تقرير منظمة إسرائيلية يتهم المقررات التعليمية المغربية بـ"معاداة السامية"

تيل كيل عربي

رضوان بنتهاين - متدرب

استنتج تقرير أصدرته حديثا المنظمة الإسرائيلية الغير الحكومية (Impact-se)، حول دراسة للمقررات المدرسية المغربية المتعلقة بالعلوم الإنسانية فيما بين سنتي 2013م و2022م (استنتج) بأن المغرب قد قطع أشواطا كبيرة في تكريس خطاب وقيم التسامح في منظومته التعليمية، كما يُتوقع منه المزيد من التحسن في هذا الشأن مستقبلاً، إلا أنه لا يزال في حاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتحسين صورة اليهود في المناهج الدراسية.

وسَعَت الدراسة إلى تقييم حضور قيم الانفتاح والتسامح في الخطاب الدراسي المغربي فيما يتعلق بالتسامح الديني، والتعايش الثقافي، والتمثيل النسائي، بالإضافة إلى السياسة والقيم الديمقراطية، مع الاعتماد على تأويل المنظمة الغير الحكومية للمعايير المعتمدة والمعبر عنها من طرف الأمم المتحدة، بالإضافة إلى التعليمات والوثائق الدولية حول السلم والتسامح، وخصوصا معايير السلم والتسامح بالمدرسة المعتمدة من طرف اليونسكو.

ترسيخ قيم التسامح

ويشير التقرير إلى ربط المقررات الدراسية لقيم التسامح الديني والعرقي بالتعاليم الإسلامية، فيصبح فعل تقبل الآخر، على كل من المستويات العرقية والدينية والوطنية وغيرها، فعلا ذا طابع ديني، بحيث يتم الاعتماد على قصص وعبر دينية من أجل ترسيخ قيم التسامح والتعايش، كما تصور المقررات قيم التسامح مع الآخر كقيم جذرية للهوية المغربية، بحيث يصبح التسامح فعلا وطنيا.

وفي هذا السياق يستحضرُ التقرير التمثيل الأمازيغي بالمقررات المغربية، بحيث يعد، إلى جانب التمثيل اليهودي، موضوعا أساسيا ومتكررا في البرامج الدراسية المغربية، والتي تسعى إلى تصوير الأمازيغ كقطيعة أساسية من الدولة المغربية.

وأضاف التقرير بأنه بالرغم من عدم تناول المسيحيين والصحراويين والمهاجرين بنفس العمق المخصص لليهود والأمازيغ، فإن تمثيلهم يبقى إيجابيا.

 إلا أن المقررات، على حسب التقرير، لا تعالج موضوع معاداة السامية في التاريخ المغربي، بحيث وجدت الدراسة بأنها لا تغطي هجرة اليهود و"اختفائهم الشبه كلي" بالقرن الـ20، كما لا تعترف بالمحرقة اليهودية، زيادة على عدم بذل جهد كاف لتجنب بعض المحتويات الدينية التي قد تستعدي اليهود بشكل مباشر أو غير مباشر.

اعتبار الآخر كشخص

وفي هذا الصدد، أفاد التقرير بأن المقررات الدراسية المغربية تمثل على نطاق واسع الآخر بشكل فردي على مستوى الصور والنصوص المعتمدة، زيادة على اعتماد أمثلة لشخصيات بارزة لكل من اليهود والأمازيغ والنساء.

نبذ الكراهية وعدم التحريض على العنف

 بناءا على إفادة التقرير، تبقى المقررات الدراسية المغربية خالية من أي تحريض مباشر على العنف. إلا أن التقرير يشير إلى اعتماد المقررات على بعض من النصوص الدينية بشكل حرفي بدون اعتماد أي تأويل، بحيث تحي إلى أن الغير المسلمين سيعاقبهم الله على عدم إيمانهم، وغالبا ما يتخذ هذا العقاب صورة الحرق الأبدي في الجحيم.

السلام والحياد

ويوضح التقرير في هذا السياق بأن المقررات الدراسية تشيد بانفتاح المغرب على العمل الدبلوماسي مع عدد كبير من الدول ومشاركته في مختلف المواثيق الدولية، وعلى رأسها تلك المتعلقة بحماية البيئة.

ويشير التقرير إلى تدعيم المقررات الدراسية لقيم السلام عن طريق استحضار أمثلة من التاريخ الإسلامي كصلح الحيدبية بالإضافة إلى ترسيخ مبادئ الاحترام والمساومة ونبذ العنف.

كما ينتقد التقرير التمثيل المعادي لإسرائيل الذي تظهره هذه المقررات في سياق الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إلا أنه أشار إلى حذف بعض العبارات كـ"الجرائم الصهيونية الفضيعة" في بعض من النسخ الأخيرة.

تمثيل الجنس والهوية

وفي هذا الصدد، يشيد التقرير بـ"تقدمية" المقررات المغربية، مشيراً إلى العرض المكثف للشخصيات النسائية البارزة على مستوى مجالات متعددة، من بينها التاريخ والعلوم والرياضة، بحيث تلعب دور نماذج تتحدى التصورات التقليدية الرجعية المقيدة لدور المرأة في المجتمع. كما تعتمد المقررات على مصادر مناصرة لحقوق المرأة وتعالج قضايا تعليم المرأة والعنف ضد النساء وغيرها. إلا أن التقرير يذكر بعدم قيام المقررات بتحدي دور المرأة التقليدي في البيت بشكل مباشر وتقوم بتكريسها.

التوجه الجنسي

يجب على البرنامج أن يكون خاليا من أي محتوى يشجع على التمييز ضد الآخر بناءا على توجهه الجنسي. ويفيد التقرير بأن المقررات المغربية لا تحرض على التمييز ضد الأقليات الجنسية، ولكنها لا تعترف بوجود أفرادها.

التعاون والازدهار السليمين

 يذكر التقرير بحرص المقررات المغربية على تثمين وتوطيد صورة المغرب كدولة في حالة سلم مع ذاتها ومع العالم، مع اعتبار الاختلاف على المستوى الوطني كمصدر قوة وجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية المغربية.

مع الاعتماد على هذه المعايير، استنتجت الدراسية بأن المغرب غالبا ما يفي بالمعايير الدولية للسلام والتسامح على المستوى الديني والعرقي والثقافي بالإضافة إلى المساواة بين الجنسين.

كما أفاد التقرير بامتياز المغرب على جيرانه باحتوائه على مقررات تقوم بتشجيع التلاميذ على التفكير النقدي فيما يخص العلاقة بين الدولة والمجتمع، كما تغطي البرامج التظاهرات والاضطرابات الاجتماعية الماضية التي عرفتها البلاد، مع شمل عبارة "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان."