هامش ربحها، ثم استعمال الحكومة للفائض الاستثنائي الذي حققته من الضرائب على المحروقات لاتخاذ الإجراءات المواكبة الضرورية لبعض القطاعات المتضررة باعتماد الاستهداف المباشر والمنصف لها عوض الاستجابة لضغط بعض الكبار وأصحاب الريع وإهمال الفئات الهشة المستحقة، كما حدث في إجراء دعم قطاع النقل".