تحالف "البيجيدي" و"البام" يفجر جدلا.. كيف انتصرت المصالح على العداوة؟

الشرقي الحرش

أثار تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الأصالة والمعاصرة على مستوى جهة طنجة تطوان الحسيمة جدلا واسعا في صفوف حزب "المصباح".

حزب العدالة والتنمية، الذي سحب مرشحه سعيد خيرون مقابل حصوله على منصبي النائب الأول والخامس في تشكيلة المكتب الجديد لمجلس جهة طنجة، وجد نفسه أمام سيل من الانتقادات التي عبر عنها عدد من مناضليه.

 ووجه عدد من مناضلي العدالة والتنمية انتقادات لاذعة للأمانة العامة وللقيادة الجهوية للحزب في طنجة.

 واستغربت تعليقات عدد من مناضلي "المصباح" تحول موقف حزب العدالة والتنمية بشأن حزب الأصالة والمعاصرة، كما تساءل البعض عما إذا كان هذا التحالف الجهوي مقدمة لتحالف أكبر على المستوى الوطني في المستقبل القريب.

 في هذا الصدد، اعتبر محمد خيي الخمليشي، النائب البرلماني، ونائب الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بطنجة، في تدوينة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن "التحالف مع البام في جهة طنجة تطوان الحسيمة يجب أن تسبقه التوضيحات الضرورية لشرح هذا التحول في التقدير السياسي وتبرير الانتقال من ضفة الى أخرى تفاديا لسوء الفهم والالتباس الحاصل الآن في فهم موقع الحزب بعد أن تحدث بلاغ الكتابة الجهوية عن استهجانه لظروف تشكيل الأغلبية وتحذيره من التراجعات الديمقراطية واستمرار التحكم في صناعة الأغلبيات الهجينة".

وأضاف "إن قرار التحالف مع البام في اعتقادي يجب أن يسبقه عمل نقدي للمواقف السابقة وأن يُقَدَّم بين يديه نقد ذاتي حقيقي لكل الخطابات والمتون السياسية التي أنتجها العقل الجمعي لحزب العدالة والتنمية بخصوص هذه المسألة".

ولم تقتصر الانتقادات على قواعد حزب العدالة والتنمية، بل إن عبد الصمد الادريسي، عضو الأمانة العامة للحزب، اعتبر في تدوينة له على "فيسبوك" أنه "في منطق السياسة تغيير الموقف 180 درجة يقتضي نقاشا سياسيا يجيب على سؤال، ما الذي تغير؟".
وتابع "البام الذي أفسد العملية السياسة منذ 2007 هو نفسه لم يتغير.. فإذا كان اليوم يعيش أزمة انفجار من الداخل، فلا معنى لإعطائه ترياق الحياة".

 كواليس التحالف

 على إثر استقالة الياس العماري، الأمين العام السابق لحزب الأصالة من رئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة، أعلنت وزارة الداخلية في 17 من أكتوبر الجاري عن شغور منصب رئيس الجهة، وفتحت باب الترشح للمنصب.

 وبحسب المعطيات المتوفرة، فإن التوجه السائد داخل مجلس جهة طنجة تطوان كان هو الحفاظ على الأغلبية السابقة برئاسة فاطمة الحساني، الشيء الذي دفع حزب العدالة والتنمية بالجهة إلى إصدار بلاغ يوم 20 أكتوبر الجاري جاء فيه فيه أن "الاستمرار في منطق خلق أغلبيات هجينة هو تكرار لنفس سيناريو 2015 مع ما ترتب عنه من هدر للزمن التنموي، خاصة وأن هذا المسار يخالف مسار الديمقراطية الجهوية والمحلية ويضرب أسس بناء جهوية متقدمة حقيقية كما دعا إليها جلالة الملك  نصره الله في مختلف المناسبات"، كما رشح الحزب سعيد خيرون لمنافسة "البامية" فاطمة الحساني على رئاسة الجهة.

