انتهت الأمانة العامة للحكومة من صياغة مشروع القانون الاطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي. "تيل كيل عربي"، حصل على نص المشروع، ووقف على أبرز خطوطه، ومن بينها وضع أولى لبنات إنهاء مجانية التعليم، مع التنصيص على إلزاميته وإعادة تنظيمه، فضلاً عن معايير جديدة لتعلم اللغات من بينها الأمازيغية. كما جاء المشروع ولأول مرة، بفتح التعليم الأولي في وجه جميع أبناء المغاربة.
ويأتي مشروع القانون لترجمة الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين، التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، تحت عنوان من أجل "مدرسة الانصاف والجودة والارتقاء.
مشروع القانون الجديد نص على عدد من المستجدات التي طالما كانت متار خلاف بين حساسيات المجتمع المغربي، خاصة ما يتعلق بمجانية التعليم، ولغة التدريس.
بداية نهاية المجانية
مشروع القانون الجديد الذي اطلع عليه موقع "تيل كيل عربي"، نص على مقتضيات جديدة من شأن تطبيقها أن ينهي مجانية التعليم، على الأقل بالنسبة لعدد من الأسر المغربية، خاصة الميسورة منها، والتي ترك تحديدها لنص تنظيمي سيصدر مستقبلا.
وتنص المادة 42 من المشروع على أن "الدولة تواصل مجهودها في تعبئة الموارد وتوفير الوسائل اللازمة لتمويل منظومة التربية والتكوين والبحث العلم، وتنويع مصادره، ولا سيما تفعيل التضامن الوطني والقطاعي، من خلال مساهمة جميع الأطراف والشركاء المعنيين، وخصوصا منهم الأسر الميسورة، والجماعات الترابية، والمؤسسات والمقاولات العمومية والقطاع الخاص".
ونصت المادة 45 من نفس القانون على أن "الدولة تعمل طبقا لمبادئ تكافؤ الفرص على إقرار مبدأ المساهمة في تمويل التعليم العالي بصفة تدريجية، من خلال إقرار رسوم للتسجيل بمؤسسات التعليم العالي في مرحلة أولى، وبمؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي في مرحلة ثانية، وذلك وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي، مع الأخذ بعين الاعتبار مستوى الدخل والقدرة على الأداء".
اقرأ أيضاً: أطر تربوية: الدخول المدرسي فاشل
إلزامية التعليم
مشروع القانون الذي يأتي بعد موافقة الملك محمد السادس على الرؤية الاستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حسم الجدل حول إجبارية التعليم بالنسبة للأطفال البالغين سن التمدرس. و يبدأ، بحسب مشروع القانون من أربع سنوات إلى تمام 15 سنة.
كما نص المشروع على أن إلزامية التعليم تقع على عاتق الدولة والأسرة أو أي شخص مسؤول عن رعاية الطفل قانونا، ملزما الدولة بتحقيق هذا الهدف داخل أجل لا يتعدى ست سنوات.
اقرأ أيضاً: الدولة تبدأ أولى خطوات إنهاء مجانية التعليم
إعادة تنظيم التعليم المدرسي
ومن بين المستجدات التي جاء بها مشروع القانون إعادة تنظيم التعليم المدرسي، ويشتمل التعليم المدرسي على التعليم الأولي، والتعليم الابتدائي والتعليم الإعدادي، والتعليم الثانوي التأهيلي.
وبموجب القانون الجديد، سيتم إرساء التعليم الأولي وفتحه في وجه جميع الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين أربع وست سنوات ودمجه تدريجيا في التعليم الابتدائي في أجل أقصاه 3 سنوات، ويشكلان معا "سلك التعليم الابتدائي"، كما سيتم ربط التعليم الابتدائي بالتعليم الإعدادي في إطار سلك التعليم الإلزامي.
