أسابيع قليلة تفصل عشاق الساحرة المستديرة بالقارة السمراء، عن الحدث الكروي الأبرز في إفريقيا والذي سيجمع 24 منتخباً من جميع أرجائها تحت لواء النسخة الـ 32 لنهائيات كأس أمم إفريقيا، والتي تستقبلها الأراضي المصرية للمرة الخامسة في تاريخها، بين 21 يونيو و19 يوليوز.
المنتخب الوطني المغربي، يدشن بدوره مشاركته بنسخة 2019، للمرة الثانية توالياً تحت قيادة الفرنسي هيرفي رونار، بعد أن سجل حضوره بنسخة الغابون، وغادرها من دور ربع النهائي، بعد سقوطه أمام فراعنة مصر.
"ذكريات الكان"، تستضيف في حلقاتها الأولى، نبيل باها، الدولي المغربي السابق الذي كان حاضراً بنهائيات نسخة 2004 رفقة جيل وصل آنذاك إلى مباراة النهائي، تحت قيادة بادو الزاكي، وثلة من النجوم الشباب الذين صنعوا الحدث بالبطولة الكروية، ليعود بنا إلى تفاصيل طبعت مشاركته بكأس أمم إفريقيا، وأبرز الذكريات التي يحتفظ بها، وأيضاً ليسلط الضوء على توقعاته بخصوص مجموعة الأسود لـ 2019، بعد أن وضعت القرعة رفاق مهدي بنعطية في مواجهة أمام الكوت ديفوار، جنوب إفريقيا، ثم ناميبيا.
*حدثنا عن مشاركتك بنسخة 2004 لكأس أمم إفريقيا؟
إنها مشاركة خاصة بالنسبة لي، كنا 22 لاعباً أو بالأحرى محارباً، محركنا حب الوطن وهدفنا كان إسعاد الجماهير المغربية التي غمرتنا بدعم كبير، رغم أن العديد منا دشن في هاته النسخة مشاركته الأولى ببطولة من قيمة "الكان".
أتيح لي اللعب لدقائق قليلة كبديل في أبرز مباريات كأس أمم إفريقيا، لكن أؤكد بأنها كانت الأفضل في مسيرتي الكروية، وخصوصاً الهدف الذي سجلته في الشباك أمام مالي، في مباراة نصف النهائي.
لقد كان جيلا "استثنائيا" بكل المقاييس، وجمع بين الخبرة وحماسة الشباب، بقيادة بادو الزاكي، الذي يعود له الفضل في تقديم مجموعة متناسقة، حققت الكثير في تلك النسخة.. كنا نستحق التتويج.
*كيف تلقيت الدعوة للعب "الكان" مع هذا الجيل الذهبي كما سميته؟
وصلني اتصال هاتفي من مسؤول بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ليقول بأننا ضمن القائمة النهائية التي ستذهب إلى تونس لتمثيل المغرب بالبطولة القارية.
شعرت بمسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقي، واتصلت مباشرة بوالدي (تغمده الله برحمته)، لأزف له الخبر الذي كان ينتظره، منذ أن اخترت أن أكون لاعباً لكرة القدم، كان فخوراً جدا بي.
*ما هي الذكريات التي لن تمحى من ذاكرتك خلال البطولة القارية؟
لا يمكن اختصارها في شيء واحد ولا حتى في 10أشياء، لقد كنا نعيش أجواء حماسية، أتذكر جيداً بأن الوقت الذي لم نكن متدرب فيه، كنا نقضي أوقاتا ممتعة، كنا نستمتع بكل دقيقة، خصوصاً في معسكر ماربيا.
وعند ظهور ملامح المجموعة لبدأ غمار "الكان"، احتفظنا دائماً بتلك الروح المرحة داخل المعسكر، ووقت الجد كنا في الموعد.
