يتجه المغرب نحو تبني نظام مرجعي موحد لأسعار العقارارت Référentiel des prix de l’immobilier unifié، ما من شأنه أن يوضح العلاقة بين الإدارة الجبائية والمنعشين العقاريين، غير أن مثل ذلك التوجه يمكن أن يفيد الأسر الراغبة في شراء سكن، على اعتبار أنها ستكون على بينة من أسعار العقار المرجعية، حيث ستساعدها على الحصول على أسعار توافق انتظاراتها. هذا ما يؤكده وديع مديح، رئيس جمعية المستهلكين المتحدين في الحوار التالي...
وعدت وزارة الاقتصاد والمالية، بمناسبة المناظرة الوطنية للجباية، بوضع نظام مرجعي موحد لأسعار العقار، حيث سيجمع بين ماسارت عليه الإدارة العامة للضرائب وما درجت عليه المحافظة العقارية. ما فوائد هذا النظام بالنسبة للمستهلك؟
وجود نظام مرجعي موحد حول أسعار العقارات بالمغرب عامة، والمدن خاصة، سيعطي فكرة حول صحة قطاع العقار. فأنا عندما أهتم بشراء عقار بأحد أحياء الدار البيضاء مثلا، سأعود إلى السعر المرجعي الموحد، فإذا كان في حدود 12 ألف درهم، وعرض على الشخص عقار بسعر 17 ألف درهم، سيكون بإمكانه الاحتجاج بـ"الباروميتر" المتمثل في النظام المرجعي للأسعار، الذي سيجري تحيينه كل ستة أشهر.
لايقتصر الأمر على إعطاء فكرة حول السعر المعمول به بمنطقة من المناطق، بل إنه عندما يتعلق الأمر مع الإدارة الضريبية، يدفعني النظام المرجعي إلى معرفة ما سأؤديه كواجبات جبائية سلفا، فعندما يكون النظام المرجعي يحدد السعر في حدود 12 درهم للمتر المربع في منطقة من المناطق، ستحتسب الضريبة على أساس ذلك السعر إذا بعت بأقل من 12 ألف درهم، وسأؤديها على أساس 14 ألف درهم، إذا بعت بذلك السعر مثلا.
وجود نظام مرجعي موحد حول أسعار العقارات بالمغرب عامة، والمدن خاصة، سيعطي فكرة حول صحة قطاع العقار.
ماهي المعايير التي يفترض اعتمادها في تحديد النظام المرجعي لسعر العقارات؟
يفترض في النظام المرجعي الموحد، الذي سيشرع في العمل فيه في ماي الحالي بالدارالبيضاء، قبل تعميمه على جميع مناطق المغرب، أن يحدد على أساس موقع العقار وجودة الخدمات المقدمة لمستعمليه وحتى القرب من بعض الخدمات العمومية، مثل النقل. فعبر هذا النظام، سنتفادى الغموض الذي يلف القطاع، على اعتبار أننا لا نعرف المعايير التي، على أساسها، يتم تحديد سعر العقارات بالمغرب. و حبذا لو لم يقتصر هذا النظام المرجعي على العقارات بالمغرب، بل يمكن استلهامه من أجل العمل به في قطاعات أخرى.
كيف سيمكن ذلك النظام من تجاوز سلبيات النظامين المرجعيين للأسعار اللذين كانت تحتكم لهما كل من المحافظة العقارية والإدارة العامة للضرائب؟
لقد افتقدنا للشفافية والوضوح في سوق العقارات، عندما كانت المديرية العامة للضرائب تعمل بنظامها المرجعي الخاص بها حول أسعار العقارات، وعندما كان المحافظة العقارية تستند لنظام مرجعي خاص بها، فالتضارب في التقديرات بين المؤسستين، وما يترتب عنها من نتائج بالنسبة للملزم بالضريبة، وحتى المستهلك، كان يشيع حالة من الغموض في سوق العقارات، الذي يعاني سلفا من ظواهر نالت من الثقة التي يفترض أن تسود في المعاملات بين الأشخاص. وأتصور أن توحيد النظام المرجعي بين الإدارة الجبائية والمحافظة العقارية سيساهم في تحييد الفروقات في التقديرات ويساعد على توضيح الأمور.
