دراسة عالمية.. مواد سامة في لعب الأطفال تسوق بـ26 دولة إفريقية من بينها المغرب

أحمد مدياني

كشفت اختبارات أنجزت على عينات من لعب الاطفال ومنتوجات أخرى ذات الاستعمال اليومي، في تونس وفي بلدان إفريقية أخرى، من بينها المغرب، وجود مستويات خطيرة من "الديوكسين المبروم"، وهي مواد كيميائية سامة تعرف بتأثيرها ومضارها على صحة الأطفال، بما في ذلك النمو العصبي والغدة الدرقية.

وشملت العينات أجريت عليها الاختبارات، لعبة شطرنج تم الحصول عليها من الأسواق التونسية، وغطاء للرأس من المغرب في إطار دراسة عالمية حول "تفاعل الأنشطة المماثلة للديوكسين في المنتجات الاستهلاكية والألعاب مع الغدة الدرقية".

وتم نشر نتائج الدراسة على مراحل منذ شهر غشت من العام الجاري.

وبعد نشر الدراسة، يتم في تونس، حاليا، تنفيذ مشروع تحليل للملوثات العضوية الثابتة في ستين لعبة تباع في الأسواق المحلية، ببادرة من جمعية التربية البيئية للأجيال القادمة، وهي منظمة غير حكومية تعمل في إطار الشبكة الدولية للقضاء على الملو ثات (IPEN).

وقد أظهرت التحاليل، التي أجريت في أحد المختبرات التونسية، تلوث الألعاب بمواد سامة "لا يمكن أن تتأتي إلا من التدوير السام للبلاستيك"، وفق معطيات نشرتها الجمعية. وسيتم نشر التقرير النهائي لهذه التحاليل خلال الأشهر القادمة.

"نبهنا إلى هذه المخاطر الصحية على الأطفال منذ العام 2012". يقول وديع مديح رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك في تصريح لموقع "تيلكيل عربي".

وأضاف: "ليست وحدها لعب الأطفال التي تحتوي على مواد سامة، بل يمكن أن نجدها في بعض الأدوات المدرسية والأواني البلاستيكية. ورغم وضع قانون صارم من طرف وزارة التجارة قبل سنوات، يلزم الموردين بضرورة احترام دفتر تحملات صحي يهم المواد المستوردة، إلا أن عددا منها لا يزال يدخل السوق المغربية بطرق غير قانونية".

وأوضح رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، أن "المواد المهربة لا تزال تغزو السوق الوطنية".

هنا وجه "تيلكيل عربي" السؤال للمتحدث ذاته، حول المسالك التي تدخل عبرها إلى المملكة، ومنها تجد طريقها إلى الأسواق، وكان جوابه، أن "عددا من المهريين أصبحوا يلجؤون لمعبر الكركارات الحدودي".

"نعم، المواد المهربة أصبحت تأتينا من جنوب المملكة، ومن يوردونها يستغلون غياب المراقبة الصارمة بمعبر الكركرات، وغياب الوسائل والآليات والتقنيات لضبطها". يوضح وديع مديح.

كما تطرق في هذا الصدد، إلى "استمرار استيراد عدد من المواد المحظور دخولها إلى المغرب، عبد المسالك البحرية. لا نزال نعاني من ضعف الرقابة ويمكن القول التساهل مع بعض الموردين لقاء مقابل مادي".

كما ربط رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، استمرار تسويق منتجات مضرة بالصحة العامة للمغاربة، بضعف القدر الشرائية، وإقبال المغاربة عليها لرخص سعرها، مقارنة بالمواد التي تخضع في صناعتها وتوريدها وتسويقها للمعايير الصحة والسلامة المفروضة دوليا وليس في المغرب فقط.

وبالعودة للدراسة العالمية، فإن العينات المستخدمة في الاختبارات، أظهرت أنها تحتوي على مستويات من "الديوكسين المبروم"، تتجاوز الكميات المسموح بها يوميا والتي يمكن لطفل يبلغ من العمر 12 سنة أن يأخذها عبر الفم أثناء اللعب، بألعاب مصنوعة من البلاستيك.

وكشفت الدراسة المذكورة عن وجود مواد سامة، بما في ذلك مواد كيميائية محظورة عالميا، في الألعاب وغيرها من المنتجات المصنوعة من النفايات الإلكترونية المعاد تدويرها، والتي تسمى "البلاستيك الأسود". وتم إقتناء الألعاب التي خضعت للإختبار من 26 دولة أفريقية من بينها المغرب، ومن آسيا وأوروبا وأمريكا.

في السياق ذاته، أفادت رئيسة جمعية التربية البيئية للأجيال القادمة (تونس)، سامية الغربي، وهي من بين القائمين على الدراسة العالمية المنشورة في غشت 2023، أن نتائج الدراسة كشفت عن "خطر غير مقبول، خاصة بالنسبة للأطفال، الذين من المرجح أن يلعبوا بالمنتجات الاستهلاكية البلاستيكية المصنوعة من النفايات الإلكترونية المعاد تدويرها".

وقد أظهرت نتائج الاختبارات، أن الأطفال الذين يلعبون بألعاب مصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره قد يتعرضون لمواد كيميائية سامة، تتجاوز مستويات السلامة المعتمدة في الاتحاد الأوروبي. ويكمن الخطر في أن السلوكيات الفموية النموذجية للأطفال، الذين يلعبون بالألعاب البلاستيكية المعاد تدويرها، تساهم بشكل كبير في تناولهم اليومي للمركبات الشبيهة ب"الديوكسين" شديدة السمية وغيرها من المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء.

من جهته، كشف الدكتور بيتر بينيش، من مختبر أنظمة الكشف الحيوي في أمستردام، وهو أحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة، أنه "عندما يتم إعادة تدوير المواد البلاستيكية من النفايات الإلكترونية، يتم نقل المواد الكيميائية، التي تحتوي عليها إلى منتجات جديدة مصنوعة من المواد المعاد تدويرها".

وقال بيتر بينيش إن الدراسة تحاكي "التأثير الواقعي للمنتجات المصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره من النفايات الإلكترونية على الخلايا البشرية من خلال تحليل الأنشطة السامة، التي تعطل الهرمونات".

وأضاف المتحدث ذاته: "لقد صدمنا عندما اكتشفنا أن الأطفال يمكن أن يتعرضوا لكميات كبيرة من المواد الكيميائية شديدة السمية من البلاستيك المعاد تدويره".

وكشفت الدراسة، أيضا، وجود مستويات كبيرة من "رباعي بروموبيسفينول"أو "رباعي البروم ثنائي الفينول"، وهومركب بروم عضوي يمكن أن يسبب استخدامه غير المحكم في اختلال الغدد الصماء كما يمكن أن يؤثر على وظيفة هرمون الغدة الدرقية ويرتبط بالسرطان والسمنة وله آثار جانبية على الانجاب.