موقف "البيجيدي" دفع أحمد الإدريسي القيادي في الأصالة والمعاصرة إلى ربط الاتصال بمسؤولي العدالة والتنمية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، حيث تم عقد لقاء في منزله، تم خلاله عرض المشاركة على المصباح.

وبناء على ذلك، أحاط قياديو المصباح بطنجة الأمين العام للحزب سعد الدين العثماني علما بالعرض الذي تلقوه، هذا الأخير شكل لجنة لدراسة الموضوع، وتقديم الخلاصات النهائية.

وتشكلت اللجنة، التي ظل يشرف عليها العثماني من نبيل الشليح، رئيس فريق العدالة والتنمية بجهة طنجة تطوان الحسيمة والبشير العبدلاوي عضو الفريق وعمدة طنجة، وسليمان العمراني، نائب الأمين العام للحزب.

 وبحسب سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية فإن اللجنة تداولت، وخلصت إلى أنه من مصلحة الجهة أن نكون في التسيير، معتبرا أن هذا التحالف جاء بناء على طلب من حزب الأصالة والمعاصرة، كما أنه تحالف مع باقي مكونات المجلس.

واعتبر العمراني، في اتصال مع "تيلكيل عربي"، أن تحالف مجلس جهة طنجة تطوان هو تحالف محلي هدفه تحقيق التنمية للجهة، وليس له علاقة بما هو وطني، مشيرا إلى أن "البيجيدي" عقد تحالفات في مدن عديدة مع "البام". لكن لماذا تم السماح بالتحالف مع "البام" في طنجة ومنع ذلك في وجدة؟.

يجيب سليمان العمراني أن "التحالفات مثل الفتاوى تقدر زمانا ومكانا وشخصا"، معتبرا أن الذي دفع قيادة الحزب إلى منع التحالف مع "البام" في وجدة هو اختلاف المعطيات، وبالتالي اختلاف التقديرات.

مفاوضات ومصالح

تشير المعطيات التي حصل عليها "تيليكيل عربي" أن المفاوضات مع حزب العدالة والتنمية ظلت سارية إلى غاية صباح أمس الاثنين.

 وبحسب توفيق الميموني، رئيس الفريق الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، فإن العدالة والتنمية لم يعلن موافقته المبدئية على المشاركة في التسيير إلا يوم أول أمس الأحد، كما أن الاتفاق على منحه النيابة الأولى والخامسة لم يحسم إلا يوم أمس الاثنين، أي قبل لحظات من انعقاد جلسة التصويت على منصب رئيس الجهة، حيث سحب مرشح العدالة والتنمية ترشيحه مقابل حصوله على منصب نائب الرئيس.

مصدر آخر، من حزب العدالة والتنمية بجهة طنجة برر تحالف حزبه مع الأصالة والمعاصرة بتغير مجموعة من المعطيات على صعيد الجهة، وكذا استحضار معطيات أخرى.

 أولى هذه المعطيات، بحسبه، أن إلياس العماري لم يعد له وجود في المجلس، ليس هو فحسب، بل حتى المناصرين له، أما المعطى الثاني، فيتمثل في ضرورة تكسير خطة حزب التجمع الوطني للأحرار الذي كان قائده محمد بوهريز يسعى للحصول على منصب النائب الأول، وعمل ما في وسعه لاستبعاد العدالة والتنمية.

 ويرى توفيق الميموني أن تحالف "البام" و"البجيدي" جاء من أجل ايقاف التطاحنات الحزبية والانكباب على إيجاد حلول تنموية لفائدة الجهة، واصفا الأمر بالإيجابي.

 وأضاف "هذا التحالف محكوم بسياق محلي وجهوي خاص، لكن من المؤكد أن تدبيره تم من طرف القيادات الحزبية على المستوى الوطني".

 من جهة أخرى، اعتبر مصدر قيادي من حزب التجمع الوطني للأحرار أن مشاركة "البيجيدي" في تشكيلة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة أمر يتجاوز التنسيق المحلي، ويتجاوز التجمع الوطني للأحرار محليا، مشيرا إلى أن اتخاذ مثل هذا القرار لا يمكن أن يتم على مستوى جهة طنجة.