أكّدت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، أن "الموسم الصيفي تميّز بالعودة إلى الأداء المألوف للقطاع السياحيّ".
وقالت عمور في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أنه "في الوقت الذي تشير فيه جميع التوقعات حول العالم إلى أن العودة لمستويات ما قبل الأزمة لن تكون إلا في أفق سنة 2023، تجاوزت معدلات الانتعاش للموسم الصيفي 80 في المائة، بالنسبة للمؤشرات الرئيسية للقطاع"، مضيفة "أننا اقتربنا، بالنسبة للبعض، من نسبة انتعاش في حدود 100 في المائة، لاسيما في ما يتعلق بتوافد السياح على المراكز الحدودية".
وتابعت أن "3,2 مليون سائح اختاروا الوجهة المغربية، من بينهم مليونا مغربي مقيم في الخارج؛ أي حوالي 60 في المائة من الإجمالي، وهي حصة تتلاءم مع ما تم تسجيله في صيف 2019".
ومن حيث المداخيل، كشفت الوزيرة أن "المغرب استرجع أكثر من 80 في المائة، مع 27.3 مليار درهم بالنسبة لهذا النصف الأول من السنة".
وبخصوص استراتيجية الوزارة المتعلّقة بـ"الصمود والانتعاش وإعادة الابتكار"، ردّت عمور: "تهدف الأوراش ذات الأولوية، اعتبارا من أكتوبر 2021، إلى مساعدة المهنيين على مقاومة الأزمة والعمل على استئناف النشاط في القطاع. ولذلك، أطلقنا مخططا استعجاليا بغلاف مالي قدره 2 مليار درهم"، مشيرة إلى أن "نصف هذا المبلغ أتاح تقديم الدعم المالي للمهنيين، إلى حين استئناف النشاط، وكذا الحفاظ على الوظائف".
وذكّرت الوزيرة بأن هذه الإجراءات المتخذة على وجه الخصوص كانت تروم تمديد صرف التعويض الجزافي، البالغ 2000 درهم، لجميع العاملين في القطاع السياحي أولا، وثانيا تأجيل المساهمات المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمدة 6 أشهر، لهؤلاء العمال أنفسهم، ثم ثالثا تأجيل آجال استحقاق القروض البنكية والتكفل بالضريبة المهنية لمدة سنتين".
وأضافت: "أما النصف الثاني من المبلغ؛ أي مليار درهم، فقد خصّص لتحديث منشآت الإيواء السياحي، من أجل تمكينها من إعادة فتح أبوابها في ظروف جيدة. وقد استفادت 737 مؤسسة من الدعم، وفقا لمعادلة وطنية تلبي احتياجات جميع الطلبات الملبّية للشروط. كما تلقت هذه المؤسسات بالفعل 50 في المائة من الدعم وشرعت في تحسين منتجاتها وخدماتها".
وفي ما يتعلق بإعادة الابتكار بالقطاع، فقالت عمور إنه "جزء من توجهاتنا الاستراتيجية ذات الأولوية. فقد أثبتت أزمة "كوفيد-19" أن إجراء تحولات بالقطاع السياحي كان ضروريا من أجل صمود أفضل، من جهة، ولكن أساسا من أجل الاستجابة بشكل أفضل للتوجهات الجديدة التي برزت مع تضمينها في رهانات الاستدامة".
وفي ردّها على استراتيجية الوزارة في ظل الأزمات العالمية التي باتت اليوم مكونا ضمن التوقعات، و"الجائحة" التي أصبحت عاملا هيكليا في المخططات السياحية، قالت الوزيرة: "في مواجهة الأزمات العالمية وأجواء عدم اليقين الناجمة عنها، يجب أن تكون وجهتنا، على غرار الوجهات العالمية، قادرة على الصمود. فقد أظهرت سياحتنا الداخلية، في هذا السياق، صمودا كبيرا خلال الجائحة. وقد كان هذا من بين الدروس الرئيسية للجائحة: أهمية تطوير سياحة داخلية صامدة وشاملة".
