رابطة المهندسين الاستقلاليين تقترح خطة عمل للنهوض بقطاع اللحوم الحمراء

تيل كيل عربي

خديجة قدوري-صحافية متدربة

اقترحت رابطة المهندسين الاستقلاليين، خطة عمل للنهوض بقطاع اللحوم الحمراء من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي وضمان مستقبل غذائي آمن.

وأوضح بلاغ للرابطة أن الهدف من الخطة "هو المساهمة في إرساء سيادة غذائية مستدامة وفعالة لقطاع اللحوم الحمراء في المغرب من خلال تحديث الإنتاج، وتدبير معقلن ومستدام للموارد، والحد من الاعتماد على الاستيراد، وتشجيع الاستهلاك المحلي، من أجل جعل هذا القطاع يقاوم أفضل التأثيرات المختلفة والمتنوعة للجوانب السالفة الذكر ويعتمد أكثر على الذات".

وللحد من ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء دعت الرابطة إلى "تعزيز نظام المساعدات المالية المقدمة من طرف الدولة لفائدة صغار مربي الماشية باعتبارهم المزودين الرئيسيين للأسواق الوطنية من اللحوم الحمراء، ودعم استيراد اللحوم المجمدة الحلال من أجل تحسين العرض في السوق الوطنية، مع تعزيز مراقبة الجودة وشروط السلامة الصحية لهذه اللحوم المستوردة، تشجيع تنويع مصادر اللحوم من اللحوم البيضاء والأسماك والأرانب لتعويض الخصاص المسجل في اللحوم الحمراء...".

وأورد البلاغ إجراءات من أجل تنمية مستدامة للإنتاج الحيواني من لحوم حمراء وحليب، والتي تتجلى في "تنظيم المنتجين داخل تجمعات مهنية فعالة ومستدامة من أجل تأطير أفضل لفائدة الكسابة الصغار بغية تحسين الإنتاجية وظروف التسويق وإحداث تجمعات جديدة لمربي الأغنام والماعز الغير منخرطين في برامج تحسين النسل، والرفع من نسبة عرض الماشية أمام لجان الانتقاء والوشم إلى 60 في المائة من إجمالي القطعان التي يتم تأطيرها في برامج تحسين النسل".

إضافة إلى "وضع برنامج تأطير واستشارة جديد للإشراف والتوجيه وتقديم المشورة للمنتجين والرفع من مهاراتهم التقنية فيما يخص أفضل الممارسات في تربية الماشية بهدف تحسين الإنتاجية والدخل، تقوية برامج التحسين الوراثي وتطوير السلالات المحلية التي أبانت على قدرة عالية في مواجهة ظروف التنشئة الصعبة (الأغنام والأبقار والماعز والإبل) وإعادة إطلاق برنامج تحديد ترقيم الماشية..."

واستعرضت الرابطة كذلك إجراءات تدبير الموارد الطبيعية للتخفيف من آثار التغيرات المناخية، و المتمثلة في "تطوير أنظمة إنتاج مستدامة وفعالة باستعمال جيد للموارد الطبيعية وخفض تكاليف الإنتاج الحيواني؛ اعتماد ممارسات زراعية مستدامة للحفاظ على خصوبة التربة ومنع التدهور البيئي لضمان استقرار الإنتاج على المدى الطويل، إرساء نظام تحفيزي لمربي الماشية للانخراط في برامج التغطية الصحية والتأمين وخاصة الفئات الصغرى باعتبارهم يستغلون النسبة الكبيرة من عدد القطعان ولهم تأثير كبير على تزويد ضيعات التسمين من أجل الحد من تعرضهم من المخاطر التي يمكن أن تحدق بهم خلال مراحل الإنتاج".

ووفقاً للمصدر نفسه إن "القطاع الفلاحي يواجه حالياً أزمة غير مسبوقة، تتجلى في عدة تحديات رئيسية، من أبرزها: تحدي النمو الاقتصادي واتساع رقعة الفقر الذي يطال سكان العالم القروي، وكذا تحديات المخاطر الطبيعية والتصحر، بالإضافة إلى تحدي الاستدامة ومشكلة ندرة المياه وتأثيراتها على الأجيال القادمة".

وذكر المصدر أن "التحديات التي يواجهها القطاع الفلاحي تتجلى بشكل واضح في عدة عوامل رئيسية حيث أظهرت أن البرامج السابقة لتنمية ثرواتنا الحيوانية وسلاسلها الإنتاجية أظهرت محدوديتها في ضمان الأمن الغذائي من اللحوم الحمراء وبالتالي العجز عن تلبية احتياجات المستهلك من جهة وتحسين مستوى المعيشة بالعالم القروي وإحداث طبقة متوسطة من مربي الماشية".