*علاقتك ببادو الزاكي في ذلك الوقت ، كيف كان يدبر المجموعة خلال فترة "الكان"؟
يمكن القول إنه كان صارماً إلى أبعد الحدود، يضبط كل شيء خلال تجمع ما قبل "الكان" وبتونس، التي استضافة البطولة القارية الأبرز سنة 2004، لكن وسط الشخصية القوية والصرامة التي كان يفرضها، كان شخصاً يمكنه بكلمة واحدة أن يحفزك على تقدرم كل شيء بالملعب، له تأثير خاص علينا في تلك الفترة.
بفترة كأس أمم إفريقيا كنت في سن الـ 23، وأنتم تعرفون أنه سن الحماس والاندفاع، خصوصاً وأنني قدمت من فريق كنت أشارك رفقته أساسياً، لأصطدم في المباراتين الأوليتين بدور المجموعات بعدم الاعتماد علي، لقد جاء الناخب الوطني الزاكي ليحدثني على انفراد، بخصوص الأمر، كان شخصاً متفهماً.
ردي عليه هو أنني لا مشكل لدي، كما قلت له أني مستعد في أي توقيت يريد لأكون عند حسن ظنه، ليمنحني في المباراة التي يليها 4 دقائق، أتذكرها جيداً، لكنني خلالها سجلت، وكانت كافية لأشكره على الثقة التي منحني إياها.
*بين 2004 و2019، كيف ترى حظوظ الأسود اليوم؟
لأكون صريحاً، المنتخب المغربي الآن يتوفر على جميع المقومات لينافس بشراسة بداية من شهر يونيو المقبل في مصر، لاعبون، مدرب، إمكانيات ودعم جماهيري، لا أرى شيئاً ينقص المغرب للبصم على حضور استثنائي في هاته البطولة.
أما عن القرعة التي وضعتنا في مواجهة ثلاثي قوي، فأرى بأن الجدية والعمل سيعبران بنا إلى الدور الموالي، دون نقاش.
*هل تقصد بأن المغرب سيشارك بنسخة مصر وهو مرشح للظفر بها؟
ولما لا، كل شيء جيد والمهم بأن هيرفي رونار يتوفر على مجموعة متكاملة، قضى لاعبوها مع بعضهم فترة ليست بالقصيرة.
المغرب لديه لاعبون محترفون بحس عال، وأيضاً محليون بقيمة الكبار، وهذا كل ما يحتاج إليه أي مدرب للدخول ليس فقط مشاركاً بل منافسا ونداً قويا بكأس أمم إفريقيا.
*عودة إلى مشوارك، كيف كان التحول في مسيرتك من لاعب محترف إلى عضو بالطاقم التقني لفريق الفتح الرياضي؟
لم يكن أمراً صعباً بالنسبة لي، وأعترف بأنني ولحدود الساعة لا أصدق بأن مشواري الكروي انتهى وأنا أعمل ضمن الطاقم التقني المساعد لوليد الركراكي بالفتح، والذي كان زميلاً في نسخة 2004 أيضا بكأس أمم إفريقيا.
كنت محظوظا كلاعب، بعد احترافي بعدد من الأندية كمالقا وأثينا ومونبولي، وأنا اليوم محظوظ لدخولي عالم التدريب واشتغالي مساعداً ثانياً بفريق مغربي، إنها البداية فقط وأريد أن أكسب خبرة وتجربة في الميدان، لأني أتنفس كرة القدم، وليس فقط أنني كنت جزءاً منها يوماً ما كلاعب.
*هل ستوافق على أن يواصل إبنك مشواره الكروي بالمغرب، أم انطلاقته يجب أن تكون من أوروبا كوالده؟
حالياً، هو يستمتع بكرة القدم، ولا شيء غير ذلك.
عن مستقبله الكروي فأنا أراه مازال بعيدا، من المغرب أو أوروبا، المهم بأنني سأواكبه وأدعمه، ليطور من موهبته ويكون لاعباً محترفا.