توحيد النظام المرجعي بين الإدارة الجبائية والمحافظة العقارية سيساهم في تحييد الفروقات في التقديرات ويساعد على توضيح الأمور.
أرى أن التقارب بين الإدارة الجبائية والمحافظة العقارية، اليوم، سيساعد على تفادي الحالات التي يرى فيها الملزم أن الإدارة الجبائية بالغت في تقديراتها لما يجب عليه أن يفي به من ضرائب برسم معاملة عقارية، فمساهمة المحافظة العقارية، سيساعد الإدارة الجبائية على الإحاطة بشكل دقيق بسوق العقارات والأسعار، بالنظر لتوفر المحافظة على إمكانيات كبيرة، يحد من المراجعات التي يتخوف منها الملزمون.
لكن يتجلى أن النظام المرجعي الموحد يراد من ورائه توضيح العلاقة بين الإدارة الجبائية والمنعشين العقاريين والمستثمرين، ألا تلاحظون أن المستهلك ثانوي في هذه العملية؟
سيبث النظام نوعا من الثقة بين المنعشين العقاريين والإدارة الجبائية، هذا هو الهدف الأول، غير أنه يمكن، عبر التوجه الجديد، أن يستفيد المستهلك، الذي ستتكون لديه فكرة حول السعر المعمول به في منطقة من المناطق، حيث سيتفادى التساؤلات حول مدى السعر الذي يطلب منه بذله من أجل شراء عقار ما، في الوقت نفسه، إذا باع شخص بسعر دون ما يحدده النظام المرجعي أو بسعر أعلى، فإنه سيكون عليه تقديم مبررات ذلك. فإذا كان النظام المرجعي يحدد سعر 12 ألف درهم للمتر المربع في منطقة ما، وأراد منعش بيع عقار بـ14 ألف درهم في نفس المنطقة، فإنه سيكون عليه توضيح الاعتبارات التي تبرر ذلك سواء في البناء أو الخدمات، والتي تتجاوز مايحددها النظام المرجعي. وهذا يخدم مصالح المستهلك.
إذا باع شخص بسعر دون ما يحدده النظام المرجعي أو بسعر أعلى، فإنه سيكون عليه تقديم مبررات ذلك.
كيف يمكن التعريف بوجود النظام المرجعي لأسعار العقارات؟
يجب على الجهات المعنية التحسيس بأهمية النظام المرجعي للأسعار، هذا عمل يفترض أن تقوم به وزارة الاقتصاد والمالية بمعية المحافظة العقارية، وقد يتم التنسيق من أجل ذلك مع جمعيات حماية المستهلك مثلا. فنحن نرى اليوم كيف تعمل المحافظة العقارية، عبر وسائل الإعلام، خاصة المرئية منها، على التحسيس بأهمية شهادة الملكية وسبل سحبها، ويمكن نهج المقاربة ذاتها، عندما يتعلق الأمر بالنظام المرجعي للأسعار، كي تصل إلى المستهلك النهائي، الذي يفترض أن يعلم بوجود النظام المرجعي للأسعار، الذي يجب أن لا يسود الاعتقاد بأنه وضع بهدف محاصرة الغش الضريبي فقط، بل لا بد من توضيح أنه مفيد للمستهلك، الذي يمكنه استعماله عند الرغبة في شراء عقار، علما أن المنعش العقاري سيكون عليه الامتثال للحدود التي يضعها النظام، وإلا سيكون عليه أداء الفرق من جيبه في علاقته بالإدارة الجبائية. يجب أن نتجه نحو الشفافية في السوق، فلا شىء يمنع المنعش العقاري من تحقيق أرباح، لكن لا بد أن يكون ذلك ضمن حدود معقولة.