إضافة إلى ذلك فإنه "لم يتم التعامل الجيد والفعال لتدبير هده المرحلة والتي سجلت ارتفاعا ملحوظا في أسعار المواد الغذائية، وخاصة اللحوم الحمراء، وعرفت كذلك توقعات غير دقيقة لانخفاض الأسعار حيث تم تسجيل ضعف في التواصل الكافي خلال فترات هذه الأزمة مما لم يساعد على بعث الطمأنينة لدى المواطن. كما كان للإجراءات التحضيرية لعيد الأضحى تأثير سلبي كذلك على سوق اللحوم الحمراء".

وفي سياق متصل، نوهت الرابطة إلى أن" توالي سنوات الجفاف جعلت قطاع اللحوم الحمراء يواجه حاليا العديد من الإكراهات ونقاط الضعف، ومنها محدودية حجم الضيعات الفلاحية، حيث أن 85 في المائة من منتجي قطاع اللحوم الحمراء من صغار الفلاحين؛ وارتفاع تكلفة أعلاف الماشية حيث تمثل نسب ما بين 60 في المائة إلى 70 في المائة من تكلفة إنتاج اللحوم الحمراء في المغرب. مع العلم أن جزءا كبيرا من هذه الأعلاف يتم استيرادها من الخارج، كما أن ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج لها ارتباط وثيق بتقلبات السوق الدولية، ما يؤثر بشكل مباشر على سعر اللحوم الحمراء في السوق الوطنية".

كما أبرز البلاغ أن "الحالة الحرجة لاحتياطاتنا المائية قد وصلت إلى أدنى مستوياتها، وذلك مع توقف شبه كامل للسقي في العديد من الأحواض الزراعية السقوية حيث لا يتعدى مستوى الملء الحالي للسدود نسبة 28.5 في المائة، مما أدى إلى انخفاض الأنشطة الزراعية وفقدان عدد كبير لفرص الشغل بالعالم القروي، وتدهور مقلق للغطاء النباتي بالمناطق الرعوية. ووجب التذكير بأن ضعف إنتاجية الزراعات الخريفية والربيعية، بسبب قلة التساقطات المطرية، لم يساعد على إعادة بناء وهيكلة قطعان الماشية بل على العكس انخفضت بشكل كبير، على مدى السنوات الثلاث الماضية".

وعرجت الرابطة على أن " كل هذه الإكراهات لم تساعد على النهوض وإقلاع الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء وضمان تزويد السوق الوطنية رغم استيراد الأبقار والأغنام. ما أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار، حيث وصل ثمن الجملة في الأيام الأخيرة إلى مستويات تراوحت ما بين 85 و100 درهم للكيلوغرام الواحد من لحوم الأبقار وما بين 90 إلى 120 درهم للكيلوغرام الواحد من لحوم الأغنام، وقد ساهم هذا الارتفاع في انتشار الشعور بانعدام الأمن الغذائي".

وعزت الرابطة هذا الارتفاع في "الأسعار بشكل رئيسي إلى الزيادة المذهلة في أسعار علف المواشي، التي وصلت الآن إلى ما يقرب 88 في المائة وانخفاض أعداد الماشية بنسبة 50 في المائة تقريبا على مدى السنوات العشرين الماضية، حيث انتقلنا من 6.2 مليون رأس في عام 2000 إلى أقل من 3.2 مليون رأس في عام 2020 وفقدان 150 ألف رأس من الأبقار الحلوب بين عامي 2020 و2022، وبالتالي وقع الضغط على ذبح الأصناف الأخرى من الماشية وخاصة الأغنام والماعز لتعويض الخصاص من اللحوم"

إضافة إلى ما سبق، "فإن مربي الماشية لإنتاج الحليب، ومعظمهم من صغار المنتجين (90 في المائة منهم يتوفرون على أقل من عشرة رؤوس)، وقد كانوا هم الموردون الرئيسيون لمراكز جمع الحليب، وواجهوا أزمة جمع منتجاتهم من قبل الشركات المصنعة لعدة أسباب منها التقنية والاقتصادية والظرفية، زيادة الى ارتفاع تكلفة تحويل فائض المنتوج إلى مسحوق الحليب مقارنة مع ثمنه عند الاستيراد، حيث اضطر العديد من المنتجين إلى بيع قطعانهم أو تخفيض أعدادها لاستيعاب تقلص هامش الربح. مما أدى الى فقدانهم لمداخل مالية مهمة".