اقتصاديون: مليون مسكن غير مباع بالمغرب.. وأسر فقيرة ومتوسطة تنتظر "الفرج"

إمكانية تخفيض الحد الأدنى للوحدات السكنية الواجب التعاقد بشأنها  إلى مائة
المصطفى أزوكاح

"عندما يكون العقار على ما يرام، يكون كل شيء على ما يرام".. تلك اللازمة التي كان يرددها الفاعلون الاقتصاديون في القطاع خلال سنوات خلت، لم تعد ذات معنى في المغرب اليوم، خاصة في ظل المفارقات التي تخترق قطاع العقار، الذي يعاني من ركود لا تفسره انتظارات الأسر.

هذا ما تجلى، خلال الندوة التي نظمتها رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، أمس الأربعاء بالدار البيضاء، حيث جرى التداول حول دراسة أنجزها اقتصاديو حزب الاستقلال حول العقار.

مؤشرات مقلقة

وتشير العديد من المؤشرات إلى الظرفية المتدهورة في القطاع منذ 2012، وهي الوضعية التي أفضت إلى تراجع فرص العمل فيه بـ70 ألف بين 2011 و2014.

ويشير رئيس الرابطة عبد اللطيف معزوز إلى أن إنتاج السكن تراجع بـ51 في المائة منذ 2011، في الوقت نفسه، الذي انخفض عدد الأورش المفتوحة.

وسجل أن استهلاك الإسمنت انخفض بـ3,6 في المائة في العام الماضي، علما أن ذلك الاستهلاك تراجع بـ3 ملايين طن في الثمانية أعوام الأخيرة.

ويعتبر الاقتصادي المتخصص في قطاع العقار إدريس الفينا أن تراجع استهلاك الإسمنت يؤشر على الركود الذي يعرفه قطاع البناء، مقارنة بقطاع الأشغال العمومية.

ويشير معزوز إلى أنه في الوقت الذي يصل العجز على مستوى المساكن إلى 400 ألف، يبلغ عدد المساكن غير المأهولة مليوني وحدة، حسب المندوبية السامية للتخطيط.

ويوضح معزوز أن مليونا من تلك المساكن غير المأهولة، هو عبارة عن مخزون من الشقق تشكل لدى المنعشين العقاريين ولم يتأت بيعه.

ويلاحظ أن 1,56 مليون من المساكن غير المأهولة توجد بالمدن، حسب المندوبية السامية للتخطيط، ما يمثل ثلاثة أضعاف العجز الملاحظ على مستوى المساكن.

ويرى الفينا أن القطاع يعاني من عدم وضوح الرؤية، التي يفترض أن توفرها وزارة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة، معتبرا أن الفاعلين الاقتصاديين يوجدون في حالة انتظارية.

أسر تنتظر

ويذهب معزوز إلى أن هذا الوضع يفسر بالفارق المتنامي بين الطلب والعرض غير المستجيب لانتظارات الأسر، بل إن الطبقة الوسطى لا تتوفر على عرض كاف يراعي خصوصياتها.

ويشير، عند التطرق لتفسير الوضع الذي يعرفه القطاع، إلى هوامش الأرباح التي يحرصها عليها منعشون عقاريون، ما ينعكس على الأسعار، ناهيك عن الكلفة وشروط التمويل الضاغطة.

ويشدد معزوز على مشاكل الجودة، وعدم احترام آجال السليم، وعدم مهنية الإنعاش العقاري، مشيرا إلى أن الإكراهات الجبائية عززت عدم ثقة المشترين المحتملين.

ويذهب أمين النجار الذي قدم دراسة رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين إلى أن هناك عدة فرص للنهوض بقطاع العقار، خاصة في ظل عجز سكني مقدر بـ400 ألف وحدة سكنية، وطلب اجمالي مقدر بأكثر من 1,5 مليون وحدة سكنية، حسب وزارة الإسكان والتعمير.

ويوضح أن الطلب يهم بنسبة 40 في المائة السكن الاجتماعي، ويتعلق بنسبة 15 فيي المائة بالسكن المنخفض التكلفة، و14 في المائة بإسكان الطبقة المتوسطة، بينما يمثل الإيجار نسبة 13 في المائة.

دعم خجول

تؤكد دراسة الرابطة على ضعف التدابير الحكومية المتخذة لإدارة بعض المشاريع الرائدة التي يمكن أن تساهم أو تساعد في اخراج القطاع من الركود.

وتتحدث عن شبه توقف لنموذج السكن الاجتماعي، وتخل واضح عن نموذج الإسكان لذوي الدخل المنخفض، وعدم توفير منتوج خاص بالطبقة المتوسطة.

وتسجل عدم توفير منتوج للتأجير مثير للاهتمام، وآمن يمكنه التغلب على صعوبات الوصول الى السكن، وحدوث تأخر مقلق في  برامج مكافحة السكن غير اللائق.

وتلاحظ عدم استجابة النظام البنكي في دعم التمويل للأسر ذوي الدخل المحدود، خاصة في ظل تراكم قروض يصعب استردادها على مستوى السكن الاجتماعي.

مقترحات للإنعاش

ويعتبر معدو الدراسة أنه يتوجب إتباع نهج جهوي، لتحديد الجهات التي لديها حاجة حقيقية للسكن الاجتماعي والتي باستطاعتها جذب المنعشين العقاريين للاستثمار فيها.

ويرون أنه يمكن في هذه الحالة الحفاظ على النظام الضريبي الحالي، وذلك في جهات محددة، لخلق فرص الشغل واللجوء إلى شركات البناء المحلية واستعمال مواد بناء محلية.

ويوصون باقتراح مساكن بأثمنة معقولة لفائدة الطبقة المتوسط، في إطار عقد شراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام، بشروط تفضيلية ومواصفات تراعي انتظارات تلك الطبقة.

وتؤكد الدراسة على ضرورة تشجيع المؤسسات العامة والخاصة على اقتناء المساكن الفارغة، وتطويرها وإعادتها الى سوق الإيجار، كأن توضع رهن إشارة الطلبة مثلا.