وأوضحت أن "استراتيجيتنا للسياحة الداخلية تقوم على تنويع المنتجات، مع التركيز على تلك ذات الولوجية السهلة التي تمكّن كل المغاربة، أيّا كانت قدرتهم الشرائية، من الاستفادة من عروض بلدهم".
وتابعت: "يهمّ هذا الصمود كذلك السياح الدوليين الذين سنكيّف لأجلهم عروض السياحة العالمية، وفقا لشرائح السياح المختلفة وتطلعاتهم الجديدة. هذا التوافق بين العرض والطلب الداخليين والخارجيين يمثل اليوم محور استراتيجيتنا بالقطاع".
وعن أهمية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ودوره في تحسين وضعية الصناع التقليديين، أكّدت عمور أن "القطاعات الثلاثة لوزارتنا تحظى بنفس الاهتمام والجهد. الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني هما قطاعان في غاية الأهمية وعرفا عدة أوراش استراتيجية. بالنسبة للصناعة التقليدية، فقد أطلقنا السجل الوطني للصناعة التقليدية من أجل تحديد الصناع التقليديين والإسراع في تسجيلهم في ورش تعميم التأمين الإجباري على المرض، الذي يقوده الملك محمد السادس. وشهد هذا الورش الذي يحظى بالأولوية، تعبئة الجميع لتحديد الصناع التقليديين وتسجيلهم على مستوى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وإلى غاية اليوم، تمّ تحديد أكثر من 622 ألف صانع تقليدي، بما في ذلك ما يناهز 360 ألف مسجلين مسبقا لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي".
وتابعت: "كما نواكب الصناع التقليديين من أجل تسويق منتجاتهم في الأسواق الكبرى، وكذا إلكترونيا مع شركاء للتجارة الإلكترونية. وفي هذا الإطار، قمنا بتوقيع اتفاقيات مع مجمل غرف الصناعة التقليدية لإعطاء دفعة لترويج وتسويق المنتجات بمختلف الجهات. كما يقوم أحد أهدافنا الاستراتيجية للقطاع على الرفع من حجم الصادرات. ولأجل ذلك، فإن الصناعة التقليدية المغربية حاضرة بقوّة في الوقت الراهن، على المستوى الدولي، في إطار المعارض. وعلاوة على ذلك، ارتفعت الصادرات في نهاية ماي الماضي، بنسبة 30 في المائة مقارنة بسنة 2021؛ مما يدل على انتعاش نشاط القطاع. أما بالنسبة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فيشمل اليوم 47 ألف تعاونية تضم 700 ألف متعاون. وقد أعطيت الأولوية لمواكبة وتكوين المتعاونين لمساعدتهم على مواجهة مختلف التحديات، ولاسيما في ما يتعلق بالتمويل والتسويق. وإلى غاية الآن، تم تنظيم أكثر من 600 دورة لفائدة 16 ألف متعاون. ومن جهة أخرى، يجري العمل على مشروعين رئيسيين، يتعلق الأمر بإعداد استراتيجية القطاع لإدراجه في النموذج التنموي الجديد وإصلاح إطاره التشريعي والقانوني لتعزيز مساهمته في الاقتصاد الوطني".
وعن آفاق القطاع، ختمت الوزيرة الحوار بالقول إنها "آفاق جدّ واعدة"، مضيفة أن "الفترة الصيفية أثبتت لنا ذلك. فلم تعد سمعة الوجهة المغربية في حاجة لإثبات ذاتها، وذلك بفضل كل التدابير التحفيزية التي اتخذتها المملكة، لاسيما إطلاق التأشيرة الإلكترونية، وكل جهود الترويج، وتحسين تجربة المسافر. نحن نعرف الآن ما يتطلع إليه السياح المحليون والدوليون بفضل الدروس المستفادة من الأزمة. كما تتمتع بلادنا بكل المؤهلات السياحية لترتقي إلى مرتبة الوجهات العالمية الأولى. وعلى السياحة في المغرب، كما هو الشأن في كل أنحاء العالم، أن تكون أكثر استدامة من أجل الاستجابة للتحديات الراهنة والمستقبلية، ومواكبة الطلبات والتوجهات الجديدة للمسافرين، وأن تكون أكثر صمودا من أجل التمكن من مواجهة كل أزمة محتملة".