وبخصوص التكوين المهني، نص المشروع على إرساء روابط بين التعليم المدرسي والتكوين المهني ودمجهما في تنظيم بداغوجي منسجم من خلال إحداث مسار للتعليم المهني يبتدئ من التعليم الإعدادي وتعزيز سلك التعليم الثانوي التأهيلي بتنويع مسالكه والإعداد للتوجه نحو متابعة الدراسة بالتعليم العالي أو بالتكوينات المهنية التأهيلية والتعلم مدى الحياة.
اقرأ أيضاً: العثماني يلغي عتبة 45 سنة للعمل في قطاع التعليم
لغات التدريس
في هذا الصدد، نص المشروع على ضرورة اتقان المتعلم للغتين الرسميتين، العربية والأمازيغية، وكذا اللغات الأجنبية، ولا سيما في التخصصات العلمية والتقنية.
وبناء على ذلك، نص المشروع على ضرورة اعتماد اللغة العربية لغة أساسية في التدريس، كما نص على تطوير اللغة الأمازيغية في المدرسة ضمن إطار عمل وطني واضح ومتناغم مع أحكام الدستور، باعتبارها لغة رسمية للدولة، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، كما نص على تدريس بعض المضامين أو المجزوءات في بعض المواد بلغة أو لغات أجنبية، مشددا على أن الطالب الحاصل على شهادة البكلوريا يجب أن يكون متقنا للغتين أجنبيتين على الأقل، إضافة إلى العربية والأمازيغية.
اقرأ أيضاً: عزيمان يطرح وصفة مجلس التعليم لتجاوز شلل البحث العلمي
تحدي القضاء على الأمية
وكان القضاء على الأمية من بين الأهداف الاستراتيجية التي نص عليها مشروع القانون الجديد.
ونصت المادة 20 من مشروع القانون المذكور على أن الحكومة تعمل بشراكة مع جميع الهيئات العامة والخاصة وفعاليات المجتمع المدني على اتخاذ جميع التدابير اللازمة، لضمان استدامة التعلم والقضاء على الأمية ومسبباتها ومظاهرها، وذلك في أجل أقصاه ست سنوات.
وبحسب المادة ذاتها، فإن الحكومة ملزمة بإعداد مخطط عمل ذي أولوية يكتسي طابعا استعجاليا، وذلك بهدف تقليص النسبة العامة للأمية، وتعبئة الموارد المالية اللازمة وتعزيز الشراكات وتكثيف التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، لتمويل برامج ومشاريع محو الأمية.
كما أصبحت ملزمة، حسب القانون ذاته، بتشجيع الاقبال على التعلم والتثقيف، واستعمال الوسائل البيداغوحية والتكنولوجية الحديثة لهذا الغرض، وإعداد برامج خاصة لمحو الأمية لفائدة غير المتعلمين من أصحاب المشاريع المدرة للدخل، وادراج الاستفادة من هذه البرامج ضمن شروط تمويل مشاريعهم.
من جهة أخرى، ألزم مشروع القانون الحكومة بوضع مشاريع تهدف إلى تعزيز وتنمية قدرات الأشخاص المتحررين من الأمية، قصد تمكينهم من الاندماج المهني والاقتصادي، لضمان انخراطهم في الحياة العملية وعدم الارتداد للأمية.
اقرأ أيضاً: بلافريج: يجب أن يساهم أثرياء المغرب بإرثهم لتمويل التعليم
مخطط لإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة
إلى ذلك، نص مشروع القانون على ضرورة تعبئة جميع الوسائل المتاحة، واتخاذ التدابير اللازمة لتيسير اندماج الأشخاص في وضعية إعاقة أو في وضعية خاصة في منظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، وتمكينهم من حق في التعلم واكتساب المهارات والكفايات الملائمة لوضعيتهم.
وألزم القانون الحكومة بوضع مخططا وطنيا متكاملا خلال أجل ثلاث سنوات للتربية الدامجة للأشخاص في وضعية اعاقة أو في وضعية خاصة.